الخوف سلاح الفتك الشامل

ديب علي حسن
يقول الفيلسوف برتراند راسل :» الخوف هو المصدر الأساسي للخرافات، وأحد أهم مصادر القسوة، لذا فالانتصار على الخوف هو بداية الحكمة.»
وتروي المأثورات العربية أن الطاعون أراد دخول احد المدن فخاطبه ملك الموت : لا تقضِ على الجميع , إنما النصف , وعندما خرج كان كل من في المدينة قد لقي حتفه , سأله ملاك الموت : لم فعلت ذلك ؟ فرد قائلاً : الخوف أمات النصف الثاني ..
وحين سئل عنترة البطل الأسطوري عن سر هيبته قال : كنت أعمد إلى ضرب الضعيف ضربة يطير لها عقل الشجاع ..والخوف سمة ملازمة للبشر منذ أن كانوا أفراداً وجماعات , وفي المثل العربي ( الخائف يموت مئة مرة قبل موته الحقيقي )
ومن بعده قال أبو تمام في وصف معركة عمورية وقائدها المعتصم :
لَم يَغزُ قَوماً وَلَم يَنهَض إِلى بَلَدٍ
إِلّا تَقَدَّمَهُ جَيشٌ مِنَ الرَعَبِ
لَو لَم يَقُد جَحفَلاً يَومَ الوَغى لَغَدا
مِن نَفسِهِ وَحدَها في جَحفَلٍ لَجِبِ
التقط علم النفس هذه الخاصية وعمل عليها, وكما العادة بدورها عملت مؤسسات البحث العالمية التي تعنى بالحروب النفسية والقيادة والتوجيه والسيطرة على تطوير أسلوب الحرب بالخوف , وهنا يمكن الوقوف إلى ما أشار إليه المفكر الأميركي نعوم تشومسكي , في كتابه :هيمنة الإعلام الإنجازات المذهلة للدعاية – ترجمه الى العربية إبراهيم يحيى الشهابي وصدر عن دار الفكر بدمشق يتحدث تشومسكي كيف استطاع الرئيس الأميركي وودور ويلسون من خلال لجنة (كريل ) أن يزرع الخوف في المجتمع الأميركي ذي النزعة المسلمة حينها ويحوله (شعب هستيري يتاجر بالحرب ويروج لها ويريد تدمير كل شيء ألماني , وتمزيق ألمانيا إرباً إرباً , ويطالبون بدخول الحرب لإنقاذ العالم , كان ذلك إنجازاً عظيماً وقاد إلى إنجاز آخر . ففي ذلك الوقت تماماً وبعد الحرب استخدمت التقنيات ذاتها لإثارة (الرعب الاحمر ) الهستيري كما كان يسمى, والذي نجح إلى حد كبير في تدمير الاتحادات والنقابات, ووضع حداً لإشكالات خطيرة كحرية الصحافة, وحرية التفكير السياسي .. ومن بين الذين أسهموا بنشاط وحماس في حرب ويلسون المفكرون التقدميون والدائرون في فلك جون ديوي الذين كانوا يفتخرون أنه يطلق عليهم ( أعضاء المجتمع الأكثر ذكاء ) ويقصدون أنفسهم وقد استطاعوا دفع الشعب الى الحرب رغم عزوفه عنها , وذلك بفضل تخويفهم وإرهابهم وإثارة التعصب الشوفيني في أذهانهم ).
بدوره المفكر الفرنسي : روبير شارفان عميد كلية الحقوق في جامعة نيس الفرنسية وأستاذ القانون الدولي , طور الفكرة وحلل الخوف في كتابه المهم ( الخوف سلاح سياسي , الحكم هو إثارة المخاوف ثم نشر الاطمئنان )
صدر الكتاب عن الهيئة العامة السورية للكتاب بترجمة د. مروان إسبر , ولأهميته نقف عند خدوطه العريضة
يقدم للكتاب ميشيل كولون بقوله ( ما الشيء المشترك بين العربي والأسود والمسلم واليهودي والمهاجر , والمرأة وانعدام الأمن والفقر والعلم والدين والشيطان والمستقبل والأزمة والشوعية , والإرهاب والشعوبية ؟ إنه الخوف الذي يثيرونه ).
