كانت تتعافى بمصادقة الكتب والقراءة..
ثم اتسعت مساحة التعافي لديها ليصبح الحبّ مركز ومصدر التشافي الأكبر في حياتها.
أما حالياً فهي تتشافى، أولاً وقبل الكتب، والحبّ، بمصادقة نفسها.
كيف ارتدت إلى ذاتها مراراً وتكراراً..
بعد كلّ الكتب التي قرأتْ..
وبعد كل جولات الحبّ التي عاشتْ..!
يبدو لها أن طريق الحبّ يشبه طريق الكتب، فكلا الاثنين يشكّل لها نوعاً من منمنمات (لوحة ذاتية)..
فسيفساء نتقن صنعها بخليطٍ نمزجه ليصبح قواماً واحداً متّحداً.
ومع ذلك تمكّنتْ دائماً من الفصل..
كما لو أنها كانت تخلق حاجزاً أو سدّاً يُبعدها عن التماهي بشخصيات أبطالٍ عاشت معهم وانتشلتهم من بين صفحات الكتب، أو حتى بشخصية الحبيب الواقعي..
نعم تمكّنتْ دائماً من الفصل..
أو وضع حدود.. لدرجة أنها تستغرب حديث البعض عن كون كتابٍ محدّد شكّل شخصيتهم ووعيهم وكان فارقاً.. أو أن لدى البعض الآخر كاتباً مفضلاً..
بينما آخرون لا تستقيم لهم الحياة من دون وجود (الآخر/الحبيب).
لكن.. لماذا تربط الآن بين الكتب “قراءتها”، وبين الحبّ..؟
بعد أن مضى عدة أيام على مرور اليوم العالمي للكتاب، تقرأ الكثير من الكتابات التي نُشرت حول هذه المناسبة..
الأمر الذي استجر ذكرياتها إلى عديد كتبٍ وعناوين عاشت معها معظم سني حياتها..
عاشت معها واقعاً.. بينما في الحبّ يبدو أننا نحياه خيالاً أكثر منه واقعاً..
ومع ذلك يشكّل الاثنان جانباً مهماً من وعينا وأهمية قراءتنا الصحيحة لذواتنا..
مع أنها تقرّ بفضل الكتب، في هذا الجانب، عليها.. لأنها دائماً ما كانت عنصر توازن بالنسبة لها..
أما في الحبّ.. فأحياناً كثيرة ما يسرق “الآخر” توازننا.. وبالرغم من ذلك يحضر كجزءٍ لا سبيلَ لطمسه في منمنماتنا (الذاتية).
لعلنا نتقن أو حتى نبدع بتقديم قراءاتنا لكتبٍ لم تخطر حتى في ذهن كاتبها.. وفي الآن عينه لربما أخطأنا بقراءة الحبّ أو بقراءة أنفسنا بعيني الحبّ..
وعلى رأي “شارلوت ديلبو”،الفرنسية التي اعتقلها النازيون، استمرت بالحياة بفضل قراءة الكتب في زنزانتها، تقول: (شخوص الكتب يمكن أن يصبحوا رفاقاً موثوقين، إنهم مخلوقات أكثر حقيقة من مخلوقات اللحم والدم، لأنها غير قابلة للنفاد، لذلك هم أصدقائي أولئك الذين بفضلهم نرتبط بالبشر الآخرين).
السابق
التالي