الثورة – لينا إسماعيل:
من منا لم تبهره تلك الأصناف التي لا حدود لنكهاتها من البسكويت الذي غالباً ما تضج به أجنحة العرض في السوبر والميني ماركت!! من منا لم تحرض شهيته تلك الأسماء اللامعة ذات الشهرة العالمية منه، وخاصة مع فنجان قهوة صباحية!!
ولكن هل خطر على بال أحد أن هناك علاقة تاريخية وطيدة بين البسكويت وملوك العالم!.. وأن بسكويت العرب وصل إلى أوروبا عبر الفتوحات الإسلامية..لفتني بالفعل هذه الحقائق التاريخية خلال عملي على مادة اقتصادية حول صناعة البسكويت، وتشير الوثائق التاريخية أن طرائق صناعة البسكويت العربي ومكوناته انتقلت إلى العالم عندما وصل المسلمون عبر سلسلة فتوحاتهم إلى شبه الجزيرة الإيبيرية، وقد واكبها ازدهار تجارة التوابل، ثم أعقب تلك الفتوحات الحملات الصليبية، فانتشرت في جميع أنحاء العالم حتى وصلت إلى شمال أوروبا.
ويذكر أن الملك ريتشارد الأول ملك إنكلترا، والذي يعرف بلقب قلب الأسد أحضر معه خلال الحملة الصليبية الثالثة (1189- 1192) بسكويت المسلمين، وكانت مكوناته مؤلفة من شعير وذرة ودقيق الفول والدقيق العادي، كما ذكرت الكتابات الأثرية الموجودة في دير فادستينا والتي تنسب إلى عام 1444 في السويد، طريقة تحضير بسكويت الزنجبيل.
كما يشير مؤلف العديد من كتب صناعة البسكويت وتقنياته (الدوكان مانلي) في مقالة حول انتشار المطبخ العربي في أوروبا خلال القرون الوسطى إلى أن جذور تقاليد الغذاء الإسبانية ترجع إلى الفينيقيين، الذين بنوا مدينة قادس (cadiz) في العام 1100 قبل الميلاد.. وكذلك الرومان الذين جعلوا من أسبانيا مصدر الغذاء الأساسي لهم ولاسيما زيت الزيتون والقمح.
وبالعودة إلى المصادر المتخصصة نجد أن أصل تسمية البسكويت تعود إلى اللاتينية عبر اللغة الفرنسية المتوسطة، ومعناها المخبوز مرتين، أما في اللغة الإيطالية تعني كلمة (biscotti) نوع من الكعك الصغير المحلى أو المقرمشات.
أما فكرة صناعة البسكويت فقد انطلقت من حاجة القادة و البحارة إلى طعام مفيد ولا يفسد بسرعة كما يسهل حمله، والتنقل به خاصة في الحملات البحرية الطويلة التي قد تستغرق عدة شهور أو سنوات.
وقد جاء في كتاب الطهي الروماني للطاهي الشهير (ماركوس غافيوس أبيشيوس) الطريقة التي اعتمدها الرومان لتحضير البسكويت، كما تشير الوثائق التاريخية إلى أنه في عام 1588 كان على متن السفينة البحرية الخاصة بالملكة البريطانية فيكتوريا رطل كامل من البسكويت، وأنه تم البدء بصناعته هناك خلال فترة حكمها، فقد تم تجهيز البسكويت الخاص بالبحرية الملكية البريطانية بطريقة آلية في الورشة الملكية للتموين التي تقع في (كلارنس) غوسبورت في مقاطعة هامبشاير.
جدير بالذكر هنا أن قطع البسكويت كانت تدمغ بحرف من اسم الملكة ويطبع عليها رقم الفرن الذي خبزت فيه، ويتم تموين السفن البحرية بكميات كبيرة منها.. وهذا يدل على عراقة هذه الصناعة الغذائية وأصولها التاريخية التي استحوذت على اهتمام العالم حتى اليوم.