الثورة – رفاه الدروبي:
نسجت أقلام الشعراء والأدباء قصائد وطنية انطلقت من رحم البطولة والفداء لمن رووا تراب الوطن بدمائهم الزكيَّة في مهرجان أدبي عنوانه: “تحية لشهداء الوطن” أداره الدكتور جهاد بكفلوني وأطلقه فرع دمشق لاتحاد الكتَّاب العرب.
رئيس فرع دمشق لاتحاد الكتَّاب العرب الدكتور إبراهيم زعرور أشار إلى أهمية المشاركة، فالذكرى يجب ألا تمرَّ دون تكريم الشهداء في عيدهم لأنّهم رسموا ملامح الوطن منذ أكثر من مئة وعشرين عاماً منذ الشهيد الوطني”يوسف العظمة”، مروراً بقوافل الشهداء إلى اليوم والقافلة تلو الأخرى من أجل أن يبقى الوطن عزيزاً وكريماً وسيِّداً، يملك قراره وكلَّ قدراته: الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، فكلّ القضايا تُشكِّل حالة وطنية.. وبالنسبة لنا مَنْ الأولى أن يعزف لحن الشهيد أكثر من الأديب أو الشاعر أو الباحث أو القارئ أو العاشق.! منوِّهاً بأنَّنا حقيقةً في مهرجان الشعر طُربنا بما سمعنا لأنَّ المناسبة لها قدسيتها.. مناسبة عيد الشهداء والوطن، ونحن نفخر بالوطن وبكلِّ دماء الشهداء الزكية كونها ذهبت وعلَّمتنا كي تبقى سورية موحدة تحت راية علمها ونشيدها الوطنيين وجيشها. بالحبِّ، بالانتماء للوطن وللهوية، بالانتماء للفكر الثقافي التقدمي الوطني العالي المستوى، لذلك اتحاد الكتَّاب العرب معنيٌّ بأن يُقدِّم ويشارك وأن يبتكر ويبدع في المناسبة الوطنية.
وأشادت عضو المكتب التنفيذي في اتحاد الكتَّاب العرب فلك حصرية من خلال مشاركة نخبة من الشعراء المبدعين اليوم كان لها تأثير كبير بما قدَّموه عن الشهادة والشهداء عبر صور شعرية استطاعوا أن يوصلوا الكلمة كرسالة عن دور هؤلاء الشعراء وما قدموه من كل غالٍ ورخيص في سبيل الوطن، لذا يتوجَّب علينا أن نكون على مستوى المسؤولية والواجب، وأن نؤدِّيه على أكمل وجه، ومن خلال مشاركتها بقصة عنوانها طائر الفينيق عكست مجموعة من الصور مازالت في ذهنها، زيَّنت بها الجدران في مناطق من دمشق القديمة، صور لشباب هم براعم لم تتفتَّح بعد، المشهد ترك في نفسها حزناً كبيراً وأرادت أن تحوِّل الكلمات إلى صور مجسَّدة عكست ما اعتراها من أسى لمجرد رؤيتهم، وبالوقت نفسه خلّدتهم.
بدوره الشاعر والناقد محمود حامد رأى بأنَّ ما قُدِّم ليس كتابة بل نزف الشعراء عن فلسطين؛ ولا يمكن أن يكون له اسم آخر في الوجود إلا باسم سورية وفلسطين هما المقومان الأساسيان والشعر والحياة والأبد، مبيِّناً بأنَّ المشاركة تعني أنَّ الوطن يتكلم وينزف عنه، ولذلك يجب أن يقدّم له القليل من الدم ما يوازي جرحه وعرقه وكفاحه عبر الحياة كي يكون الأعلى والأكثر قداسة ليس على الأرض؛ بل رب السماء العلا.
كما أكد الناقد حامد على أنَّ الأدب المقاوم نبع الأرض وخضرتها ونيسانها لا يتكرَّر إلا في الربيع، إنه يُمثِّل سورية وفلسطين الخندق الأول على امتداد الحياة والتراب، ثم أنشد قصيدة عنوانها زينب الفلسطينية:
كم كان حلماً أن أضمَّك يا أبي في العيد
أخطفُ قبلةً أحلى من الريحان منك
وأنت تخطف قبلتين
أن أحتويكَ بساعدين
تتمايلان كوردتين على الضفاف
كم كان حلماً أن أجابه بكَ الدنيا
وأمشي خلف نعلكَ لا أخاف
لكنّهم خطفوك مني يا أبي..
بينما أكَّد الشاعر الدكتور أسامة الحمود على أنَّ كل القصائد المقدَّمة خلال المهرجان تمحورت حول الشهيد والشهادة. إنَّه أقل ما يمكن أن يفعل الشاعر والأديب إما أن يُعبِّر عن تضحيات كبرى قدَّمها الشهداء ذوداً عن حياض الوطن كي نحيا ويحيا الياسمين في بلادنا، وبالتالي كلّ القصائد كانت عن الشهادة والشهيد والمجتمع، وكلّ المشاركين، الشعراء والأدباء، قدَّموا خلاصة ما لديهم من موضوعات الأمسية تجترح كل ما في دواخلنا كي نُعبِّر عن عظمة الشهيد والشهادة كقيمة كبرى لا تعلوها قيمة، مشيراً إلى أنَّ الموضوعات المطروحة أو المناسبات الوطنية في سورية تحتاج من الأدباء لشيء أكثر مما قدَّموه ولا يعتقد بأنَّ هناك سفراً واسعاً من الأدب بكلِّ أصنافه سواء أكانت القصة أم الرواية أم الشعر تحدَّثت عن القيمة الكبرى ولكن مهما قلنا في الاتجاه ذاته لن نفيها حقها لأنها أسمى من أن تقال، ثمَّ شارك بقصيدته “القدس أقرب” أنشد فيها:
فيها النساء تراتيل مقدَّسة
ما أوهنت خصبها في لحظة نوب
تزجى البطولة من أردان يقظتها
ولدانها أسد في مهدها تثب
لم يرضعوا لبناً، بل نخوة وفدا
فليعلمِ الكون ما تقتاته النخبُ
هذي فلسطين ما لانت عزيمتها
يوماً، ولا افترَّ في إصرارها نصبُ
ثم قرأت الكاتبة إيمان بركات قصتين قصيرتين من وحي البطولة والشهادة، الأولى عنوانها: “رسالة من رصاص”، والثانية: “انتظار الورود” وتبعها الشاعر فارس دعدوش بقصيدة عنوانها: “الشهيد” أنشد فيها.
يا بعل هذي الأرض كلَّ حقيقة إلا كزيفٍ
كالحجاب على الحسان
يا فرع فينيق العتيق ترمَّدت
أحلامنا لولاك
ماتت من هوان
يا من صرخت بألف حفل صامت
وصمدت يغنيك اليقين عن العيان.