الثورة- منذر عيد
مع سلوك ملايين السوريين دروب اللجوء المتهالكة نحو دول الجوار وأوروبا والأمريكيتين منذ بداية الحرب في سوريا بداية 2011، تصدّر السوري قائمة اللاجئين في العالم، وشكّل ملفه أولوية في دوائرالقرارالسياسية العالمية، وبات أولوية على قوائم المساعدات، وأصبح خبراً شبه يومي يتم تداوله في فضاءات الإعلام، ليشهد ذاك الملف اليوم، انفراجة كبيرة، ويطرق الأمل أبوب السوريين في اغترابهم مع سقوط النظام السابق، ورفع الولايات المتحدة الأميركية ودول الاتحاد الأوروبي العقوبات الاقتصادية على سوريا.
وتشهد علاقات دمشق السياسية مع دول الجواروالعالم انطلاقة جديدة، لتسجل دفاترمنظمة الهجرة الدولية التابعة للأمم المتحدة، في 14 الشهر الماضي عودة 1.87 مليون نازح ولاجئ سوري في الداخل والخارج، بانتظار أن يغلق ملف اللجوء بشكل كامل، فهل سيكون ذلك قريباً أم ثمة ما يعرقل إنهاء الملف وعودة جميع السوريين إلى ديارهم؟!.
قرابة السبعة أشهر على سقوط النظام السابق، لم تكن كفيلة بإغلاق ملف اللجوء السوري، على الرغم من جهود الحكومة السورية فعل ذلك، لتبرز جملة من المعطيات والمعوقات التي تحول دون ذلك، حيث أكد المفوض السامي لـ«الأمم المتحدة» لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، في 19 الشهر الجاري خلال اجتماع عقده، مع رئيس الحكومة اللبنانية، نواف سلام، أن العديد من اللاجئين «يرغبون بالعودة، ولكن هناك تحديات كثيرة، أوّلها: كيفية مساعدتهم على العودة فعليّاً، ثم مساعدتهم في ديارهم في سوريا، مشيراً إلى أن «ما يمكن أن تُقدّمه المفوضية وبقية هيئات الأمم المتحدة في سوريا خلال الأشهرالقليلة الأولى، يجب أن يكون تأثيره طويل الأمد لمساعدة الناس بالبقاء هناك وعدم النزوح من جديد، لأن ذلك سيكون كارثياً على الجميع»، حسب ما ذكرت الوكالة الوطنية للإعلام.
من المؤكد أن تحقيق عودة مستدامة للاجئين السوريين يتطلب توفير فرص عمل مستدامة، وإعادة تأهيل البنية التحتية المتضررة، وضمان توفيرالخدمات الأساسية التي تضمن لهم العيش الكريم في مناطقهم الأصلية، بحسب ما أكد منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في سوريا، آدم عبد المولى، في منشور على منصّة “إكس” اليوم.
إلا أن تهالك البنية التحتية جرّاء الحرب، ونقص التمويل الإنساني الدولي، ليست من الأسباب الوحيدة لعدم عودة اللاجئ السوري إلى وطنه، بل ثمة أسباب أخرى لعدم العودة، منها أن العديد وربما الكثير منهم باتوا مندمجين في مجتمع الاغتراب، ومنخرطين في سوق العمل، لدرجة باتوا عناصرأساسية في تلك المجتمعات، ونال أطفالهم جنسية تلك البلدان ويدرسون في مدارسها، الأمرالذي يشكّل من قرارالعودة أكثر صعوبة وتعقيداً، ويضع اللاجئ السوري أمام مفاضلة البقاء والعودة لترجح كفة الأولى في كثير من الأحيان، خاصة وأن العديد من الدول المستضيفة لهم ترى في قرارعودتهم أمراً شخصياً، وطوعياً، الأمر الذي يفسرعودة نصف مليون لاجئ من أصل نحو 6.8 ملايين.. ليبقى السؤال متى ينتهي ملف أوجاع الغربة؟.