الثورة – نور جوخدار:
بعد تداول أنباء على مواقع التواصل الاجتماعي حول نية إنشاء معابر إنسانية من الحدود نحو السويداء، رفضت الحكومة السورية، أمس الأربعاء، أي طلبات لإقامة ممر إنساني باتجاه محافظة السويداء، مؤكدة أن إدخال المساعدات الإنسانية يتم حصراً بالتنسيق مع مؤسسات الدولة في دمشق وبالتعاون مع الأمم المتحدة. وقال مصدر حكومي لوكالة سانا: «لن يكون هناك ممر إنساني عبر الحدود، وقد منحت الحكومة المنظمات الأممية التسهيلات والموافقات اللازمة لممارسة مهامها الإنسانية داخل البلاد».
وكانت الحكومة السورية ومنظمات محلية ودولية أرسلت أكثر من 13 قافلة مساعدات إلى السويداء.
موقع ” أكسيوس” الأميركي كان قد أشار إلى أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب سعت خلال الأشهر الماضية للتوسط في إنشاء ممر إنساني بين “إسرائيل” والسويداء بهدف إيصال المساعدات إلى السكان، ونقل الموقع عن ثلاثة مسؤولين أميركيين وإسرائيليين أن هذه الخطوة جاءت متماشية مع رؤية الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة الساعية إلى تحقيق مشروع “إسرائيل الكبرى”، الذي يشمل أراضي في فلسطين والأردن ولبنان وسوريا ومصر.
جاء ذلك بعد أن رفضت الأردن مرور مساعدات إسرائيلية إلى السويداء عبر أراضيها، ما دفع الجيش الإسرائيلي إلى إسقاطها جواً، في وقت أعربت فيه دمشق للولايات المتحدة عن قلقها من إمكانية استخدام الممر الإنساني لتهريب الأسلحة.
وكان وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش تبنى الفكرة علناً في 31 تموز الماضي، داعياً إلى “فتح ممر فوري لإدخال المساعدات”.
فالحديث عن ممر إنساني ليس مجرد شائعة، بل يجري تداوله بجدية، والجغرافيا تفرض تحديات كبرى، فالسويداء تحدها من الجنوب الأردن، ومن الجنوب الغربي محافظة درعا، بينما تقع إسرائيل خلف هضبة الجولان المحتلة، أي أن لا حدود مباشرة تربط السويداء بإسرائيل، وبالتالي فإن أي ممر إنساني محتمل يجب أن يمر عبر أراضي درعا أو القنيطرة.
وفي تقرير نشره مركز جسور للدراسات عن عدة أهداف وغايات تطمح إسرائيل لتحقيقها من وراء “الممر الإنساني” المزعوم، أبرزها: محاولة تحسين صورة إسرائيل السوداء أمام الرأي العام العالمي بعد الحصار الخانق الذي فرضته على غزة وتسبب بحدوث مجاعة ووفيات طالت الكثير من الأطفال، وترتقي إلى تصنيفها أنها إبادة جماعية مما جعلها تتعرض لانتقادات دولية واسعة ورفض شعبي لسياستها في غزة، وهي تريد من “الممرّ الإنساني” المزعوم إلى السويداء أن تبدو بشيء من مظاهر الإنسانية، والمفارقة أن طلب إسرائيل جاء بوساطة من الولايات المتحدة التي استخدمت الفيتو لحمايتها من الإدانة في مجلس الأمن.
وتهدف أيضاً إلى تعزيز نفوذها في سوريا عبر استقطاب مكونات محلية على غرار ارتباط حزب الله بإيران، وتعمل من خلاله على التدخل في الشؤون الداخلية السورية، وضرب الاستقرار الذي تسعى إليه الدولة السورية بعد زوال نظام الأسد. بالإضافة إلى الدفع نحو تدويل ملف الأقليات تمهيداً لتقسيم البلاد أو إنشاء كانتونات خارج الحكومة المركزية، تحتفظ الميليشيات المنتشرة فيها بسلاحها، وترفض تسليمه، والاندماج في القوات الوطنية الحكومية العسكرية والأمنية، والمفارقة أن الولايات المتحدة تقدم في الوقت ذاته ورقة إلى الدولة اللبنانية حول نزع سلاح حزب الله، فيما تتوسط في سوريا لاتفاق يُؤمّن للمليشيات الاحتفاظ بسلاحها، وبسيطرتها على جزء من الأراضي السورية.