اقتصاد الظل.. أنشطة متنوعة بعيدة عن الرقابة

الثورة – ميساء العلي:

انتشار البسطات الكبير على الأرصفة، هو نوع من اقتصاد الظل، كان من الممكن تنظيمه وتحويله إلى مشروع صغير، كذلك الورش الصغيرة تحت أقبية الأدراج هي الأخرى تحت هذا المسمى.اليوم نحن أمام واقع يفرض نفسه، خاصة وأن اقتصاد الظل كما يُعرف أو القطاع غير المنظم يشكل نسبة ليست بالقليلة، فمعظم التقديرات تشير إلى أنه بات يشكل ما نسبته من إجمالي النشاط الاقتصادي يتجاوز 65 بالمئة، وقد كان لظروف الحرب أيام النظام المخلوع دور كبير في زيادة تلك النسبة التي كانت قبل الحرب نحو 45 بالمئة.

مفاهيم متعددة

يقول المحلل الاقتصادي الدكتور فادي عياش: إنه لاقتصاد الظل مفاهيم متعددة، وتسميات مختلفة تتفاوت وفقها تقديرات حجمه وتأثيره في الاقتصادات الوطنية- وإن كانت بأغلبها سلبية.ولكن بالعموم يمكن اعتبار مفهوم اقتصاد الظل أنه ” تلك الأنشطة الاقتصادية التي تتم خارج نطاق الرقابة الحكومية، ولا تُسجل في السجلات الرسمية، وبالتالي لا يظهر أثرها الاقتصادي بشكل مباشر ورسمي”.ويضيف عياش في حديثه لـ”الثورة”: إن هذا الاقتصاد يشمل نوعين من الأعمال والأنشطة.

الأول: هو الأعمال والنشاطات المشروعة ولكنها غير رسمية، أي غير المرخصة والتي لا تخضع للرقابة المالية والتكليف الضريبي، وتشمل التهرب الضريبي بالإضافة إلى الأعمال والنشاطات غير المنظمة والعشوائية، والتي لا تدخل ضمن مفهوم الحسابات القومية، كالأعمال المؤقتة والموسمية والعمل ضمن العائلة والعمل الفردي وما شابه. والثاني (وهو الأخطر) بحسب عياش، ويشمل الأعمال والنشاطات غير المشروعة وغير القانونية مثل التهريب بمختلف أشكاله، وتجارة الممنوعات، وأي نشاطات اقتصادية أخرى غير مسموحة قانونياً.ويتابع كلامه: بالعموم يعتبر اقتصاد الظل عاملا سلبيا جداً بالمفهوم التنموي، ويزداد تأثيره الهدام كلما زادت نسبته في الاقتصاد الوطني.

عدة عوام

ولدى سؤالنا.. كيف ينشأ اقتصاد الظل ويتوسع، يجيب عياش أنه يتأثر بالعديد من العوامل منها انهيار الاقتصاد الرسمي، وضعف الرقابة والشفافية والمحاسبة، وتراجع الثقة بالمؤسسات الحكومية، وكذلك تأثير الظروف الخاصة كالحروب والأزمات والكوارث والعقوبات.ولكن أحد أهم الأسباب، بحسب عياش، هو ضعف مفهوم المواطنة، ومحدودية مفهوم المسؤولية المجتمعية، وانعدام الثقة نتيجة ضعف الحوكمة والشفافية والمساءلة، مما يؤدي إلى تراجع العدالة الاجتماعية بأبعادها المختلفة، وقد تراكمت هذه الأسباب مجتمعة في الاقتصاد السوري، وتعززت خلال الثورة.ويضيف عياش أنه ورغم صعوبة التقدير الدقيق لحجم اقتصاد الظل، إلا أن العديد من الباحثين والدراسات حددت نسب تتراوح بين 30 – 45 بالمئة قبل الثورة، وبنسب تتراوح بين 60 إلى 75 بالمئة قبل التحرير.

