الثورة – علاء الدين محمد:
الليرة السورية عماد الاقتصاد الوطني والتعامل بغير الليرة جريمة يعاقب عليها القانون، لهذا من الطبيعي تجريم كل من يساهم في إضعاف عملته والتعامل بعملات أخرى.. فهل التعامل بالدولار بالسوق السوداء مجرد جريمة مالية فقط، أم لها تداعيات أخرى؟.
حول هذا الموضوع أقيمت ندوة حوارية في ثقافي المزه بدمشق شارك فيها القاضي ياسر غازي والخبير القضائي بشار عبد القادر تحت عنوان “مخاطر التعامل بغير الليرة السورية”.
ورأى الخبير الاقتصادي عبد القادر أن التعامل بالدولار بالسوق السوداء ليس جريمة مالية وحسب، بل أراها أكثر من ذلك بكثير، فهي جريمة أخلاقية واقتصادية واجتماعية ودينية، وإن كانت الدولة تجرم وبشدة التجارة بالمخدرات، واضطرت إلى تصعيد عقوبة هذا الفعل المدمر، حتى وصلت بالعقوبة إلى أقصاها، وتتدرج في عقوبة التعاطي للمخدرات من السجن إلى السجن المؤبد مع الأشغال العامة.. فلماذا لا ننظر بنفس النظرة إلى الاتجار بالدولار ونعدد هذه المخاطر لهذه وتلك.
ففي الاتجار بالمخدرات نجد أن الخطر يستهدف المجتمع نفسه أي كل الناس، والمخدرات لا تذهب فقط بعقول متعاطيها ولا حتى بإفلاسهم سعياً وراء (التوهان) المزعوم أو وراء الإجادة الجنسية كما يتوهم البعض، ولكنها تدمر علاقات الأسر والمجتمع كله، إذ نجد الغني يضيع كل ماله من أجل هذه المخدرات، وكم من عائلة فقدت أموالها كالذي أضاع ثروته من أجل لحظة أنس توهمها، ومن هنا كان قرار الدولة الحكم بالمؤبد على من يتاجر بهذه المادة السامة.
ما الذي يفعله الاتجار في الدولار في السوق السوداء؟
في إطار ذلك بين الخبير الاقتصادي عبد القادر أنه حالياً بعيداً عن مفهوم سوء الأوضاع الاقتصادية السورية، وخلل السياسة المالية وغياب رؤية اقتصادية واضحة أو هدف اقتصادي معين، نقول إن الهدف هنا واحد.. فلا أحد ينكر أن التجارة بالمخدرات تؤدي لتدمير المجتمع وأصبحت هذه التجارة هي الأكثر ربحية أو الأكثر عائداً في العالم، حتى رغم الضربات شديدة القسوة التي توجهها الدول المحترمة لمقاومة هذه الآفات الرهيبة.
وعندنا في سورية ليست هناك تجارة رابحة كما تربح الآن تجارة الدولار، ويكفي أن الفرق بين السعر الرسمي للدولار وسعره في السوق السوداء والمضاربات البعيدة جداً عن قيمته في السوق السوداء الرسمية.
وأردف قائلاً: لماذا لا نطبق نظرة المشرع الذي يحكم بالمؤبد على تجارة المخدرات ويحكم بمثلها على تجارة السوق السوداء في الدولار، ما دامت التجارة واحدة، لماذا لا تكون العقوبة واحدة، وهي المؤبد.. ولكن هنا يشترط أيضاً أن تكون لدينا خطة مالية واقتصادية واضحة للحد من الواردات وزيادة الصادرات لتقليل الفجوة بين الصادرات والواردات.. وبالتالي تقليل تصاعد الطلب على الدولار.
أما القاضي ياسر غازي أجاب على العديد من الأسئلة للسادة الحضور، هل حيازة الدولار جريمة في القانون السوري؟
الحيازة المجردة تعتمد الضابطة في عملها على قاعدة أن حيازة القطع الأجنبي لا تشكل جرماً إلا إذا اقترنت بدليل مكتوب أو جرم مشهود، فالحيازة مسموحة ولا من تساؤل قانوني تجاهها.
وأكد القاضي غازي على تجريم التعامل بغير الليرة السورية، وبين أنه في القانون القديم رقم ٣ لعام 2020 العقوبة هي سبع سنوات سجن وغرامة ضعفي المبلغ، وجاء المرسوم رقم (٥) وحدد العقوبات وميزها، بمقدار حجم التعامل، وهنا نفرق بين الحبس والسجن، الحبس عقوبة جنحية والسجن عقوبة جنائية، وبالتالي هنا يجب التفريق بينهما، فكانت العقوبة مهما بلغ حجم المبلغ سبع سنوات حبس، أما الآن حسب مقدار التعامل، السجن المؤقت إذا بلغ حجم التعامل بين العشرة آلاف دولار والـ 50 ألف دولار ٣ سنوات ومن ٥٠ وما فوق ٧ سنوات.
وبالنسبة لإخلاء السبيل غير جائز، وهنا يكون الجزاء من نفس الفعل أي تسديد المبلغ بضعفي المبلغ حتى يسقط الحق العام، والذي يحدد تلك المبالغ هو المرجع القضائي الذي يضع يده على تلك الدعوة.
وأكد القاضي غازي أن الحيازة لا تعد جرماً حسب القوانين السابقة والحالية، لكن يجب أن تصرف بالطرق الشرعية الرسمية للدولة، وقدم مثالاً عن التعامل بغير الليرة السورية، هناك شخص لديه سيارة يريد عرضها للبيع ب ١٥٠٠٠ دولار بعد التفاوض نزلت إلى١٣٠٠٠ دولار باعها والتسليم والاستلام تم تحت جنح الظلام.
وعند عودته للمنزل شاهده ابنه يعد الدولارات اقترب وتفحص فقال له إنه مزور، صعق الأب ولم يتمالك نفسه ذهب إلى الشرطة وقدم معروضاً بما جرى معه، هنا وقع بجرم التعامل بغير الليرة السورية وعقوبتها سبع سنوات سجن وضعف المبلغ المتعامل به، والمحتالين عليه عقوبتهم الترويج لعملة مزيفة، عقوبتها خمس سنوات.