رغم تنوع الأسباب والدوافع التي يجدها طلابنا مقنعة لإتلاف كتبهم المدرسية وتمزيقها في نهاية العام الدراسي، فإننا يجب أن نعترف بأن انتشار تلك الظاهرة في مدارسنا ينبىء بخلل حقيقي يعيشه الطلاب، ربنا يعود هذا الخلل إلى عدم قناعتهم بالمنهج المدرسي المثقل بالمعلومات التي لا يجدها في أغلبها أنها تلامس حياته الواقعية أو طموحاته، أو حتى تشكل له قيمة مضافة، وهي في الآن نفسه تثقل كاهله بالحفظ لتفريغ جعبته في يوم الامتحان، وليسرع بعدها إلى تمزيق الكتاب والتخفف من هذا العبء إلى غير رجعة.
ولكن تلك الظاهرة لاشك تخفي جانباً مهما يجب علينا عدم تجاهله، فلو استطعنا غرس مفهوم الكتاب وأهميته في نفوس الطلاب وجذبهم إليه بوسائل مشوقة وفتح باب المكتبات المدرسية لتداول الكتب ومناقشتها واستخراج كنوزها والتعريف بالمؤلفين والسعي للأنشطة اللاصفية بالتعاون مع وزارة الثقافة بخلق علاقة صحيحة مع المتاحف والمكتبات العامة ومعارض الكتب، وإعداد لقاءات دورية مع بعض الكتاب وتقديم الإهداءات لهم، ربما استطعنا خلق تلك الثقافة المجتمعية التي تكرس مفهوم العلم والإبداع والتحفيز في الآن نفسه على صداقة الكتاب على أنه خير الجليس.
لكن المؤسف أنه منذ سنوات تتكرر هذه الظاهرة وتزداد في كل عام دون أن تجد الحلول المناسبة التي من أبسطها نشر الوعي بين الطلاب بالتعاون مع الأهل وبعض التربويين، هذا إلى جانب التعاون مع وزارة الثقافة بإعداد برامج وأنشطة ترفيهية هادفة للحد من هذه الظاهرة التي تبتعد في مضمونها عن القيم والسلوكيات التي نسعى أن يتحلى بها أبناؤنا من الثقافة والوعي والطموح لتحقيق المستقبل الواعد الذي يليق بهم، بصحبة الكتاب خير الصديق والجليس.