معد عيسى:
يطالب الصناعيون دائما بحماية المُنتج الوطني من خلال منع استيراد أي مُنتج له بديل محلي، ودائما تستجيب الحكومة لمطالبهم دون أن تضع آلية لمراقبة الأسعار والجودة، وبغض بصر كامل عما يشكلون في السوق ، وهذا جعل بعضهم مُتحكما بالسعر والجودة بغياب أي منافسة، وحتى الحكومة لم تسمع صوت المواطنين المُعترضين على منحهم هذه الميزة دون ضوابط .. والسؤال لماذا وقف الصناعيون هذه المرة ضد فرض الضميمة على الألواح الشمسية رغم أن الأمر لا يحمل صفة المنع التي يطالبون بها دائما لحماية صناعتهم؟.. وهل لأنها شركة وطنية مشتركة وليست لأحد الأشخاص؟ أم لأن كثيرا منهم يحمل صفة صناعي وتاجر، وقسم منهم مسؤول عن كميات كبيرة من الألواح المستوردة بدون أدنى مواصفة وضمان؟.
هناك مثل بريطاني يقول : “المواطن الفقير يشتري السلعة الأغلى” لأن السلعة الأغلى تكون بكفالة طويلة وجودة عالية وبالتالي بدل أن يشتري المواطن السلعة كل سنتين بسعر مُنخفض ، يشتريها مرة كل عشر سنوات بسعر مرتفع وجودة عالية وكفالة وتوفير كبير للمال.
بالعودة الى الصانعين الوطنيين للواقط والذي جاء القرار لحمايتهم، فمن خلال التقصي يبدو أن هناك شركة وحيدة مُنتجة ، وهناك عدة شركات قيد الإنشاء وبالتأكيد سيُعجل القرار بدخولها الإنتاج وهذه أول إيجابية للقرار، أما الشركة المُنتجة فهي شركة مشتركة إنتاجها مكفول لمدة طويلة ومضمون الجودة ومُختبر ومرجعيتها معروفة وليس كما الشركات المستوردة التي توقفت عن العمل وضاع عنوانها ولم يجد لها أثر أصحاب الكفالات الذين راجعوا واكتشفوا أنهم ضحايا “تجار صناعيين” يعملون بطريقة الصفقة.
الشركة المذكورة ، أي الشركة السورية لإنتاج اللواقط الكهروضوئية تأسست عام 2021 وبدأت العمل نهاية العام 2022 وهي تنتج حاليا ما يزيد على ٦٠ ميغا وات سنويا ولديها القدرة على رفع طاقتها الإنتاجية إلى ١٠٠ ميغا وات في ضوء حاجة السوق والطلب وهي تُنتج ألواحا ثنائية الوجه ذات طبقة خلفية شفافة، استطاعتها (% 3 +550) واط، ما يعادل (550~566) واط، وذلك للوجه الأمامي فقط، وفي ظل ظروف التركيب المثالية للألواح ثنائية الوجه يمكن أن تصل الاستطاعة الإضافية المولدة من الوجه الخلفي حتى (% 25) من الاستطاعة الاسمية، لتصبح الاستطاعة العظمى المولدة من اللوح (687) واط .
أما بالنسبة للجودة فيتم وفقاً لأعلى معايير الجودة العالمية بدءاً من انتقاء المواد الأولية مروراً بكافة عمليات الإنتاج والتي تتضمن تفتيش وجودة، وضبط جودة المنتج النهائي لضمان وصول منتج موثوق إلى السوق المحلية، وذلك ضمن فلسفة إدارة جودة شاملة لكافة أنواع العمليات في الشركة.
وبالنسبة للضمان فهو لمدة /10/ سنوات ضد سوء الصنع، و/25/ سنة كفالة أداء حسب المعايير العالمية الناظمة لذلك، وهذا ما لا تعطيه أي شركة موردة للواقط.
أيضا الشركة تقدم خدمات متكاملة وخدمات ما بعد البيع من خلال كوادرها الفنية إضافة لحلول متكاملة لدراسة منظومات الطاقة الكهروضوئية وإنشائها وإدخالها في الخدمة وتشغيلها وصيانتها وتقديم الدعم الفني بما يساهم في الارتقاء بالواقع الطاقي بعيداً عن الربح على حساب الجودة والخدمات المقدمة، وهذا بُعد استراتيجي لا يفكر به القطاع الخاص، وهذه الإيجابية الثانية.
كما تساهم الشركة في رفع السوية المعرفية والتقانية من خلال تأهيل كوادر وطنية مدربة ومؤهلة على سوية عالية، تساهم الآن وستساهم مستقبلاً في مشاريع إعادة الإعمار وفي تخفيض البطالة من خلال تشغيل يد عاملة وطنية مع تأمين دخل جيد لها.
حق الصناعيين حماية منتجاتهم وهو ما عملت عليه الحكومة واستجابت لهم ولذلك لا يبدو اعتراضهم منسجما مع مطالبهم الدائمة والمستجابة، وعليهم أن يفصِلوا مشكلتهم في الكهرباء عن مشكلة تصنيع اللواقط، لاسيما وأنهم هم مَن طالب الحكومة برفع أسعار الكهرباء بشرط تأمينها لقناعتهم بأنهم سيضيفون الفارق على السلعة وبالتالي المواطن هو مَن سيدفع، مراهنين على حصرية إنتاجهم بقرار حكومي ، لأن الحكومة استجابت لهم ومنعت الاستيراد للمنتجات المماثلة لمنتجاتهم ليكونوا منفردين بلا منافسة بالسعر ولا رقابة على الجودة خلافا لقرار الضمينة المفترض أن يجعل المستوردين يحسنون مواصفات وجودة مستورداتهم.
أسعار اللواقط الوطنية بمواصفاتها وجودتها وضماناتها أقل من مثيلاتها المستوردة بنفس المواصفة والجودة، وهي أكثر ضمانا وخدمات ما بعد البيع وتؤسس لصناعة وليس لصفقات.
على مبدأ القاضي الذي أراد حل الخلاف بين أخين على تقاسم الورثة ،عندما قال لهم واحد يقسم والآخر يختار ، فمن سيقوم بالقسمة سيكون عادلا لأنه لا يعرف ماذا سيختار أخوه، فهل يقبل الصناعيون السماح بالاستيراد لمنتجات مماثلة لمنتجاتهم مع فرض ضميمة كما تعاملت الحكومة مع صانعي اللواقط ؟ لا أعتقد ذلك ، فالمنتجات المطروحة في الأسواق والمحمية بمنع الاستيراد هي الأعلى سعرا والأقل جودة، بينما صانعو اللواقط واثقون من القدرة على المنافسة في الجودة وضمان خدمة ما قبل البيع وبعده وفي السعر.