ارتفع إلى 90 بالمئة

وباعتقاد عياش فإن النسب الفعلية تفوق هذه التقديرات، لأنها بأغلبها اعتمدت على مفهوم الأعمال والنشاطات المشروعة وغير المرخصة، ولكن إذا أخذنا بعين الاعتبار الأعمال والنشاطات غير المشروعة كالتهرب الضريبي (رغم الترخيص) والتهريب بأشكاله والاتجار بالمواد الممنوعة، والمدعومة، والمضاربة بأشكالها المختلفة ونشاطات السوق السوداء والاحتكار بأنواعه، فيمكن تقدير حجم اقتصاد الظل في سوريا بنسب تصل حتى 90 بالمئة من حجم الاقتصاد الكلي في الفترة ما بعد 2021 حتى التحرير.ولذلك نجد التراجع الكبير في حجم الناتج المحلي الإجمالي الرسمي، وانكماش هائل في الاقتصاد الرسمي تجلى في حالة الركود التضخمي الجامح، والذي أثر بشكل سلبي كبير على كل مؤشرات التنمية في سوريا.

إجراءات

ويقول عياش: إن اقتصاد الظل اقتصاد حقيقي، ولكنه غير رسمي، وبالتالي يجب العمل على تحويله من الظل إلى النور، أي تحويله إلى اقتصاد رسمي من خلال معالجة أسبابه الأساسية ولاسيما في مرحلة التعافي بعد التحرير، إذ تم التخلص من آليات العمل للنظام المخلوع ويجري العمل على رفع نهائي للعقوبات، وإعادة الانفتاح على الاقتصاد العالمي والاستثمار الخارجي.ومن أهم الإجراءات التي تساهم في معالجة حالة اقتصاد الظل، بحسب الخبير الاقتصادي، اعتماد هوية اقتصادية واضحة للاقتصاد السوري مع تطبيق مبادئ الحوكمة في كل المجالات والتي تقوم على العدالة والشفافية والمسؤولية والمساءلة، وذلك من خلال تشريعات مناسبة، لذلك عندها سيتحول اقتصاد الظل إلى اقتصاد رسمي ويساهم بقوة في التعافي والتنمية.

آخر الأخبار
قطرة دم.. شريان حياة  الدفاع المدني يجسد أسمى معاني الإنسانية  وزير السياحة يشارك في مؤتمر “FMOVE”  التحول الرقمي في النقل: إجماع حكومي وخاص على مستقبل واعد  وزير النقل لـ"الثورة": "موف" منصة لتشبيك الأفكار الريادية وتحويلها لمشاريع      تنظيم شركات المعلوماتية السورية  ناشطو "أسطول الصمود" المحتجزين يبدؤون إضراباً جماعياً عن الطعام حوار مستفيض في اتحاد العمال لإصلاح قوانين العمل الحكومي مناقشات استراتيجية حول التمويل الزراعي في اجتماع المالية و"IFAD" الشرع يبحث مع باراك وكوبر دعم العملية السياسية وتعزيز الأمن والاستقرار العميد حمادة: استهداف "الأمن العام" بحلب يزعزع الاستقرار وينسف مصداقية "قسد" خطاب يبحث في الأردن تعزيز التعاون.. و وفد من "الداخلية" يشارك بمؤتمر في تونس حضور خافت يحتاج إلى إنصاف.. تحييد غير مقصود للنساء عن المشهد الانتخابي دعم جودة التعليم وتوزيع المنهاج الدراسي اتفاق على وقف شامل لإطلاق النار بكل المحاور شمال وشمال شرقي سوريا تمثيل المرأة المحدود .. نظرة قاصرة حول عدم مقدرتها لاتخاذ قرارات سياسية "الإغاثة الإسلامية" في سوريا.. التحول إلى التعافي والتنمية المستدامة تراكم القمامة في مخيم جرمانا.. واستجابة من مديرية النظافة مستقبل النقل الرقمي في سوريا.. بين الطموح والتحديات المجتمعية بعد سنوات من التهجير.. عودة الحياة إلى مدرسة شهداء سراقب اتفاقية لتأسيس "جامعة الصداقة التركية - السورية" في دمشق قريباً