انقضت المُهل الزمنية وذهبت الوعود بتحسن الواقع الكهربائي أدراج الرياح رغم المبالغ الكبيرة التي تم تخصيصها لهذا القطاع والمشاريع الجديدة وزيادة مخصصاته من الغاز والفيول ودخول استطاعات جديدة من الطاقات المتجددة.
وبسبب التخبط في هذا القطاع وغياب الرؤية رغم الجهود الكبيرة المبذولة من العاملين فيه، أصبحت الكهرباء الأعلى سعرا قياسا بمحيطنا والعالم الذي تقيس عليه الحكومة في رفع أسعار الخدمات والمحروقات وغيرها ، والغريب أن الحكومة تقيس على دول الجوار بالمحروقات ولا تقيس عليها بأسعار الكهرباء ودخل المواطن.
الجديد في قطاع الكهرباء والذي يُمكن أن يُبنى عليه والانطلاق منه لإنهاء حقبة التخبط وغياب الرؤية في هذا القطاع، هو المشروع التشاركي الأول بين العام والخاص في محطة توليد الكهرباء في الدير علي الذي زاره رئيس الحكومة بالأمس، ليكون بداية لتقييم المشاريع وعرضها للتشاركية أولا، ولاتخاذ قرار بوقف الصيانات غير المُجدية في بعض المحطات والتي صُرف عليها مبالغ كبيرة جدا دون جدوى أصبحت شبهة للفساد وهدر الوقود والمال العام، ولو أن المبالغ التي صُرفت عليها استثمرت بالطاقات المتجددة لكان الوضع أفضل بكثير.
التخبط في هذا القطاع واضح وكبير جدا ، فمردود مجموعات التوليد منخفض ، والفاقد والهدر كبير، وتكاليف الإنتاج عالية جدا وتسعيرها بناء على حسابات الكهرباء أخرج كل القطاعات من الإنتاج والمنافسة.
تكلفة إنتاج الكهرباء في الأردن المجاور من الطاقات المتجددة أقل من ٤ سنت للكيلو، وفي السعودية أقل من ذلك وهناك مشروعان في السعودية لإنشاء محطتي توليد مع شركات يابانية توليد ريحي ١١٠٠ ميغا بكلفة ١.٧سنت للكيلو ، فهل يُعقل أن يتم تسعير الكهرباء لدينا بأكثر من ١٠ سنت للكيلو؟
المعمل الاستوني لتوليد الكهرباء من السجيل الزيتي في الأردن متوقف لأن العقد ينص على بيع الكهرباء ب ٧ سنت للكيلو، بينما الأردن يُنتج ب ٤ سنت من الطاقات المتجددة ولديه ما يقارب ١٨٠٠ ميغا طاقات متجددة.
التشاركية مخرج ولكن لا يعني أن تنكفي المشاريع الحكومية ولاسيما في موضوع الطاقات المتجددة ، ولابد أيضا من دراسة مُعمقة للتكاليف والتسعير بكلا الاتجاهين للمستثمر في توليد الكهرباء والبيع للمستهلك بكافة الشرائح لأن الأسعار الحالية أوقفت الإنتاج وأخرجت المنتج السوري من اي فرصة للتصدير.
السعر التعاقدي مع المستثمرين يجب أن يُدرس بعناية فائقة لأن تكاليف إنتاج الكهرباء من الطاقات المتجددة بانخفاض دائم وأقل بكثير مما يتم تسعيره لدينا، كي لا يتحمل المواطن الأعباء وتصبح الجهات المتعاقدة مع القطاع الخاص تحت رحمة عقود لا ترحم أحدا، وحساب التكاليف مهم كي لا يتحكم أصحاب الأمبيرات بمبررات حكومية لرفع أسعارهم.
معد عيسى