منال السماك
بطقوسه وأجوائه وروحانيته يدنو من روزنامة أيامنا عيد الأضحى المبارك، ليجدد الأمل وينشر الفرح بين أجزاء جسدنا الاجتماعي، فتغدو أيام العيد فرصة للتواصل الاجتماعي بالمعايدات والزيارات بين الأرحام والأصدقاء والمعارف، كما تتجسد معانيه بالتضحية والتكافل الاجتماعي عبر تبادل التهاني والأضاحي، ومد يد العون للفقراء والمحتاجين في ظل ضغوطات مادية لا ترحم.
للعيد ذكريات لا تزال حاضرة رغم كل الظروف المعيشية، البعض يستعيدها بشوق وحنين لأيام عيد كانت تحمل الفرح والتجدد والخير والبركة، والبعض الآخر يستحضر بألم وأسف ذكريات حالمة لعيد كان سعيداً فاتحاً ذراعيه ليحضن الجميع ولا ينسى فقراء الحال، ويبتسم لأطفال بؤساء لتكن من ملابس العيد لهم حصة ومن حلوياته حظ وافر، ومن ألعابه مساحة واسعة يمارسون فيها الفرح ويطلقون العنان لطفولة سعيدة لا يأسرها فقر آباء.يتأرجح العيد كما أراجيح الأطفال التي تأبى إلا أن تكون عنواناً للعيد، بين متفائل قرر أن يستقبل أيام العيد بتفاؤل وغبطة، متكيفاً مع وضع معيشي راهن، لقناعته أن قطار الفرح سيمضي به أو من دونه، فلما لا يكون من ركابه يشارك بطقوس العيد، ويجعله فرصة للخروج من روتين أيامه الضاغطة، وبين متشائم يأسر روحه بالحنين لماض جميل قد رحل، فلا هو يستطيع العودة إليه، ولا يعطي لنفسه الفرصة لعيش الواقع وخلق مساحة من الفرح المتاح قدر الإمكان.لن نستحضر المتنبي ببيته الشعري “عيد بأي حال عدت يا عيد” كما يفعل البعض من المتشائمين على صفحات التواصل الاجتماعي، في محاولة لزرع الإحباط وزعزعة الأمل، ففرح العيد صناعة أيدينا، وقرار البهجة نتاج إرادة بإعلان السعادة، التي تعد عبادة وطاعة في أيام العيد المباركة، وعوضاً عن الشكوى والتحسر، سنردد مع أم كلثوم أغنيتها التي ترحب بأيام العيد بتفاؤل وفرح “يا ليلة العيد آنستينا وجددت الأمل فينا”، ليكون الأمل منطلقاً نحو صناعة السعادة بالعيد وأيامنا العادية.
عيد الأضحى المبارك دعوة ربانية للشكر والحمد بإتمام النعمة بحج مبرور وسعي مشكور، وقضاء ركن من أركان العبادة والطاعة، وإعلان الفرح وممارسته واجب، وذلك بتبادل التهاني والمباركات واللقاءات الاجتماعية، لتعزيز الروابط الأسرية والعائلية، وتدعيم أواصر المحبة والتماسك الاجتماعي.
وأخيراً.. فليكن تواصلنا الاجتماعي حقيقياً لا افتراضياً، فنحن بأمس الحاجة لمحبة ولقاء وتصافح وعناق، يتم على أرض الواقع قبل أن تجف ينابيع مشاعرنا، فالمعايدات الإلكترونية لا تغني ولا تسمن من جوع، وخاصة بين الأرحام والأقارب، ورسائل المعايدة المسبقة الصنع لا تبني أسساً متينة للمحبة والتوادد بين أفراد الأسرة، فهي خاوية من المشاعر لم تكتبها أيدينا ولا نطقت بها قلوبنا.

السابق