إن اختلاق الأعذار والحجج والمسوغات”.. “فن بكل ما للكلمة من معنى” لا يجيده إلا المتهربون من مسؤولياتهم وواجباتهم، وعليه فإنه لا يمكن لأحد وفي مقدمتهم “وسائل التواصل الاجتماعي” وغيرها القول إن ما جاء على لسان الإدارة الضريبية في وزارة المالية حول قيام لجنة من مديرية الاستعلام الضريبي بجولة اعتيادية في محافظة حمص، وزيارة عدد من المكلفين للتأكد من مدى الالتزام بالتشريعات الضريبية، لا يمكن إدراجه إلا ضمن باب التوضيح والتأكيد والتذكير فقط .. لا أي شباك آخر من شبابيكهم أو زواريبهم أو دهاليزهم.
ما جرى في حمص كغيرها من باقي المحافظات من تنظيم ضبوط “تهرب ضريبي” نتيجة الفروقات التي تم تسجيلها بين رقم الأعمال “المبيعات” في سجلات المكلف ورقم الأعمال “المبيعات” المصرح عنه من قبل المكلف نفسه صاحب السجلات عينها للدوائر المالية، لم يكن اعتباطياً أو تخمينياً أو استهدافاً غير مشروع، وإنما مرتكز وقائم على صخرة تشريعية صلبة “لا مهرب أو مفر منها” إلا وهي القانون 25 لعام 2003، وقانون الضريبة على الدخل رقم 24 لعام 2003 وتعديلاته ولا سيما المرسوم التشريعي رقم 30 لعام 2023، المتاح أمام كل مواقع ووسائل التواصل الاجتماعي دون استثناء للإطلاع عليه “بنداً بنداً ـ فصلاً فصلاً- سطراً سطراً – حرفاً حرفاً”.
ما جرى يؤكد للذين لا يرون من الغربال أن شمس الرقابة التنفيذية لم تغرب يوماً عن مكلفين بعينهم، أو تشرق على مكلفين محددين بالاسم، وإنما كانت ومازالت وستبقى مشرقة ليس فقط على المتهربين ضريبياً “الكبار والمتوسطين والصغار”، وإنما على المهربين وتجار السوق السوداء والأقبية المظلة، ونجوم القوائم السوداء، وكل من لف لفهم ممن كانوا ومازالوا يقدمون مصالحهم الشخصية الضيقة وحاسباتهم البنكية الكبيرة وثرواتهم الباهظة، على المصلحة العليا للخزينة العامة للدولة التي أصابها ما أصابها من ضياع ونزيف في كفة وارداتها المالية المقدر بمليارات الليرات يومياً نتيجة الممارسات غير القانونية، وتخفيض نسب الإنفاق العام التي يتم رصدها سنوياً لتغطية التكاليف الباهظة جداً التي سيتم رصدها وصرفها لرفع مستوى الخدمات العامة، وتحسين الوضع المعيشي والاقتصادي والحياتي، وتأمين فرص العمل والتعليم والرعاية والصحة للجميع .. لأسر وأبناء المتهربين والمهربين وغير المتهربين والمهربين.. الملتزمين والقانونيين والنظاميين.
من هنا .. من حتمية إيقاف هذه المهزلة التي لم ولن تعد تطاق، وجدية الدولة في التعاطي مع الملفات الخاصة جداً، جاء تحرك الأذرع التنفيذية للدولة، ليس باتجاه تبيان حقيقة ما جرى، وإصدار التعاميم التوضيحية غير الملزمة لا بل والمعروفة أصلاً وعن ظهر قلب للمكلف والمهرب والتاجر والصناعي.. ، وإنما باتجاه استمرارية الحركة والبركة التنفيذية على أعلى وتيرة ممكنة لبتر حالات الفلتان الضريبي والتهريبي ووأدها من جذورها.