الثورة – رفاه الدروبي:
وقَّع الشاعر الفراتي عبد الكريم العفيدلي، ديوانه الرابع “شهوة الخيال” بالشعر الفصيح ويظهر من خلاله شاعراً مسكوناً بارتياد جغرافي الدهشة البكر، والإيغال في مغامرة التخطي في كلِّ كتاباته الشعرية، ممسوس بالحزن المعتَّق وهموم الوطن والإنسان؛ ومفتون بالأمكنة الريفية الأولى، يهجس بحلم العود الأبدي، ومصاب بلوثة الشعر، وشهوة الكشف، والإبداع حيث ضمَّ الكتاب بين دفتيه ١٢٧ صفحة من القطع المتوسط، مقدِّماً ٤٧ قصيدة أدار حفل التوقيع علي الدندح في ثقافي أبي رمانة.
الدكتور خلف المفتاح خطَّت يمينه في مقدمة الكتاب بأنَّ العنوان لفته بعمق شاعريته المستندة إلى ثقافة معاصرة، وعلى مدارس الفلسفة، وطور النفس البشرية مع قضايا الحياة، خاصة وأنَّ أغلب قصائده كتبها وفق الشعر العمودي الموزون ما يدلُّ على تمكنه من العروص وأوزان الشعر إضافة إلى عدد من القصائد الحرة والنثرية، لافتاً إلى أنَّها ليست تقليداً غريباً وإنَّما محفورة بأزاميل بيئية.
وبيَّن الدكتور المفتاح أنَّ الشاعر العفيدلي تعدَّدت موضوعاته فمنها ما يتحدَّث عن أهميَّة الشعر في المجتمع لتأدية رسالة نبيلة وحضارية وإنسانية، وفي أخرى يتجه إلى حبِّ الإنسان لأخيه الإنسان، ونبذ الأحقاد، منوِّهاً بأنَّ المجموعة تحمل شعوراً وطنياً وانتماءً أصيلاً ظهرت بأسلوب شفاف واضح الأهداف.
بدوره الإعلامي جمال الجيش أكَّد على أنَّ الشعر وجداننا وديواننا وسجلنا الحامل لكلِّ أوجاعنا وآلامنا وآمالنا وطموحاتنا وزهونا، ولا يزال حاضراً للساننا القويم وبه نستقيم ونقوى، وأنَّ الشاعر ابن الفرات يلج إلى عالم من الصدق في مرحلة خلت من البراءة، وأثخنت كثيراً من الجراح خاصة وأنَّ الاسم مأخوذ من الرَقة أي الرقيقة لرِقة نسيمها، وعذوبة مياهها، وكان لها أثر في طباع أهلها.
كما بيَّن أنَّ الشاعر عبد الكريم يحمل سلاح الشعر الجميل والمحبة والخير. شخص لديه اطلاع واضح بتاريخ شعراء يميلون إلى التقليدية وعادة ما يتأثرون بشاعر متأثر بالحالة الشعرية عبر التاريخ الطويل.
وأوضحت الإعلامية أنسام السيد أنَّ الشاعر امتطى صهوة الإبداع والتعبير وروَّض الأبجدية ليصوغها شعراً أو يجعل من الكلمات قناديل مضيئة في العتمة، ورسم بعباراته الأنيقة الكثير من المعاني الرائعة، فكانت الكلمات كلُّها طوع قلمه وإحساسه الراقي، وعكس ما تأثر به في منطقة الفرات فكان الأقدر على حماية الانتماء والأصالة، ونقل الحاضر إلى المستقبل، مشيرةً إلى أنَّ الشاعر موسوم بالحبِّ والشعر والوطن والقضية والإنسان والخيال.
صاحب إبداع لا ينضب.. متجدِّد في حضوره، فالشعر ارتباط وجودي عنده وأزلي بقصيدة ليست أزلية تخرج للعلن وإنَّما إحساس دافئ عميق يتسلل إلى القلب والروح فكان عذباً في خياله، كما لم تغب في قصائده المقاومة وفلسطين.. إنَّها كتلة من عاطفة يسكبها تفاصيل الصور.