” صوت الديك.. ولغة الإشارة “

تدور رحى الحرب الطاحنة وتصل في إحدى الليالي إلى ديك غزة.. هو ليس أكثر من ديك يقوم بدوره عندما يصيح معلناً قدوم فجر يوم جديد.. سمعنا صوته في بث مباشر من بين أصوات القصف.. برهة من الوقت لم تكن لتنقضي وسرعان ما طاله ذلك القصف ليخمد الصوت الذي يدل على براءة الحياة في أصلها، وأنها لابد ان تستمر كما فطرت عليه.. إلا أن العدو نسي أن الحياة ستستمر، وأن الديك سيظل يرفع صياحه مع كل فجر كنداء للأمل، والحرية، فالوحش الأسود يصحو مع قدوم الظلام ليفترس، بينما الديك يصيح مع بزوغ النور وبعد أن يكون الوحش قد انهزم لانه لا يستطيع أن يواجه النور.

لم يكن ذلك الفجر يختلف عن صباحات تلته أو أقل قسوة منها، فقد وصلت معها لغة القتل والتدمير دون أي وازع إنساني، أو أخلاقي إلى لغة الإشارة لتسقط الحمم فوق رؤوس ذوي الاحتياجات الخاصة من الصم، والبكم.. أبرياء أيضاً هم كذلك المخلوق الذي غاب صوته.. ومنهم مَنْ يفقد أصابع اليد التي يستخدمها في لغة الإشارة اللغة الوحيدة بالنسبة لهؤلاء التي يستعينون بها على الحياة، والتواصل مع الآخرين. لم يسمعوا صوت القنابل المنهمرة قبل أن يجدوا أنفسهم تحت الركام بأجساد تنزف حتى الموت ربما، وبأصابع مكسورة لن تستطيع بعد أن كسرت أن تتحرك كما كانت تفعل من قبل، ولا أن تمسك بقلم لتكتب ما تريد أن تقوله، أو أن تضغط على أزرار الأجهزة الذكية كحال تلك الفتاة الغزاوية التي فقدت بالتالي القدرة على التعبير حتى يفهمها الآخرون، لتقع بالتالي في عجز تام عن التواصل مع الحياة.. فهل من قسوة أكبر هذه؟

والعجائز يختصرون حالهم بكلمتين اثنتين: حياتنا مرّة.. أجل إنها مرارة العلقم التي يتجرعها الإنسان الفلسطيني فوق أرضه، وأرض أجداده، كل يوم على امتداد سبعة عقود ونيّف.. وكأن النكبة تغدو نكبات لا تنتهي وهي تصل إلى كل بيت، وإلى كل عائلة فوق تلك الأرض المحروثة بقنابل الحقد، والعدوان، وبالدماء التي سالت فوق كل شبر منها.. إنه الواقع المرير الذي يتفجر بالكبار والصغار ليحيلهم إلى أشلاء متناثرة يصعب جمعها، وإلى جثامين تنتهك الحيوانات الضالة التي استقدمها العدو قداسة استشهادها.

فهل يا ترى ستقوم التقنيات الحديثة التي يفخر مبتكروها بإبداعاتها بمواجهة مثل هذه الحالات الخاصة فتسعف بحلولها البديلة للتواصل، ولإبراء الجراح؟ هي تستطيع فعل ذلك لكنها لن تتوفر في مثل هذه الظروف الخاصة، وفي هذا المكان بالذات من العالم بينما بلغ الذكاء الصناعي قمة تطوره ليصبح سلاحاً فتاكاً في يد العدو يستخدمه لينصب أفخاخاً يتصيد بها ضحاياه.

عندما يواجه الإنسان قسوة الظلم والعدوان، يمكن أن يكون الرد بالقوة والأمل خياراً فعّالاً. ففي مواجهة الظلم، يمكن للقوة، وهي ليست تلك الجسدية بالتأكيد بل النفسية، أقول يمكن لها أن توفر الحماية، والدفاع، بينما يمنح الأمل القدرة على الاستمرار، والتكيّف مع أصعب الظروف، وأقساها.

لمحات إنسانية مؤثرة من واقع استثنائي مشحون بالألم، والحزن لا نتصيده لنكتب عنه بل أصبحنا نرتطم كل يوم بجداره الفولاذي القاسي، فتفيض المشاعر وتجعلنا في حالة تأهب لتتبع اللحظات الصادمة، والتفاصيل الفارقة التي باتت تشكل الحياة اليومية لأناس لا ذنب لهم سوى أنهم ولدوا في غزة.. إلا أنها كانت وستظل أرض العزة التي إذا ما أنجبت تنجب أطفالاً بعزيمة الرجال.

آخر الأخبار
غياب ضوابط الأسعار بدرعا.. وتشكيلة سلعية كبيرة تقابل بضعف القدرة الشرائية ما بعد الاتفاق.. إعادة لهيكلة الاقتصاد نقطة تحول.. شرق الفرات قد يغير الاقتصاد السوري نجاح اتفاق دمج قوات سوريا الديمقراطية.. ماذا يعني اقتصادياً؟ موائد السوريين في أيام (المرق) "حرستا الخير".. مطبخ موحد وفرق تطوعية لتوزيع وجبات الإفطار انتهاء العملية العسكرية في الساحل ضد فلول النظام البائد..  ووزارة الدفاع تعلن خططها المستقبلية AP News : دول الجوار السوري تدعو إلى رفع العقوبات والمصالحة فيدان: محاولات لإخراج السياسة السورية عن مسارها عبر استفزاز متعمد  دول جوار سوريا تجتمع في عمان.. ما أهم الملفات الحاضرة؟ "مؤثر التطوعي".. 100 وجبة إفطار يومياً في قطنا الرئيس الشرع: لن يبقى سلاح منفلت والدولة ضامنة للسلم الأهلي الشيباني يؤكد بدء التخطيط للتخلص من بقايا "الكيميائي": تحقيق العدالة للضحايا هدوء حذر وعودة تدريجية لأسواق الصنمين The NewArab: الشرع يطالب المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل للانسحاب من جنوب سوريا "The Voice Of America": سوريا تتعهد بالتخلص من إرث الأسد في الأسلحة الكيماوية فيدان: الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا استفزاز جامعة دمشق تختتم امتحانات الفصل الأول حين نطرح سؤالاً مبهماً على الصغار تكلفة فطور رمضان تصل إلى 300 ألف ليرة لوجبة متواضعة