الثورة – حوار راغب العطيه:
ولأن المحاربين القدماء فصيل رديف لجيشنا العربي السوري البطل وامتداداً له، وكانوا قد أمضوا حياتهم في الخدمة بصفوف القوات المسلحة، وشارك الكثيرون منهم في حروب ومعارك مشرفة، وكان لهم باع طويل في تحقيق الانتصارات لجيشنا العربي السوري في العديد من المعارك الوطنية والقومية، وهم يشاركون اليوم في معركة سورية ضد الإرهاب الداعشي الأميركي، فقد زارت صحيفة الثورة بمناسبة عيد الجيش رابطة المحاربين القدماء وضحايا الحرب المركزية في دمشق، وحاورت عدداً من الضباط المتقاعدين المنتسبين للرابطة.
– العميد أحمد: جيشنا عزز منهجية المقاومة..
العميد المتقاعد سعيد عيسى أحمد أمين سر فرع دمشق للمحاربين القدماء قال: عند الحديث عن الذكرى الـ79 لتأسيس الجيش العربي السوري لابد من العودة إلى لحظات تاريخية مهمة شكلت النواة الأولى لتأسيس جيشنا الوطني والتي لعب الأجداد والآباء دوراً مهماً فيها، لاسيما أولئك الذين كانوا ضباطاً في الجيش العثماني ولعبوا دوراً مهماً في بث الأفكار الوطنية والقومية التي شكلت المبادئ الأساسية للثورة العربية الكبرى التي أنهت الاحتلال العثماني لبلاد الشام عام 1918، واستعرض تلك الفترة بشكل مفصل إلى تكليف يوسف العظمة وزيراً للحربية، لافتاً إلى الدور المهم الذي لعبته هذه الوزارة في دعم ثورات السوريين ضد الاستعمار الفرنسي، من حيث تقديم المساعدات للثورات وإمدادها بالمستشارين والعتاد والذخيرة، وخاصة ثورة الشيخ صالح العلي وإبراهيم هنانو، حتى إنذار غورو المشؤوم الذي جاء لينفذ اتفاقية “سايكس بيكو” وفرض الانتداب على سورية، والذي كان من أهم بنوده حل الجيش الوطني، إلا أن بعض أفراد هذا الجيش ووزير الحربية يوسف العظمة أبوا إلا أن يخوضوا معركة الشرف والكرامة معركة ميسلون 24 تموز 1920 التي كانت غير متكافئة، انطلاقاً من رفض التبعية والاحتلال والاستعداد لتقديم الأرواح والدماء في سبيل عزة الوطن وكرامته، زارعين بذلك البذرة الأولى لمقاومة المستعمر والمحتل التي أصبحت اليوم أغصانها تعانق عنان السماء.
وأشار العميد أحمد إلى أنه بعد انتهاء معركة ميسلون لم يعد هناك ما يسمى الجيش الوطني حتى العام 1930، عندما تم تأسيس كلية عسكرية للضباط بحمص ومدرسة للرتباء والأفراد في لبنان، وذلك بعد قيام البرلمان، ولكن بعد أن دخل الاحتلال الفرنسي شكل ما يسمى قوات الشرق الخاصة أغلبها من المتطوعين السوريين، وخلال هذه الفترة عاش الشعب السوري فترات مواجهة مع المحتل الفرنسي أخذت أشكالاً عديدة أظهر خلالها الفرنسيون وحشية لا توصف في التعامل مع الشعب السوري حتى معاهدة 1936 التي وافقت فرنسا من خلالها على الاعتراف باستقلال سورية عام 1941، ولم يتحقق إلا في العام 1944 حيث اعترفت الدول الكبرى أمثال أمريكا وبريطانيا والصين وروسيا ولدى تمنع الفرنسيين من تنفيذ الاستقلال وارتكابهم المجازر بحق الشعب السوري لاسيما مجزرة البرلمان 29 أيار 1945 الأمر الذي دفع الكثير من قوات الشرق الخاصة إلى الالتحاق بقوى الأمن الداخلي الوطني.
وفي الأول من آب من عام ١٩٤٥ أعلن عن تشكيل الجيش العربي السوري وشكلت أول وزارة للدفاع ورئاسة أركان بقيادة اللواء عبد الله عطفة، وعليه تم تشكيل النواة الأولى للجيش العربي السوري وفقاً لأعراف التشكيل.
وأوضح العميد أحمد أن البداية كانت متواضعة وأن هذا الجيش لم يكمل ثلاث سنوات من تأسيسه حتى وجد نفسه في مواجهة مع العصابات الصهيونية بحرب عام 1948 بعد أن ساهم في معركة تحقيق جلاء المستعمر الفرنسي 17 نيسان 1946، وعلى الرغم من حداثة الجيش العربي السوري وتواضع إمكانياته خاض معارك ناجحة ضد العصابات الصهيونية وكان له دور مهم في جيش الإنقاذ عام 1948 وكانت ضحاياه في حرب فلسطين ما يقارب الـ300 شهيد منهم 11 ضابطا و40 صف ضابط.
