الثورة – أيمن الحرفي:
يتباين مفهوم السعادة عند الناس فمنهم من يراها في المال ومنهم من يراها بشراء سيارة أو اقتناء بيت ومن يراها في الأولاد وآخر يجدها في الصحة ومنهم من يراها بالسياحة والسفر وآخر يراها في النجاح سواء في الدراسة أو العمل، إلا أن معظم الباحثين وعلماء النفس اتفقوا على أنها مجموعة من المؤشرات السلوكية التي تنتج حالة من الرضا التام للفرد وسعيه المستمر لتحقيق أهدافه الشخصية في إطار الاحتفاظ بالعلاقات الاجتماعية الإيجابية مع الآخرين، وهذا الاختلاف رأيناه في آراء بعض ممن التقيناهم وسألناهم عن مفهوم السعادة فقالوا.. (سعاد) طالبة جامعية تقول رأيها بالسعادة: (وبالضد تعرف الأشياء، فعندما عشنا الحزن افتقدنا السعادة وفي الضوضاء زاد تقديرنا للصمت والهدوء وكذلك في الغياب عرفنا أهمية الحضور)، أما كامل وهو موظف: (ليست السعادة بالمال ولا بالذهب وإنما بالقناعة والقبول والتفاؤل) وهو يتوافق مع رأي جان دي لا فونتين الذي يقول:” السعادة قناعة فلا الذهب ولا العظمة يجعلنا سعداء”، أما سميرة وهي مدرسة، ترى السعادة في تفوق أبنائها وطلابها والوصول معهم إلى أعلى مراتب النجاح.
أما عبد الغني وهو محامي فيرى السعادة في الأصدقاء الحقيقيين، فعندما تجد صديقاً مخلصاً وفياً مؤمناً بك فقد وجدت السعادة من أوسع أبوابها، أما محمود وهو مهندس برمجيات فيقول: السعادة هي ذلك الشعور المريح الذي يغمرك عندما تدخل البهجة والسرور والفرح إلى قلوب الآخرين، فيما الطبيب مالك فيرى السعادة بالنجاح والتحصيل العلمي أكثر، أما ياسين وهو خريج مكتبات وتكمن سعادته في الكتب فيقول: عندما انغمس في جمع الكتب وقراءتها أكون قد جمعت مفاتيح السعادة.
وتتلخص مفاتيح السعادة عند أرسطو وأفلاطون في أن السعادة نابعة من النجاح الداخلي الذي يشعر به الشخص فهي لا تأتي كهدايا أو مكافآت من الخارج.
يقول سقراط: (سر السعادة ليس في السعي للحصول على المزيد، إنما بتنمية قدرتك مع الاستمتاع بالقليل).
أما أفلاطون فالسعادة لديه شعور الإنسان بالرضا وإنجاز يحققه بنفسه حتى لو كانت مجرد إنجازات صغيرة أو بسيطة كالانتهاء من قراءة قصة مشوقة أو ممارسة رياضة محببة.. ومن أقواله (السعادة معرفة الخير والشر).
بينما خبير التنمية البشرية الشهير الدكتور إبراهيم الفقي فيقول: (إن البعض يظن النجاح سبباً للسعادة ولكن النجاح هو نتيجة للسعادة، البعض يظن أن السعادة في الشهرة ولكن العديد من المشاهير قد انتحروا نتيجة اليأس وعدم الشعور بالسعادة مثل (الفيس برسلي- داليدا وغيرهم من المشاهير).
والسعادة الزوجية الهانئة من دون مشكلات ولا هموم هي الحياة المبنية على الاحترام المتبادل بين الزوجين والحرص على خصوصية الحياة الزوجية، تلك الحياة المبنية على الثقة والأمان والحب والمشاركة في اتخاذ القرارات.
وأخيراً يقولون لك: أسعد الآخرين.. أسعد أبناءك.. أسعد والديك.. لكننا لم نصادف من يقول لنا: أسعد نفسك تلك الفلسفة التي لا يدركها إلا من اكتشف حقيقة الحياة وقيمة الوجود.
الحقيقة التي تقول إن عمرك مجرد أيام معدودة تمضي ولا تعود.. في حياتنا نسعى لإسعاد كل من حولنا.. لكن هل فكرنا أو حاولنا إسعاد أنفسنا.. هل خصصنا جزءاً من وقتنا المهدور في البحث عما يسعدنا ويفرح قلبنا؟.