كي تتخطّى الذّات.. شغف الغياب والاختفاء

الثورة- هفاف ميهوب:
في كتابه «اختفاء الذات عن نفسها»، يقدّم عالم الاجتماع الفرنسي «دافيد لوبروتون» رؤية فلسفيّة تأمّلية، تتناول كيفية تحوّل الإنسان إلى الفردانية، وتدعو إلى السعي لخلق أدواتٍ تعبيرية جديدة، تساعد في تحرير الذات، وإعادة اكتشاف الروح الفردية للإنسان.
يقدّم هذه الرؤية، مشيراً إلى أن مجتمع العجلة والسرعة والمنافسة والتحكم الاقتصادي الذي نعيشه، جعل من الصعب على الإنسان مواجهة العالم وبناء ذاته، فقد فرض عليه التأقلم مع ظروفه، والاستعداد الدائم لمواجهة متغيراته.
إنه ما يتمحور حوله هذا الكتاب، الذي يرى فيه «لوبرتون» بأن ما قد يحدث لنا:
«يحدث أن نفقد الرغبة بالتواصل، والرغبة في الارتماءِ بالمستقبل، بل وحتى الرغبة في المشاركة بالحاضر، فنغدو بلا روابطٍ ولا مشاريع ولا رغباتٍ، ونودّ أن ننظر إلى العالم من ضفة أخرى.. هذه حالة يُطلق عليها البياض والغياب، وهي حالة يُؤخذ فيها المرء بـ»شغف الاختفاء»، شغف الغياب الذي تتنوّع أشكاله ودرجاته، ويتحرّر فيه المرءُ من ذاته.
إنها فلسفة أنثروبولوجي، بحث في المسالك المتعددة التي تنتهجها الذات لاختفائها، مثلما في مسالك معاصرين تغلغلوا في النسيج الاجتماعي، كي يولدوا من جديد، أو يتماهوا في الغياب والعزلة والانطوائية، وهو ما وجده يصطدم في النهاية، بضرورة انخراطهم في المجتمع والحياة الاجتماعية.
بحث في ذلك، مشيراً إلى ضرورة اختيار هؤلاء، لحياة خاصة وإيقاع ذاتي، يحتفظ دوماً بالمبادرة، فإن كان البياض برأيه:
«إذا كان البياض وشغف الاختفاء، يُلغي العالم مؤقتاً، أو بصفة دائمة، فهو أيضاً مصدر تجديد، حتى وإن كان يؤلم الذات وما يحيطها.. ربّما يكون البياض قوّة وطاقة كامنة، تنتظر أن تعمل، فالأمر يتعلّق بتعليق المعنى وليس بانقراضه..»..
هذا ما تناوله «لوبرتون» في كتابٍ، ختمه وبعد حديث طويلٍ عن الانكفاء والهروب والاختفاء والعزلة والتعب ومحو الهوية، بالدعوة إلى تفكيكِ القيود الاجتماعية والثقافية، التي تحول دون تعبير الفرد عن ذاته بحريّة، وإلى استكشاف مجموعة متنوعة من الأساليب والتقنيات، التي تمكّن الفرد من تحرير ذاته، وتساعده على اكتشاف هويّته الفردية.. الهوية التي أكّد على ضرورة التمسّك بها، قائلاً عن أهميّة إرثها:
«الإحساس بالهوية، هو إرث التاريخ الماضي داخل تشكّل اجتماعي عاطفي، الهوية مثل جوهرة ألماس متعدّدة الوجوه، كلّ وجهٍ من وجوهها يعطي رؤية خاصة عنها، وهي لاتنكشف في أيِّ وجهٍ لوحده، وإنما تشكّل ذلك الانعكاس المرآتي، إنها تاريخٌ لا يكفُّ الفرد عن سرده، لنفسه وللآخرين».

 

آخر الأخبار
مشاركة عربية ودولية فاعلة في"إعادة إعمار سوريا" بشراكات مستدامة ما لم تقله "رويترز".. الشرع يضبط الإيقاع داخل الدولة بلا استثناءات الرئيس الشرع يكافح الفساد ويطبق القانون على الجميع دون استثناء اجتماع باب الهوى ".. المحسوبيات والمصالح لا تبني دولة قوية البرلمان السوري.. حجر الأساس في بناء سوريا الجديدة ماهر المجذوب يعود إلى دمشق بمبادرة رائدة للكشف المبكر عن التوحد يد سعودية تبني.. ورؤية عربية موحدة: إعمار سوريا يبدأ من هنا بعد رفع تعرفة الكهرباء.. هل ستتحسن التغذية؟   بيع الكهرباء بأسعار منخفضة يشل قدرتها على التطوير والصيانة       عصمت عبسي: العشائر ترفض قسد وتطالب بالعودة إلى كنف الدولة    من الرهان إلى النهضة   دمشق تنام مبكرا.. فهل تنجح في إعادة هيكلة ليلها التجاري؟  تعرفة الكهرباء .. ضرورات الإصلاح والواقع المعاش  فاتورة دعم الكهرباء كبيرة جداً ولا بد من تصحيحها رئيس الغرف الزراعية: إتاحة المجال لقطاع الأعمال للقيام بالاستثمار والتنمية إدارة منطقة منبج تنفي شرعية ما يسمى بـ " نقابة المعلمين الأحرار " انتهاكات "قسد" المستمرة تهدد بانهيار اجتماعي في الجزيرة السورية "التأمين والمعاش" بحمص ..طابق مرتفع وكهرباء بـ"القطارة" ..! رفع تعرفة الكهرباء بين ضرورات الاستدامة والضغوط المعيشة  مستشفى الصنمين... بين نبض الحياة وغياب القرار!