الثورة – لينا شلهوب:
نجا طفلان بأعجوبة، جراء حريق ضخم اندلع أمس داخل منزلهما في حي البلدية بمدينة جرمانا في محافظة ريف دمشق، وتسببت بطارية الليثيوم بهذا الحريق بعد انفجارها، الأمر الذي أدى إلى حدوث أضرار كبيرة في مدخل المنزل، واختناق طفلين بسبب الأبخرة السامة الناتجة عن المواد الكيميائية.
وأكدت جهات مختصة أن انفجار البطارية ناجم عن النوعية الرديئة للبطارية، وبعد التواصل مع أصحاب المنزل، تبيّن أن سبب الكارثة هو سوء التركيب من قبل جهة غير مختصة، بالإضافة إلى رداءة نوع البطارية، مشيرين أن بطاريات الليثيوم خطرة إذا لم تكن من نوع موثوق، كما ينبغي ألا يتم استخدامها بدون إشراف فني مختص، وذي سمعة جيدة، لأن الأخطاء في السلامة البشرية ثمنها حياة.
ضرورة يومية لا رفاهية
مع تصاعد أزمات انقطاع التيار الكهربائي في العديد من المدن والمناطق، بات البحث عن بدائل للكهرباء ضرورة يومية لا رفاهية، فقد دفعت الحاجة المستمرة للكهرباء- التي تُعد عصب الحياة الحديثة- كثيرين إلى الاعتماد على وسائل بديلة تضمن تشغيل الأجهزة الأساسية في المنازل والمحال والمكاتب، وتعددت هذه الوسائل، وكان أبرزها البطاريات بأنواعها المختلفة، التي أصبحت الخيار الأول لدى شريحة واسعة من المواطنين.
بطاريات الليثيوم، وبطاريات الأمبيرات، وأنظمة الطاقة الشمسية المتصلة بوحدات تخزين كهربائي، جميعها باتت شائعة في الاستخدام اليومي، ويرى مستخدمون لها، أن بطاريات الليثيوم، رغم تكلفتها المرتفعة، توفّر حلاً عملياً بفضل سعتها الكبيرة، وكفاءتها في الشحن والتفريغ، أما البطاريات التقليدية، فتعد خياراً اقتصادياً لدى كثيرين رغم قصر عمرها الافتراضي.
تحذير من مخاطرها
وراء هذا الاعتماد المتزايد تكمن مشكلات لا يستهان بها، إذ يحذّر مختصون من مخاطر تلك البطاريات، خاصة عند استخدامها أو شحنها بطرق غير آمنة، فقد شهدت بعض المناطق حوادث نتيجة حرائق ناتجة عن ارتفاع حرارة بطاريات الليثيوم أو تلفها داخل أماكن مغلقة وغير مهيأة، كما أن سوء تخزين البطاريات، خصوصاً في فصل الصيف، يزيد من احتمالات الانفجار أو الاشتعال المفاجئ، يضاف إلى ذلك خطر بيئي متصاعد، فالكثير من هذه البطاريات تحتوي على مواد كيميائية سامة، مثل الكوبالت والرصاص، مما يجعل التخلص منها دون رقابة بيئية أمراً خطيراً قد ينعكس سلباً على التربة والمياه الجوفية، بحسب ما أكدته دراسات بيئية حديثة.
ولا يقف الأمر عند المخاطر الصحية والبيئية فقط، بل يمتد إلى الجانب الاقتصادي، فأسعار بعض هذه البطاريات تجعلها خارج متناول ذوي الدخل المحدود، ما يدفع البعض إلى اللجوء لبطاريات مستعملة أو منخفضة الجودة، وهو ما يزيد من حجم الخطر.
بدائل أكثر أماناً
ويدعو مختصون ومهتمون بقطاع الطاقة إلى ضرورة توعية المستخدمين بطرق الاستخدام الآمن، وأهمية اتباع إجراءات السلامة خلال الشحن والتخزين، كذلك يؤكدون على أهمية تشجيع الاستثمار في تطوير بدائل أكثر أماناً، إلى جانب دعم مشاريع الطاقة المتجددة لتقليل الاعتماد على مصادر غير مستقرة وخطرة.
فيما تبقى الحاجة للكهرباء ثابتة، لكن طرق توفيرها يجب أن تكون آمنة ومستدامة، وهو ما يتطلب جهداً مشتركاً بين المواطنين، والجهات المختصة، وصنّاع القرار.