وتحدث العميد أحمد عن مرحلة الانقلابات العسكرية وثورة الثامن من آذار التي لعب فيها العسكريون دوراً بارزاً مروراً بحركة 23 شباط 1966، وإقصاء العقليات اليمينية من سلطة الدولة والحزب، وخاض الجيش حرب عام 1967 ونفذ خلالها معارك مهمة بالرغم من النكسة التي أصابت الجيوش العربية.
ولم يستكن الجيش أو يستسلم للواقع المرير الذي وصلت له الأمة العربية نتيجة النكسة، وخاصة بعد الحركة التصحيحية والقيادة الحكيمة للقائد المؤسس حافظ الأسد الذي أعطى القوات المسلحة حيزاً مهماً من اهتماماته وعنايته، فشهدت في عهده التوسع الأفقي والشاقولي، وعرفت نظام الفرق، وتم رفدها بالخبراء والمستشارين، وتم فتح الدورات خارج القطر، واستعدت لمعركة المواجهة في عام 1973 حرب تشرين التحريرية حيث خاضها جيشنا البطل بكل بسالة وشجاعة وتخطيط متقن أدت إلى تحولات هامة على صعيد الصراع العربي الصهيوني.
وأشار العميد أحمد إلى أنه نتيجة لما حققه الجيش في حرب تشرين التحريرية تحركت العصابات الإرهابية (الأخوان المسلمون) في مطلع الثمانيات من القرن الماضي وحاولت أن تنتقم من سورية، إلا أن الجيش العربي السوري كان لها بالمرصاد وقضى عليها وأعاد الأمور إلى نصابها، مستعرضاً الدور الذي لعبه جيشنا البطل في إنهاء الحرب الأهلية في لبنان عام 1976 وكيف استطاع أن يعيد إلى لبنان استقراره ووحدته.
وواجه مع المقاومة اللبنانية العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 1982 وإسقاطه لاتفاق 17 أيار، كما ساهم بشكل كبير في حرب تحرير الجنوب اللبناني وحرب تحرير الكويت، ووقف داعماً أساسياً لكل قوى المقاومة وأسس لها البيئة الحاضنة ومدها بكل عوامل الصمود والقوة والمواجهة ومايزال، وهو يتصدى اليوم بكل جدارة لحرب كونية لم يشهد التاريخ مثيلاً لها من حيث القوى المشاركة فيها والأدوات والعصابات الإرهابية والحصار الاقتصادي والإعلامي بفضل إيمانه الثابت بالوطن وعقيدته الحربية والعسكرية الوطنية بقيادة السيد الرئيس بشار الأسد، وأسقط هذا المشروع الإرهابي الذي يسعى لإزالة سورية من معادلة الردع والمواجهة مع العدو الصهيوني، وإلى تفكيكها وتقسيمها إلى دويلات طائفية مقدماً أروع الصور والبطولات، وقد خاض أشرس المعارك على أرض سورية ومازال، في حربها المستمرة على الإرهاب حتى إزالة كل أشكال العدوان والإرهاب والاحتلال.
وفي الختام قال العميد أحمد: إن الجيش العربي السوري عزز عبر مسيرته المستمرة على مدى 79 عاماً منهجية المقاومة التي تأسس عليها ورفع من شأن الشهادة واعتبرها الطريق إلى النصر متبعاً نهج الآباء والأجداد وسلوكهم في المقاومة والفداء والتضحية انطلاقاً من واجباته الوطنية للدفاع عن الوطن والحفاظ على وحدته وسيادته واستقلاله.
– العميد بني المرجة: جيشنا هو الضمانة والأمل في الدفاع عن الوطن..
العميد المتقاعد الدكتور نزار بني المرجة عضو المجلس المركزي لرابطة المحاربين القدماء رئيس أطباء الرابطة قال: في الذكرى ال79 لتأسيس الجيش العربي السوري نستذكر الوقفة البطولية لرجال جيشنا المقاتلين الأشاوس الذين برهنوا منذ اللحظات الأولى لانكشاف المؤامرة الكونية الإرهابية التكفيرية التي استهدفت وجود سورية برمتها في الخارطة السياسية في المنطقة والعالم أنهم على قدر المسؤولية، وان جيشنا العربي السوري هو الضمانة والأمل في الدفاع عن الوطن، وقد قدم التضحيات الجسام، وعندما تحولت خارطة الوطن بكاملها إلى خط جبهة لم تعد هناك جبهة تقليدية كالجبهة في مواجهة المحتل الصهيوني، وذلك لأن أعداء الأمة أرادوا أن تكون كل الخارطة مستهدفة من كل أطرافها وحتى من داخلها، وبالتالي كان هذا تحدياً كبيراً أمام الجيش العربي السوري للاضطلاع بمسؤوليته كضامن لهذا الوطن وللدفاع عنه في كل ساحة وميدان، وبرهنت وحدات جيشنا البطل بمختلف اختصاصاتها على كفاءتها العالية في التصدي للتنظيمات الإرهابية التكفيرية المسلحة التي يقف خلفها قوى صهيونية وغربية وإرهابية عديدة مكشوفة ومعروفة وكانت تحارب من خلف أقنعة وكل مجريات الأمور أسقطت تلك الأقنعة وظهر الأصيل بعدما كان يحارب الوكيل.