وفي مجتمع يصبح فيه كل شيء مرتبطاً بالمل , يصبح الخوف أيضاً سلعة , يحلل المؤلف جيداً سوق الخوف الجديد هذا ,وهذه المهن الجديدة وهذه الثروات الجديدة القائمة على الهلع المتواصل وليس على السلام ويبرهن المؤلف أن الخوف يكون دائماً أداة أساسية للهيمنة , إنه يعرض بوضوح دور النخب السياسية والإعلامية عبر إشاراته إلى الدور الحاسم الذي أدته الكنيسة فياوروبا المسيحية في إضفاء الشرعية على السلطة السياسية وتعبئة العقول ….
ويطرح شارفان السؤال بشكل مختلف : ما هو خوف هؤلاء الناس؟ ما هو مصدره ؟ عندما نسمع من دون أن ندين وعندما نفكر معاً نستطيع أن نفهم من هم القائمون على تحريك هذا العمل خلف الخوف وما هي مصلحتهم …
والحل : هو نشر الحوار في مساحة أكبر بين كل هؤلاء الذين تسعى السلطة إلى معارضتهم وتفريقهم وتخويفهم , هذا هو مفتاح تغيير المجتمع .
ويبحث الكاتب في تاريخ الخوف – الخوف العصور القديمة والوسطى – من عصر النهضة إلى أيامنا هذه
ويعقد الفصل الثاني تحت عنوان : الإدارة المعاصرة للخوف , وفيه يناقش تطور المهرطقين – المخاوف الحالية وفوئدها – الخوف من الآخر منشؤه وتحديثه – أصل التحيز الجنساني الاجتماعي –
أما الفصل الثالث فهو مخصص لردود على الخوف من خلال العناوين التالية :
القادة المختلفون – أمن الجماعة – المشكلة البيئية كاستعراض – القانون للجميع – نحو الدولة الاجتماعية خطوة كبيرة .وخلاصة قوله : إن فهم الإنسان لخوفه هو الطريق للتحكم به وللتخلص من قيوده .

آخر الأخبار
الجمعة.. البطولة الكروية حلب (ست الكل) الصمت العنوان الأبرز لنادي الكرامة ؟! حطين يُكثف استعداداته للدوري ألكاراز يواصل تألقه وموسيتي يُشعل المدرجات دمج الأطفال بأنشطة حسية ولغوية مشتركة تعزز ثقتهم بأنفسهم     إغلاق مصفاة حمص وتحويل الموقع لمستشفيات ومدارس        لبنان في مرمى العزلة الكاملة.. "حزب الله" يسعى وراء مغامرة وسوريا ستتأثر بالأزمة    وزير الطاقة: تخفيض أسعار المشتقات النفطية لتخفيف الأعباء وتوازن الاستهلاك     الرئيس الشرع: الإدارة الأميركية تتفق مع هذه الرؤية   "مجلس الشيوخ" الأميركي يقرّ اتفاقاً لإنهاء أطول إغلاق حكومي في تاريخ البلاد  درعا تعيد صوت الجرس إلى ثلاث مدارس   أميركا تخطط لبناء قاعدة عسكرية ضخمة قرب غزة بقيمة 500 مليون دولار  وسط صمت دولي.. إسرائيل تواصل انتهاكاتها داخل الأراضي السورية بهذه الطريقة  تعاون مرتقب بين "صناعة دمشق" ومنظمة المعونة الفنلندية  "التربية والتعليم" تعزز حضورها الميداني باجتماع موسع في إدلب 80 فناناً وفنانة في مبادرة "السلم الأهلي لأجل وطن"  خسائر بأكثر من سبعة ملايين دولار بسبب فساد في القطاع العام     ترامب يحذر الشرع من إسرائيل:  هل بقيت العقبة الوحيدة أمام سوريا؟   تنفيذ طرق في ريف حلب ب 7 مليارات ليرة  الكهرباء تكتب فصلاً جديداً في ريف دمشق.. واقع يتحسن وآمال تكبر