الملحق الثقافي-سعاد زاهر:
لطالما كانت الحضارات منبعاً جذاباً لاستلهام أحداث تاريخية تأخذ أبعادها وفقاً للمسارات التي يشتغل عليها سواء أكانت روائية أو سينمائية أو درامية، ولعل في العصر الحالي من أهم المسارات التي اشتغل عليها ما يتعلق بالاستلهام البصري.
ولكن إذا ابتدأنا من النص ألا تبدو أهم مشكلة في استلهام الأعمال التاريخية طريقة الاستلهام لأن التاريخ يكتب وفقًا لانتماءات من يكتبه ورؤاه الخاصة، وحتى شركات الإنتاج أيًا كان نوعها درامية أو سينمائية فهي تتبنى العمل الذي يلتقي مع مصالح المنتجين.
ولكن هل يكفي استلهام الفكرة وكتابة السيناريو، ألا نحتاج إلى صياغة تلك التجارب التاريخية في جماليات تقدم للمشاهد بطريقة متقنة كي تقنعه…؟
وحتى تقدم بجماليات خاصة يحتاج الأمر إلى تحليل تلك التجارب لاكتشاف كيف يمكن أن نثريها كي يبرز الجانب التاريخي بطريقة إبداعية، تتمكن من توظيف محاور الاستلهام توظيفًا فنياً يضمن تحقيق طرفي المعادلة اقتباس البعد التاريخي وتوظيفه بشكل معاصر دون الإضرار بالماضي.
ولكن ألا تعتبر خيانة الماضي أحد أهم إشكاليات الاستلهام التاريخي…؟
وكيف يمكن الالتزام بأحداث الماضي دون الإضرار بمتعة المشاهدة، لا شك أن التعامل مع الأحداث بحذر وأمانة يضفي للمنتج أيًا كان نوعه مصداقية تتيح له العبور إلى ذهن المشاهد، خاصة إن ترافق مع جماليات خاصة.
للأعمال التاريخية متعتها الخاصة، ومشاهد قد يكون في بعض الأحيان نوعياً وربما نخبوي إضافة إلى تقنيات وسينوغرافيا خاصة بالمكان، بالمجمل تحتاج إلى فضاء بصري يمتلك مرجعية ملتزمة تجاه هكذا نوعية من الأعمال، إضافة إلى التكاليف الإنتاجية الضخمة، وربما مجمل هذه الأمور هي التي خفضت إلى حد كبير استلهام تلك الأعمال إلى الحد الأدنى.
العدد 1185 –16-4-2024