ويبقى للعــــيد بهجتــه

حسين صقر
هكذا ورغم الظروف القاسية التي أحاطت بالسوريين على مرّ السنوات العجاف الماضية وأيام الحصار التي عانوها من كلّ حدب وصوب، يبحث هؤلاء كل عام عن نافذة أمل جديدة يمضون فيها أيام الأعياد، وعيد الأضحى المبارك أحدها.
السوريون وبهدف تجاوز تلك الظروف، يبتكرون كلّ عام طقوساً خاصة بهم لقضاء أيام العيد بعيداً عن أي منغصات، رغم كثرتها، وهم بذلك ينسجون خيوط الفرح ليرفهوا عن أنفسهم وينسوا همومهم المعيشية والاقتصادية.وأينما توجهت في الأنحاء ترى لكل منطقة عاداتها وتقاليدها، حيث يراعي الأهالي فيها الأفراح والأحزان، ويتبادلون التهاني والتبريكات في الوقت الذي يتقاسمون فيه البهجة والهموم، وفي قرى جبل الشيخ مثلاً، يراعي الناس في تلك القرى ظروف بعضهم، حيث في بعض المنازل مهاجر أو متوفى أو مصاب أو مريض، فيتحول هذا اليوم في تلك المنازل إلى مكان للمواساة والزيارات التي لا تحمل أي مظاهر للفرح، بل تقتصرعلى مشاركة الجهة الهم الذي تعانيه والظرف الذي تقاسيه، بهدف التخفيف من ألم المعاناة.وكي يرى المعايدون أكبرعدد من أهل البلدة يجتمع الغالبية العظمى صغاراً وكباراً في موقف القرية أو ساحتها أو في بيوت الأكبرعمراً، ويلقون على بعضهم تحية العيد وكلماته: «كأن يقولوا ينعاد على الجميع بالخير» وتكون سنوات الفرح عديدة وهكذا، وأما من فقد غالياً يقولون له: كانت أمنياتنا أن يمرهذا العيد وأنت مجبورالخاطر وفي أحسن حال.وأثناء اللقاء والسلام يقول شيخ العائلة أو البلدة كلمة مقتضبة تكاد تتألف من ثلاثة أو أربعة أسطر، يعبرفيها عن فرح الأخوة باللقاء متمنياً على الجميع أن تكون أيامهم وسنواتهم أعياد.وبعد اللقاء ينصرف الجميع إلى منازلهم مستعدين لاستقبال الأقارب والأصدقاء في زيارات خاصة، أما القسم الأعظم من الشبان يشكلون مجموعات يتنقلون خلالها من منزل لآخر يعايدون أهالي البيوت ويقوم هؤلاء باستقبالهم وتقديم الضيافة لهم، وفي حالات كثيرة وعندما لا تكون القرية تعاني حزناً ما، يعقد الشبان حلقات الدبكة وينشدون الأغاني في البيوت التي يزورونها ولو لخمس دقائق، ويتركون أبلغ الأثر في نفوس معزبيهم.في قرية ثانية ترى على سبيل المثال لا الحصر، العديد من الناس جالسون أمام منازلهم يحتفلون بأجواء العيد ،مستقبلين أقاربهم، يتناول مشروب المتة وغيره مع كعك العيد الذي حرصت أغلب ربات البيوت على صنعه لتشعر بأنها في طقوس العيد، ولتحاول نسيان همومها وتنشر الفرح في محيطها .كما ترى الأطفال يملؤون مفارق القرى مع رفاقهم، يحرصون للالتقاء في غابة أو مكان فيه خضرة، سعيدين بما أوتوا من عيدية لا بأس بها، وأنهم أصبحوا كباراً وهم من يدفع النقود ويشتري وليس أمهم أو والدهم، فرحة أنهم كبروا .