لعلنا نطالع الكثير من الدراسات والبحوث ونقف عند مذكرات وتصريحات مسؤولين سياسيين وأمنيين أجانب يتحدثون عن مؤامرات كبيرة ومخططات شيطانية يتم صياغتها وبناؤها في أروقة الحكومات الغربية وأقبية استخباراتها بهدف تسهيل السيطرة على الشعوب واستغلال ثرواتها بأشكال وطرائق مستحدثة يتم اختيارها وفق الظروف والمستجدات العلمية والمعرفية على المستويات الدولية والمحلية.
فبعد استخدام القوة المسلحة واستنفاد دورها بدأ الدخول في مرحلة التأثير في الوعي والعقل وآليات التفكير والسلوك المجتمعي بهدف تغييرها ودفع البشر لاعتناق مبادئ وأفكارٍ تخالف الوصايا الأخلاقية التي توحد القيم الأخلاقية بين البشر كافة، ولعل ما قاله “آلون دالاس” مؤسس الجاسوسيّة الأميركيّة في عهد الرئيس الأميركيّ رونالد ريغان، عن استراتيجيّةِ الغزو الأميركيّ لشعوب العالم، تعطي صورة عن الآلية التي تعمل بها مؤسسات الغرب لكيِّ الوعي وحرف البوصلة الأخلاقية والسلوكية عن اتجاهها الفطري والطبيعي، إذ يقول :
” العقل الإنساني،
العقل البشري،
ووعي النّاس،
مُهيَّأ للتغيير،
ونحن سنقوم بشكل ملحوظ بتبديل قيم الناس إلى قيم زائفة، ودفعهم إلى الإيمان والتمسّك بهذه القيَم البديلة، من خلال الأدب، والفنّ، مثلاً نقلب شيئاً فشيئاً الجوهر الاجتماعي للإبداع، نعزل الفنّانين عن محيطهم، ونقتلع منهم الرّغبة بالعمل وتجسيد الحياة الحقيقيّة للكتلة الشعبيّة، سنقدّم كلّ الدّعم لإشهار الفنانين الذين يزرعون ويُرسّخون وينشرون في الوعي البشري القيم الشاذة كعبادة الجنس، والعنف، والسّاديّة، والخيانة، وبكلمة أخرى كل ما هو غير أخلاقي، أمّا في إدارة الدولة المستهدَفة فسنزرع الفوضى، والارتباك، وستُصبح النظافة الأخلاقيّة، والتقيّد بالقانون والنّظام أموراً مُضحِكة، وستحلّ بكلّ مكان قِيَم الغدر، والحقارة، والضّعة، والوقاحة، والكذب والغشّ، والإدمان على المخدّرات، ويسود الرعب الوحشي بين النّاس، ويزدهر المُجون بكلّ ألوانه وأشكاله دون حياء أو خجل، وطبْعاً الخيانة، والتعصّب وكراهية الشعوب”!!..
وهذا ما يجعل المجتمعات تتخبط ما بين الحفاظ على قيمها الأصيلة وبين الانجرار خلف القيم الأميركية التي تهدم تاريخ البشرية وتحاول تجاوزه وإعلان لحظة القتل بداية التاريخ الجديد..