بين الحين والآخر نقرأ خبراً رسمياً يقول بأن فلاناً من المديرين العامين قد أُعفي والسبب ضعف الاداء، أي ضعف أدائه كمدير عام وهو بطبيعة الحال رأس هرم تنفيذي في هذه المؤسسة او الهيئة او الإدارة او تلك.
من حيث المبدأ، العبارة مقنعة وموحية، ولكن من حيث المضمون هي غير مقنعة أبداً، فعلى اعتبار أنه أُعفي لضعف ادائه، ما المحاسبة التي تمت بحقه.. وكم استغرقه هذا الاداء حتى اكتُشف ضعفه.. وما هي المعايير التي وضعت لمراقبة الاداء في الجهات الاخرى قبل مرور بضع سنوات أو سنتين أو سنة حتى اكتُشف ان الأداء ضعيف؟
لا شك بأن هذه المعطيات تعني تراجع إداء المؤسسة او الهيئة التي يتولاها المدير العام ضعيف الاداء، وبالتالي فهناك خسائر إن كان بنزيف الكوادر، وإن كان بالانتاج أو لربما كانت الخسارة في المستوى، وإن وإن وإن وإن..!!
ولكن بالنتيجة: الم تكن كفاءة هذا المدير هي المعيار الأساسي يوم رُشٍّح حتى اختير من اجلها.. وحتى كُلّف بهذا المنصب التنفيذي الحساس الذي يعتبر الأخطر في البلاد تنفيذياً؟!
وعلى الصعيد المقابل كلنا يعرف بأن منصب الوزير هو منصب استراتيجي، وفي كثير من الوزارات يكون المطبخ لدى معاون الوزير الذي يعتبر صلة الوصل ما بين المدير العام والوزير، والذي يكون غالباً رئيساً لمجلس الإدارة في الجهات التابعة، وهنا السؤال: ألم يكن من المنطقي -وكلنا يعرف اوضاع بعض الوزارات- لو أننا قرانا عن معاون وزير أُعفي ايضا لضعف الأداء..؟
المشكلة ليست بالأشخاص والحديث هنا لا يتم عن الأشخاص أو يناقش الأشخاص، بل يناقش الأداء، فالأداء ومهما قيل في أدبيات الإدارة المندرجة ضمن سياسات الاقتصاد الكلي في علم الاقتصاد، لا يمكن إلا أن يكون فيها من الشخصنة الشيء الكثير، لأن خلايا دماغ من يتولى المسؤولية هي التي تفكر تاسيساً على موروثها وتاسيساً على قناعتها، وبهذا الاتجاه تتخذ القرار، وفي الوقت نفسه يتم التعامل مع القرار على انه حيادي ومستقل ومنصف.
القضية هنا هي غض البصر عن كل ذلك إلى حين خروج المدير العام بصيغة ضعف الأداء، فلماذا لا يكون التقييم ربعياً او نصف سنوي او حتى سنوياً، ففي نهاية السنة يُقيَّم حتى لا تزيد مدة إدارته “ضعيفة الأداء” شهراً إضافياً قد يكون شهراً حاسماً في إبرام عقد ما أو في تقييم ما، أو في تنفيذ مشروع ما أو في وضع خطة ما.
لا شك ان الادارة علم قائم بحد ذاته، ولا شك ان نصيبنا من هذا العلم هو نصيب ليس بكبير، وبالتالي لابد من إيجاد معايير تكون دقيقة وموضوعية وتكون قادرة على وضع حد للتكليف او الإسناد وسواها من العبارات المفضية إلى وظيفة المدير العام.
لعل متابعة الأداء بشكل دائم هي مسألة تحتاج إلى مختصين، كما تحتاج التفعيل الحقيقي لأيقونة رضا الموظف بغض النظر عن النواحي المعاشية، لأن المشكلة باتت متعددة الأوجه ومتشعبة ومعقدة جداً جداً، وما من طريقة لحلها تماماً بشكل جذري ومتكامل، وعليه يمكن اللجوء الى حل كل عقدة بعينها كحل وحيد.
الوجود التنفيذي على الأرض والوجود التنفيذي لدى القيادات عالية المستوى هو ولا شك المديرون العامون فليكونوا بذلك محل اللبنة الأولى في الإصلاح الإداري وفي إصلاح الأداء حتى يقوى!