الثورة- فؤاد مسعد:
يُفاجئونك بطريقة تفكيرهم وآلية تعاطيهم مع مفردات الواقع، وتوقد خيالهم وكيفية تعاطيهم مع الحياة حتى في أبسط الأمور فيها، إنهم أطفال مبدعون سعوا لأن يعبّروا عبر رسوماتهم عما يعتلج في دواخلهم من أفكار ورؤى، فترجموها من خلال خطوط وألوان شكّلت في مجموعها لوحات معرض أقيم في قاعات الصليب المقدس ضمن إطار أنشطتها وفعالياتها، وجاء بعنوان «العائلة أيقونة الحياة».
مئتا لوحة لـ «120» طفلاً تتراوح أعمارهم بين 4 و 16 سنة، حملت تنوعاً كبيراً في طريقة الرسم واستخدام الألوان المختلفة «الخشبية، الأكرليك، المائي، الزياتي، الرصاص»، لوحات اجتمعت حول أهمية ترسيخ مفهوم العائلة، وكل رسمة جسدت معاني عميقة من خلال موضوعها وطريقة تنفيذه، واللافت الطيف الواسع من الرؤى المُقدمة ضمن العنوان العام للمعرض، الأمر الذي منح غنى إضافياً في تجربة تم فيها الجمع بين الحب والشغف وأيدٍ صغيرة سعت نحو الخلق والابتكار.
والدان يحضنان أولادهما ولكل منهما جناح ملاك، هي لوحة قالت عنها الطفلة كريستيل بيرم من الصف الخامس «جاء جناح الأم قصيراً لتحضن أطفالها، وجناح الأب كبيراً ويصل حتى الأرض دلالة على أنه السند للعائلة، أما الهالة التي تعلو رأس كل منهما فترمز لقدسيتهما»، وهي نفسها قدمت أيضاً لوحة رسمت فيها العائلة وسط الطبيعة دلالة على أن الطبيعة أم، وحرصت أن تضع اللون الأبيض على الأشجار رمزاً للنور. في حين رسمت الطفلة سيلينا فرنسيس «الصف الخامس» عيناً كبيرة وداخل البؤبؤ فيها عائلة مؤلفة من «أب وأم وابنهما» وهي لوحة قرأتها بأكثر من معنى، بما في ذلك أن «العائلة مكانها في عين الله الذي يرعاها».
ورسمت الطفلة لاريسا بيرم «الصف الثالث» الأم الحانية التي تهتم بأدق أمور أولادها حتى في وقت راحتها، أما ريتا الشيخ «الصف الثالث» فرسمت العائلة بتشكيل على شكل قلب وأفرادها يحنون على بعضهم بعضاً، في حين قامت الطفلة ستيفاني حداد «الصف التحضيري» بالرسم بكلتا يديها حتى دون فرشاة فأبدعت في لوحات صغيرة تمازجت فيها الألوان بتناسق وانسجام مقدمة خلالها أكثر من فكرة تداعب خيالها الطفولي.
ما رسمه الأطفال يعكس في أحد أوجهه و»ضمن حدود أعمارهم» أفكاراً يمكن أن تصل حد الفلسفة أحياناً في منظورها الأبعد، لما تحمل من معانٍ ودلالات، هم موهوبون صغار يصوغون الحياة بإبداعهم وفكرهم وخيالهم الذي لا ينضب.