أ. د. جورج جبور:
لعل ما جرى في ذلك المقهى الدمشقي يوم 7 نيسان 1947 كان أكثر محاولات توحيد العرب جدية في تاريخ قد يود البعض العودة به إلى عام 1840 أو إلى ما قبل ذلك.
ماذا جرى في عام 1840؟
من المؤسف أن العرب منشدي الشعر لم يمارسوا تدوين التاريخ بنفس اندفاعهم نحو الشعر.
أهم ما بقي من وحدة سورية ومصر في ثلاثينيات القرن التاسع عشر كلمة منسوبة إلى إبراهيم باشا قالها رداً على سؤال: “أين ستتوقف؟”. أي إلى أي مدى جغرافي تطمح؟ يقال: إن ذلك الأرناؤوطي أجاب: “حين تتوقف أذني عن سماع العربية”.
أما المغزى الأهم من التوقف فقد ورد في وثيقة بريطانية محفوظة لها رقم وتاريخ. مؤداها: أيها العثماني.. اجلب اليهود إلى فلسطين ليفصلوا بين سورية ومصر.
كان المجتمعون في مقهى دمشقي يردون بحزبهم على الدعوة البريطانية للعثمانيين للاستعانة باليهود.
في عام 1840 لم تكن هناك حركة صهيونية. لكن ما يماثلها كان ملء السمع والنظر. كان في الجزائر استعمار استيطاني عالجت مشكلته المادة 11 من الدستور.
قلت: المادة 11 من الدستور؟ نعم. وكأنها تأخذنا مباشرة من 7 نيسان 1947 إلى 7 تشرين أول 2023.
كيف؟ أولاً النص ولو من الذاكرة: “يجلى عن الوطن العربي كل من دخله لغاية استعمارية أو عنصرية..”، تلك صلة بين 7 نيسان وبين 7 تشرين.
وفي ما كتبت أسلوب تذكر (7 مع 7) إلا أن فلسفة 7 نيسان 1947 لا تختزل بما ذكرت عن 7 تشرين الأول 2023 وفلسفة ذلك اليوم المستمر معنا.
كلاهما يوم كبير بأثره، أولهما حكم ولا يزال، وثانيهما لا يزال في معركة من الواضح أن من معانيها سؤال يردده ويردد الإجابات المختلفة عليه العالم كله:
لمن الحكم؟ للحق أم للتوحش؟
* رئيس الرابطة العربية للقانون الدولي