ناصر منذر:
في ظل أجواء دولية ساخنة، تخيم بظلالها الملتهبة على الواقع العربي الراهن، تعقد القمة العربية في البحرين أعمال دورتها الثالثة والثلاثين، لتلقي المزيد من المسؤوليات على عاتق الدول العربية، للإسراع بمعالجة الأزمات والمخاطر المحدقة التي تهددها في مستقبلها ووجودها، انطلاقا من معالجة أسباب هذه المشكلات والأزمات، حتى تكون النتائج على مستوى تطلعات الشعوب العربية، الطامحة للاستقرار، والعيش الكريم، والتخلص من واقع التجزئة الذي فرضته قوى الاستعمار القديم والحديث، إضافة إلى تحمل المسؤوليات الواجبة بما يتعلق بالقضايا العربية المطروحة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، لاسيما في ظل العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، والدعم الأميركي والغربي المستمر للكيان الصهيوني، وكذلك تحمل المسؤولية بما يتعلق بتحسين مستوى العمل العربي المشترك، والأمن الغذائي العربي.
القمة تعقد اليوم، والعالم يمر بمخاض عسير نحو ولادة نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب، وسط اللهاث الأميركي للحفاظ على الهيمنة الغربية، عبر إشعال المزيد من الحروب في المنطقة، وغيرها على الخريطة العالمية، وسياستها الهدامة تنذر بتوسيع دائرة الحروب، والانزلاق نحو حرب عالمية ثالثة، لن يكون العرب بمنأى عن تداعياتها، ما يجعل من توحيد صفوفهم ضرورة ملحة في هذه المرحلة لمواجهة التحديات المستقبلية التي تهدد الأمن العربي برمته، الأمر الذي يستدعي ضرورة التمعن في قراءة التغيرات الدولية الحاصلة، وتداعياتها، وعواقبها، وانطلاقا من ذلك ضرورة اقتناص القادة العرب الفرصة في ظل هذه المتغيرات المتجهة نحو إنهاء القطبية الأحادية، لإعادة ترتيب الشؤون العربية بعيدا عن التدخل الأجنبي، الأمر الذي سيزيدهم تماسكا وتعاضدا، وقوة يحسب لها ألف حساب على الرقعة العالمية، وهم يمتلكون كل عوامل القوة ليكونوا فاعلين ومؤثرين في مجرى الأحداث، بما يخدم القضايا العربية.
الكثير من الملفات الساخنة، والقضايا الملحة، مدرجة على جدول أعمال القمة، وهذا يحتم ضرورة إيجاد حلول سريعة وحاسمة، واتخاذ قرارات بناءة وملزمة التنفيذ، تسهم في تعزيز التضامن والتكامل العربي، ودعم جهود إحلال السلام والأمن والاستقرار في المنطقة، ولابد من التذكير مجددا على ضرورة تطوير منظومة عمل الجامعة العربية، و آلياتها بما يتماشى مع العصر، فهي بحاجة ماسة إلى سياسة موحدة ومبادئ ثابتة وآليات وضوابط واضحة، وهذا سيمكنها من ممارسة دورها الطبيعي في معالجة القضايا العربية الملحة، وطرح الحلول وفق ما تقتضيه المصلحة العربية العليا، وبحال إصلاح الجامعة آليات عملها، فسيكون لها وزنها وثقلها الكبيرين على الساحة العالمية، بما يضمن للعرب مكانتهم القوية والفاعلة في عالمنا المتغير اليوم.