وأثناء الجلسات يتذكر الأهالي والأصدقاء الأيام الخوالي وكيف استبدلت الحلويات عن الماضي، حيث كانت تقتصر سابقاً على الفواكه المجففة إذا كان العيد شتاء بالإضافة للقليل من المكسرات كالجوز واللوز والقضامة، إلى يومنا هذا أصبح الناس يلجؤون إلى الحلويات العربية والسكاكر والشوكولا بأنواع، طبعاً لمن استطاع ذلك، ولكن مع كلّ أسف هذه الأيام وبعد أن بات كيلو الحلويات الفاخر يعادل أضعاف الراتب أحجم الكثير من الناس عن شرائه، واقتصروا على بعض الحلويات الناشفة بالسمون النباتية.كان العيد فرحة للكبير قبل الصغير منذ سنوات مضت، قبل الحرب الإرهابية وتبعاتها الاقتصادية والحصار الخانق على سورية، وقبل جشع التجار والفاسدين والغلاء الفاحش الذي كوى جيوب مواطننا، ليصبح قدوم العيد اليوم وتوفير مستلزماته من ملابس للأطفال وشراء حلويات أو حتى تحضيرها في المنزل تجعل رب الأسرة يضرب أخماسه بأسداسه، قبل العيد بأيام.وفي العيد أيضاً لابدّ من أكلة قوامها لحم أقله دجاج في ظل ارتفاع اللحوم الحمراء.من جهة ثانية واختصاراً لطقوس العيد وفي أحيان أخرى.لقد باتت الرسائل النصية ورسائل التواصل البديل الأكبر لكلّ الطقوس التي تحدثنا عنها، حيث حشرت الظروف الصعبة الناس في منازلهم.وهكذا يمرالعيد ونفس الأحلام والأماني علها تتحقق ببحوحة وانفراج ليعود لأجوائه المعهودة، فرحته التي نشتاقها كباراً وصغاراً، في وقت غابت فيه الأضاحي نتيجة غلائها وصعوبة شرائها عدا المقتدرين من الناس.

آخر الأخبار
معركة الماء في حلب.. بين الأعطال والمشاريع الجديدة تأهيل طريق مدينة المعارض استعداداً للدورة ٦٢ لمعرض دمشق الدولي التوجه إلى التمكين… "أبشري حوران".. رؤية استثمارية تنموية لإعادة بناء المحافظة السيطرة على حريق شاحنة في  حسياء  الصناعية تفاصيل مراسيم المنقطعين والمستنفدين وتعليماتها بدورة تدريبية في جامعة اللاذقية الكيماوي… حين صارت الثقافة ذاكرة الدم  واشنطن في مجلس الأمن: لا استقرار في سوريا من دون عدالة ومشاركة سياسية واسعة  " التلغراف ": الهيئة الدولية المسؤولة عن مراقبة الجوع بالعالم ستعلن للمرة الأولى "المجاعة" في غزة ضبط لحوم فاسدة في حلب وتشديد الرقابة على الأسواق تنظيم سوق السكن في حلب والعمل على تخفيض الإيجارات "المجموعة العربية في الأمم المتحدة": وحدة سوريا ضمانة حقيقية لمنع زعزعة الاستقرار الإقليمي بين الهجوم والدفاع.. إنجازات "الشيباني" تتحدى حملات التشويه الإعلامي منظمة يابانية: مجزرة الغوطتين وصمة لا تزول والمحاسبة حق للضحايا مندوب تركيا في الأمم المتحدة: الاستقرار في سوريا مرهون بالحكومة المركزية والجيش الوطني الموحد بيدرسون يؤكد ضرورة احترام سيادة سوريا ووحدة أراضيها ورفض الانتهاكات الإسرائيلية الشيباني يبحث مع الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين تعزيز التعاون صحيفة عكاظ :"الإدارة الذاتية" فشلت كنموذج للحكم و تشكل تهديداً لوحدة واستقرار سوريا قرى جوبة برغال بالقرداحة تعاني من أزمة مياه حادة "نقل وتوزيع الكهرباء" تبحث في درعا مشروع "الكهرباء الطارئ" في سوريا في ذكرى مجزرة الكيماوي .. المحامي أحمد عبد الرحمن : المحاسبة ضرورية لتحقيق العدالة