المركزي يوضح ويبرر قلة فعاليتها.. تأثيرات الظروف المالية العالمية خلقت تباين فعالية السياسات النقدية
الثورة – دمشق – مازن جلال خيربك:
اعتبر مصرف سورية المركزي أن الاقتصاد السوري يخضع لتأثيرات الظروف المالية العالمية المتقلبة، على الرغم من صغر حجم الاقتصاد، وقلة قنوات اتصاله باقتصاديات العالم، وعليه تتباين فعالية السياسات النقدية تبعاً لتلك التأثيرات، كما لا يعتمد نجاح فعاليتها على أداة السعر الرسمي للفائدة أو أحد الأدوات الأخرى منفرداً، ولاسيما في ظل ما يعاني منه الاقتصاد من ضعف في الإنتاج واعتماد كبير على الاستيراد، ناهيك عن تباطؤ كبير في النشاط الاقتصادي المحلي مع استمرار هيمنة العقوبات الاقتصادية، الأمر الذي يحد من نتائج تأثير السياسة النقدية المحلية على الدورة الاقتصادية خلال المدى القصير.
التوقف المفاجئ للتدفقات النقدية
المركزي وفي دراسة له حول “دورية السياسة النقدية في الاقتصادات الناشئة” أوضح أن الاقتصاديات الناشئة تشهد فترات متكررة من تدفقات رأس المال الداخلة والخارجة، والتوقف المفاجئ وانعكاس اتجاهها بسبب خضوعها للظروف المالية العالمية المتقلبة، وخلال هذه الفترات تواجه السلطات النقدية مقايضات معقدة، وعلى سبيل المثال وبمراجعة التأثيرات المترتبة على تشديد السياسة النقدية في الولايات المتحدة الأمريكية، والذي أدى إلى تشديد الأوضاع المالية العالمية وتدهور النشاط الاقتصادي، لوحظ في الاقتصادات الناشئة أن البنوك المركزية تستطيع زيادة أسعار الفائدة بالتوازي مع بنك الاحتياط الفيدرالي الأمريكي من أجل تجنّب التقلبات الكبيرة في تدفقات رأس المال وأسعار الصرف، لافتاً إلى أن هذا الاختبار يشير لمحاكاة السياسة النقدية الأمريكية إلى الافتقار لسياسة نقدية مستقلة، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى -وفقاً للمركزي- تستطيع البنوك المركزية تخفيض أسعار الفائدة لتخفيف التدهور في النشاط الاقتصادي المحلي الناجم عن انكماش الطلب العالمي، وتشديد الظروف المالية العالمية.
مدى الاستقلال النقدي الفعّال
المركزي ضمن هذا السياق وفي إطار دراسته هذه أشار إلى ما ركزت عليه ورقة صادرة عن المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية (NBER) من عوامل متعددة منها تعرض البلاد للدورة المالية العالمية، وما إذا كانت تسمح بالاستقلال النقدي الفعال، وكذلك قدرة السياسة النقدية على التأثير على الظروف المالية المحلية وتضعها في مركز الاهتمام، وتدرس السلوك النموذجي لأسعار الفائدة في الاقتصادات الناشئة مقابل التضخم المحلي والنشاط الاقتصادي، وبالاعتماد على قواعد تايلور وكذلك الارتباط بين أسعار الفائدة المحلية والنشاط الاقتصادي المحلي مُقاساً بنمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي.
معاكسة سياسة النقد للدورة الاقتصادية
وأشارت الورقة وفق الأدلة الخاصة بها إلى أن السياسة النقدية المحلية كانت معاكسة للدورة الاقتصادية في الاقتصادات الناشئة والمتقدمة على حد سواء، خلال الفترة الماضية، كما بينت الورقة أن البنوك المركزية تتبع في الاقتصادات الناشئة قاعدة تايلور، فتخفض أسعار الفائدة الرسمية عندما يتباطأ النشاط الاقتصادي من جهة، ومن جهة أخرى فإن سعر الفائدة الرسمية ينتقل بصورة جزئية غير كاملة إلى أسعار السوق قصيرة الأجل.
الاعتماد على الأسواق الدولية
وتفترض الورقة (وفقاً لما أورده المركزي في دراسته) أن عدم الارتباط ينشأ من اعتماد هذه البلدان على الظروف المالية العالمية المتقلبة، ففي أعقاب تشديد السياسة النقدية في الولايات المتحدة الأمريكية، قامت البنوك المركزية في الأسواق الناشئة بتخفيض أسعار الفائدة استجابة لتباطؤ النشاط الاقتصادي، وعلى الرغم من ذلك ارتفعت أسعار الفائدة في السوق على المدى القصير في الوقت ذاته، ما أسفر عن فرض قوة انكماشية على النشاط الاقتصادي، وبالتالي -كما أظهرت الورقة- فإن الانفصال بين أسعار الفائدة الرسمية وأسعار فائدة السوق قصيرة الأجل من الممكن تبريره من خلال نموذج تعتمد فيه بنوك الاقتصادات الناشئة إلى حد كبير على الأسواق الدولية لتمويلها، كذلك سلطت الورقة الضوء على مسائل ذات صلة بالتقلبات الدورية للسياسة النقدية واستقلاليتها في الاقتصادات الناشئة.