منذ عشرين عاماً على تأسيس المنتدى العربي – الصيني، حرصت الدول العربية سواء عبر علاقاتها الثنائية مع الصين أو في إطار جامعة الدول العربية ككتلة إقليمية مؤثرة، على الدفع بأشكال هذا التعاون وترجمته على أرض الواقع من خلال تتويج العمل العربي -الصيني المشترك بتأسيس منظومة إقليمية تضم جمهورية الصين الشعبية وجميع الدول العربية الأعضاء في الجامعة العربية تحت مسمى “منتدى التعاون العربي- الصيني”، الذي شكّل نواة لشراكة استراتيجية للتعاون الشامل والتنمية المشتركة والتوجه نحو مستقبل أفضل، ومنعطفاً مهماً في الدفع بمستوى العلاقات العربية -الصينية.
تاريخ عريق يجمع الأمتان العربية والصينية.. تاريخ ضارب في العراقة التاريخية ثقافياً واقتصادياً، وتتمتع كلّ منهما بحضارة بشرية من الغنى والتنوع والثراء، استطاعت أن تشكّل إرثاً إنسانياً عالمياً فريداً، وتنشرأثرها وتأثيرها عبر العصور على العالم أجمع.
على مدى التاريخ العميق، كانت العلاقات العربية -الصينية في أحسن أحوالها ثقافياً وتجارياً، ولم تحكمها الصراعات والحروب، كما حكمت العلاقات مع الغرب، وما شهدته من غزوات وصراعات مسلحة ومواجهات وحروب اقتصادية وسياسية وعسكرية.
لذلك كانت ولا تزال الأمتان العربية والصينية، بما تحتضنانه من أقدم الحضارات البشرية على وجه الأرض، تزخر بالكثير من السمات والعوامل المشتركة التي مكنت شعوبها من مدّ جسور التواصل وإقامة علاقات تعاون منذ الأزل، لم تحدّها الجغرافيا المترامية الأطراف، ومهدت لعصر حديث من الشراكة الاستراتيجية العربية – الصينية، أخذت سمات ومسارات أكثر تطوراً، وقوة، واستدامة.
اليوم تنحو هذا العلاقات إلى التقدّم نحو الأفضل، وتفعيل مشروعات في بناء مبادرة “الحزام والطريق” تلك المبادرة الاقتصادية التي يمكن أن تعيد التفاعل بين الحضارتين الصينية والعربية بشكل يدعم الاقتصاد والتنمية، ويكرس المفهوم الواسع للتعايش، ويرسخ مفهوماً جديداً لحوار الحضارات.
وتعد جامعة الدول العربية أول منظمة إقليمية في العالم توقع مع جمهورية الصين الشعبية على وثيقة التعاون بشأن بناء وتأسيس مشروع “الحزام والطريق” والبيان المشترك بشأن تطبيق مبادرة الحضارة العالمية، وهو ما يعكس الدعم العربي الكبير لهذا المشروع التنموي الذي يشكل جانباً مهماً من جوانب الشراكة الاستراتيجية بين الدول العربية وجمهورية الصين الشعبية.
ويحذونا الأمل بأن ترقى أعمال المنتدى في دورته الأخيرة، والذي وضع أسساً وركائز مهمة نحو تفعيل هذا التعاون وترسيخه وانطلاقته مجدداً نحو الأمام.. وأن يساعد ذلك على الارتقاء بمنطقتنا ـ التي عانت وتعاني الكثير جرّاء سياسات الهيمنة والسيطرة الغربية والأميركية ـ نحو الاستقرار والتنمية والرخاء.