وشدد العميد بني المرجة على أن الجيش العربي السوري كان ومازال أمثولة في التضحية والإقدام من أجل الحفاظ على الوحدة الوطنية، ولذلك لم تهتز العقيدة القتالية التي يعتنقها، كما أنه كان يعرف تماماً في كل بقعة طبيعة المعركة التي يجب أن يخوض، وبالتالي من خلال المعارك والمواجهات اكتسب خبرات ميدانية عالية وخبرات تقنية، وكذلك خبرات في التعامل مع السلاح الحديث الذي يستخدمه الإرهابيون، وقد تمتع مقاتلونا بأداء عالي المستوى نتيجة لإرادة أبناء هذا الوطن للحفاظ عليه.
كما أثبت جيشنا البطل وجوده في كل بقعة من أرض وطننا الحبيب وانتصر فيها واستطاع أن يدحر العصابات الإرهابية الصهيونية ومن خلفها، واستطاع أن يحافظ على وحدة الوطن وترابه الوطني، ضارباً أروع أمثولة بالانتماء للأرض والتضحية في سبيلها، فعندما روى شهداؤنا تراب الوطن بدمائهم الطاهرة فهم يدافعون عن شعبهم الذي التف حولهم في مواجهة الهجمة التكفيرية، والبطولات التي سطرها أبطالنا في هذه الحرب الطويلة الشرسة وغير المسبوقة تفوق في خصوصيتها وروعتها ما حققه جيشنا العربي السوري في كل الحروب السابقة وفي كل الجبهات السورية والعربية.
وأضاف العميد بني المرجة انه لابد من التنويه بأن رابطة المحاربين القدماء وضحايا الحرب في سورية بصفتها فصيلاً يمثل شريحة متميزة من أبناء سورية كانوا قد أمضوا حياتهم في الخدمة بصفوف القوات المسلحة، وشارك الكثيرون منهم في حروب ومعارك مشرِّفة، وكان لهم الباع الطويل في تحقيق الانتصارات لجيشنا العربي السوري، فهي اليوم فصيل رديف لجيشنا البطل في مواجهة الإرهاب والإرهابيين، وقد شارك الكثير من ضباطنا وصف ضباطنا والجنود المتقاعدين المنتسبين للرابطة في عدد من المعارك والمواجهات على امتداد خارطة الوطن وقدمت الرابطة ما ينوف عن 70 شهيداً، نذكر منهم العميد نعيم مطانيوس موراني، والعميد فيصل أحمد إسماعيل، والعقيد علي سعد الدين، والعميد رضوان جروج المدلوش، والعميد المهندس عيسى صالح سلامي، والمقدم مالك رستم، والعميد عزيز حسن يسوف، والعميد سعيد عماد، والعقيد إسماعيل محمد رضوان، والعقيد الطيار هايل وديع خلف، وغيرهم كثيرون لا يسعنا المقال لذكرهم، وهم من خيرة ضباط قواتنا المسلحة سابقاً ومن أعضاء رابطة المحاربين القدماء، وهم الذين أبوا إلا أن يشاركوا مع جيشنا ويكونوا امتداداً واستمراراً لخدمتهم الطويلة، فبذلوا أرواحهم ودماءهم فداء للوطن ليؤكدوا أن هذه الشريحة التي تحمل إرثاً نضالياً كبيراً هي على أتم الاستعداد لأن تكون إلى جانب الجيش العربي السوري كفصيل صالح مدرب ولديه الخبرة الطويلة للمساهمة في هذه المعارك والمواجهات مع أعداء الوطن.
وفي الختام وجَّه العميد بني المرجة التحية باسم رابطة المحاربين القدماء وضحايا الحرب التحية لضباط وصف ضباط والجنود والأفراد في الجيش العربي السوري وهم في مواقعهم وعلى جبهات المواجهة، وقال: نشد على أيديهم ونبارك خطواتهم وانتصاراتهم التي يسجلونها كل يوم، وإن أعضاء رابطة المحاربين القدماء جاهزون للقتال إلى جانبهم كتفاً إلى كتف وجنباً إلى جنب لمواصلة رسالة الجيش العربي السوري المقدسة، وأنهم عند حسن ظن القائد المفدى السيد الرئيس بشار الأسد.