عمار النعمة
مهما فاض الحبر بالكتابة والمعاني، ثمة ما هو أكبر بكثير .. إنه يوم الشهداء العظيم، يوم القداسة والطهر والكرامة والعزة والفخار، وحدهم الشهداء يكتبون قصائد العز والعشق للوطن، ويروون ترابه بدمائهم الزكية لتبقى منبتًا للتضحية والبطولة والفداء..وحدهم السباقون لصنع الانتصارات، وصوغ مستقبل كريم لنحيا ويحيا الوطن شامخًا، فتاريخ الشهادة في سورية له حكاية أخرى فهو متواصل عبر التاريخ وحتى اللحظة.
يا أيها الشهداء .. أنتم أكرم من في الدنيا وأنبل بني البشر، أنتم من يحق فيكم كل قول، ألم يصدح بدوي الجبل برائعته حين قال: يعطي الشهيد فلا والله ما شهدت.
عيني كإحسانه.. في القوم إحسانا.
وغاية الجود أن يسقي الثرى دمه.
عند الجهاد ويلقى الله ظمآنا.
كيف لنا أن ننسى للحظة واحدة أننا من يحيا بنبض الدم الذي سال نقياً طاهرًا شفافًا شامخًا، كيف ننسى صوت شاعرنا السوري الكبير سليمان العيسى عندما قال: ناداهم البرق فاجتازوه وانهمروا..عند الشهيد تلاقى الله والبشر.
نعم، هؤلاء الأبطال نادتهم الشهادة فاختاروا دروبها خضراء ونقية، فكما يقول الشاعر سليمان العيسى: دم الشهداء في ربانا.
قناديلاً يضيء بها النضال.
دم الشهداء يا أقلام ..
مداد المبدعين وياخيال
نموت لتزهر الأجيال فينا.
ويضحك في مرابعنا الجمال.
اليوم كما أمس تتواصل صفحات النضال، يكتب فيها السوريون تاريخهم الناصع على امتداد العصور، ففي السادس من أيار عام 1916 تحدى المناضلون الأحرار مشانق السفاح العثماني، فانتصروا لوطنهم .. ذكرى عيد الشهداء ليس اليوم فقط وإنما كل يوم وكل ساعة تتداعى من خلالها إلى الذاكرة بطولات وتاريخ الشعب السوري المقاوم والعظيم الذي لم يهادن يوماً محتلاً أو غازياً، ولم يفرِّط بثوابته وانتمائه.
عشر سنين ونيف من الحرب الظالمة على سورية والسوريون على امتداد الجغرافية السورية يقدمون أنفسهم بكل إرادة وتضحية واستبسال ليصنعوا لنا الغد المشرق .. يوم الشهيد عز وفخر بالنسبة لنا نحن السوريين فالشهادة قيمة القيم، وأسمى ما في الكون، وهل لأحد في الدنيا أن يبذل ما بذله وقدمه الشهداء…