نضال بركات
بعد انسحاب بايدن من السباق الرئاسي فإن زيارة نتنياهو لواشنطن واللقاء المقرر اليوم الثلاثاء مع الرئيس بايدن ليس واضحا إن كان سيمضي في اتفاق لوقف النار في غزة إن لم يكن في صالحه , لأن أي اتفاق سيكون له انعكاسات على اتفاق لوقف حرب الإبادة ضد الفلسطينيين في قطاع غزة وإعادة الأسرى الإسرائيليين الذين هم بيد المقاومة الفلسطينية , خاصة وأن نتنياهو يواجه ضغوطاً متزايدة من الإسرائيليين لإنهاء هذه الحرب بينما تسعى إدارة بايدن المنشغلة بانتخابات الرئاسة للتوسط في اتفاق لوقف إطلاق النار فهل يعرقل نتنياهو الاتفاق ؟
ما يقوم به نتنياهو يؤكد انه لا يريد التوصل إلى إتفاق وهو يناور ويعرف جيدا ان ادارة بايدن هي التي ترعى الجهود لوقف اطلاق النار , وفي المقابل يحرص على استمرار المفاوضات؛ لينتزع المزيد من التنازلات، لكنه في النهاية لا يريد التوصل لاتفاق إلا إذا تزامن مع ظروف تضمن استمراره ,أما في حال وافق على الصفقة فيكون ذلك عندما يقتنع أن أوراق بقائه في السلطة تتفوق على أوراق خصومه الذين يريدون نزعها منه، فهل تتوفر هذه الشروط؟
بالتأكيد لن تتوفر إلا إذا حقق الأهداف التي وضعها بعد السابع من أكتوبر وهو القضاء على المقاومة والإفراج عن الأسرى الإسرائيليين , وهنا يحاول نتنياهو كسب الوقت لإطالة المعركة , ومن غير المستبعد أن يناور في عرقلة الحل إلى ما بعد اللقاء مع الرئيس بايدن وإلقاء كلمته المقررة الإربعاء 24 – 7 -2024 أمام الكونغرس الأمريكي ليستفيد من العطلة الصيفية للكنيست التي تبدأ بعد عودته من واشنطن أي السابع والعشرين من الشهر الجاري ولغاية السابع والعشرين من تشرين الأول المقبل , والوقت المستقطع بعدها بأيام انتخابات الرئاسة الأمريكية المقررة في الخامس من نوفمبر ويقينه بوصول صديقه ترامب إلى البيت الأبيض , وبهذه الحالة فإن نتنياهو سيناور ويواصل حرب الإبادة ضد الفلسطينيين ليكسب الأوراق التي يريدها وهي القضاء على المقاومة وإفراغ قطاع غزة من الفلسطينيين , وهذا ما لا يمكن أن يحققه خاصة وأن المقاومة الفلسطينية في غزة وجبهات الإسناد باتت تؤرق ليس “إسرائيل” وإنما الولايات المتحدة أيضا .
وأمام ضيق الوقت وضغوطات إدارة بايدن ما هي الخطوة التي يمكن لنتنياهو أن يفعلها لعرقلة اتفاق وقف النار؟
قبل سفر نتنياهو لواشنطن اجتمع مع فريق التفاوض والقيادات الأمنية ووافق على إرسال الوفد الإسرائيلي إلى الدوحة في الخامس والعشرين من الشهر الجاري أي بعد نهاية زيارته لواشنطن , وهذا يعني ان أي موقف نهائي حول الهدنة يجب أن ينتظر لحين عودته من واشنطن، وتقييمه لنتائج الزيارة ومدى تماشي الهدنة المتوقعة مع توجهاته، وتحديداً ألا تؤدى إلى انهيار الائتلاف الحاكم وهي كلها أمور لن يحسمها سوى نتنياهو نفسه , فهل يمكن أن يحصل على وعود من بايدن لمواقفه التي تدعم استمرار حكومته؟
من غير المعروف بعد ما إذا كان الرئيس بايدن سيغير من سياسته بعد انسحابه من سباق الرئاسة أمام ما تبقى له من أشهر في البيت الأبيض فالعلاقات بين نتنياهو وبايدن شابها الكثير من التوتر، رغم الدعم اللامحدود عسكريا وسياسيا لإسرائيل , وبالتالي لا يمكن لنتنياهو التجاوب مع أي مطالب أمريكية للتوصل للهدنة لا تتماشى مع مواقفه ,فنتنياهو يعي جيدا خطورة هذه المرحلة على مستقبله السياسي , فإذا وافق على صفقة للحل في ظل الإدارة الديمقراطية الحالية فإن هذا سيؤدي إلى الإطاحة به من خلال تهيئة الساحة الداخلية الإسرائيلية ضده , خاصة وان المظاهرات اليومية في “إسرائيل” تطالب بالإطاحة بحكومته ,وهذا ما يخشاه وبالتالي يعول على تضييع الوقت لوصول صديقه ترامب إلى البيت الأبيض ومن غير المستبعد أن يستغل خطابه في الكونغرس من عبارات لدعم الجمهوريين ليكونوا عونا له فيما بعد , رغم ان أي إدارة سواء كانت جمهورية أو ديمقراطية في البيت الأبيض فهي تمد “إسرائيل” بكامل احتياجاتها ,ولكن الدعم الذي يريده نتنياهو لشخصه لم يجده في الإدارة الحالية ولهذا يعول على الجمهوريين.
وفي الختام علينا أن نوضح كيفية بقاء نتنياهو في السلطة إلى الآن رغم المعارضة الشديدة له ليس من الإسرائيليين وحسب وإنما من إدارة الرئيس بايدن وطوفان التظاهرات العالمية المناصرة للفلسطينيين , فنتنياهو يحافظ على الإئتلاف المكون من احزاب اليمين المتطرف من خلال التقاء المصالح فيما بينهم , ولا حلفاء له إلا هؤلاء وهم لا يستطيعون العمل مع غيره إذا ما سقط , ومن التقاء هذه المصالح يستمد نتنياهو قوته الداخلية التي ساعدته ليصمد حتى الآن أمام التحديات الداخلية والخارجية فهل تستمر هذه الحالة ؟
التقلبات الداخلية والمعارضة الدولية لنتنياهو وجرائمه قد يكون لها الأثر خلال الفترة اللاحقة المليئة بالمفاجآت.