وفي هذا السياق لفت خبير الطاقة المتجددة المهندس أحمد ناصر إلى أن بطاريات الليثيوم تعد من أكثر الوسائل كفاءة لتخزين الطاقة، لكنها أيضاً من أكثرها حساسية وخطورة في حال أسيء استخدامها، وتكمن المشكلة في غياب الوعي التقني لدى بعض المستخدمين، وعدم توفر أنظمة أمان أو تبريد كافية، خصوصاً في البيئات السكنية الضيقة.
وأشار ناصر إلى أن التخلص غير الآمن من البطاريات بعد انتهاء عمرها الافتراضي يمثل تهديداً بيئياً خطيراً، داعياً الجهات المختصة إلى وضع سياسات واضحة لإعادة تدوير هذه المواد بشكل آمن.
لتوفير الاحتياجات من جهة أخرى، سيطرت حالة من الاستغراب على عدد من الأهالي بعد أن صدرت فواتير الكهرباء الأخيرة، لما سجلته من مبالغ مالية باهظة، خاصة أن ساعات القطع أكثر بكثير من ساعات الوصل، متسائلين عن أسباب ارتفاع الفواتير، وهل هناك استهلاك يستحق هذه الفواتير العالية في ظل غياب التيار الكهربائي.
عدد من الأهالي في مدينة جرمانا، وكشكول، وكذلك في الطبالة، أكدوا أنه تم اللجوء إلى تأمين بدائل عن الكهرباء ذات الاستخدامات اليومية المتعددة والضرورية، ما دفع الكثيرين للبحث عن وسائل تحل محلها لتوفير الاحتياجات، وتنوعت الوسائل ما بين استخدام البطاريات ومنها الليثيوم أو الأمبيرات وغيرها.
فيما أشار آخرون إلى أن رفع أسعار الكهرباء، عكس ارتفاعاً كبيراً في قيمة الفواتير الكهربائية للاستهلاك المنزلي، وهناك فواتير تجاوزت الحدود المتوقعة بكثير لتصل إلى مليوني ليرة وأكثر، حتى مع فترات التقنين الطويلة للكهرباء، سواء في مناطق السكن العشوائي، أم في المناطق النظامية.
كما أوضح عدد من مراجعي مراكز الكهرباء للاستفسار عما حدث، والتأكد من قيم الاستهلاك، وإن كانت الفاتورة نظامية أم هناك غبن لجهة تقييم الاستهلاك، أن بعضهم لم يستفد شيئاً من المراجعة، حيث قيم الاستهلاك المفروضة كانت بحسب الشرائح المحددة.
شحنها.. يرفع الفواتير
مصادر في وزارة الكهرباء بينت أن كثيراً من الأهالي ممن شهدت فواتيرهم ارتفاعاً ملحوظاً وغير مسبوق وغير متوقع، لا يعلمون أنه إضافة للاستهلاك المنزلي للكهرباء والأدوات الكهربائية، هناك بطاريات (الليثيوم) التي يشكّل شحنها عبئاً كبيراً على الشبكة الكهربائية، فالشخص كان يظن أن البطارية طاقة مجانية، في حين هي غير ذلك، بل طاقة مترددة، وأصبحت الوزارة تصدر إرشادات عبر وسائل الإعلام المرئية حول هذا الموضوع، مع التأكيد على ضرورة إلزام من يمتلك بطارية ليثيوم أن يتم شحنها من الطاقة الشمسية وليس الكهربائية، حيث العبء كبير على الشبكة، علاوة على ذلك فإن الوزارة تدرك قيمة الهدر الناتج عن هذه البطاريات، حيث لا يمكن إعادة تدويرها، وستزيد من التلوث لاحقاً.
تدفق للبطاريات
يؤكد أحد الباحثين أن السوق السورية تشهد تدفقاً كبيراً لبطاريات الليثيوم رغم ما تسببه من هدر كبير على جوانب عدة منها للناحية الكهربائية، ولناحية الاستهلاك الكبير، حيث تشكّل عبئاً على الشبكة، إذ تسجل تيارات عالية جداً، فالعداد المنزلي 40 أمبيراً، وهي تستجر الكثير، لذا من الضروري أن يتم شحنها عبر الطاقة الشمسية، وهناك الناحية الاقتصادية، إذ لا يوجد آليات لتدويرها وتختلف عن البطاريات الرصاصية، إذ لا توجد قدرة لإعادة تدويرها والاستفادة منها، ولا أحد يقبل أن يشتريها بعد انتهاء مدة عملها.