لم تعد ظاهرة تطغى عليها كوابح الخجل، بل استقلت بأساليبها التي يستخدمها البعض دون خوف أو قلق أو حتى وخزة ضمير من سلوك مناف لأخلاقيات العمل والدراسة والحضور الاجتماعي.
إنه الغش، تلك السوسسة النفسية التي أسرت تفكير صاحبها بكيفة السطو على الذات حين تسول له مداركه أنه قادر على اختراق جدار الواقع بما فيه.
ولعل الأخطر في هذا السياق هو الغش الامتحاني، حين يجعل الطالب همه كيف يتمكن من بذل أقصى جهده بكتابة الملخصات الصغيرة وأوراق “الروشيتة” الناعمة مستنزفاً وقته نهاراً وليلاً بعيداً عن أعين الأهل.
هذه العدوى التي انتشرت في بعض مدارسنا ومراكزنا الامتحانية لسنوات خلت من عمر الحرب العدوانية الإرهابية، والتي خلقت جواً مشوهاً قسرياً على منظومة عمل تربوية ومجتمعية لم تكن بهذه الصورة السلبية إلا ما ندر، تحاول اليوم الجهات المعنية وعلى رأسها وزارة التربية منع هذه الأساليب وتقليصها ما أمكن إلى حدودها الدنيا، وإن كان من الصعب إنهاؤها.
إلا أن جملة العقوبات المحددة في القانون الذي أصدرته الوزارة مؤخراً بحق المخالفين من مراقبين ورؤساء مراكز وطلبة، لاشكّ أنه يقوم إعوجاج الكثير من المفاهيم والسلوكيات الخاطئة والمنافية من حيث المبدأ على مستقبل المرء، كحالة ردعية لها تبعاتها على مستقبل الأشخاص والأفراد، وإذا ما نفذت تعليمات القانون بحق المخالفين أياً كانت مستوياتهم، ومحسوبياتهم فإن خطوات التعافي من وسواس الغش في طريقها الإيجابي للتخلص من هذه الظاهرة.