الثورة – علاء الدين محمد:
نشوة روح، مجموعة أدبية إنسانية تنطلق من الروح البشرية محاولة الوصول إلى الذات الإلهية عبر طقوس متعددة من الابتهال والدعاء والخضوع والمناجاة.
أقيم في ثقافي المزة بدمشق حفل توقيع كتاب نشوة روح للكاتبة مرام كمال المحمد، حيث قدم كل من الدكتور طارق العريفي من جامعة دمشق والناقد أحمد هلال قراءة نقدية حول الكتاب
بداية أوضح د. العريفي أنه لا داعي للبحث عن نوع الجنس الأدبي الذي كتبت به المجموعة فهي لم تكتب على وزن البحر الطويل أو البسيط أو أي وزن آخر، بل كتبت على وزن نبض الروح والقلب، وهي بذلك كتبت على وزن البحر العميق وشفافية الروح.. هي ليست مجموعة شعرية ولا نثرية إنها مجموعة شعورية كتبتها روح مرهفه تائهة هائمة تناجي الذات الإلهية تارة، وتؤوب طوراً إلى عوالمها الذاتية، فتذرف دمعة رجاء، وتواسي أنين روح وتضمد جراح قلب، وتئن مع كل نسمة ٱملاً بلقاء النور، ويبقى الأمل بوصال مع النور الإلهي ليرتقي بالنفس مع الروح الوالهة الظمأى في هيام تسمو به المشاعر في لقاء ترقى به الأحاسيس، في عناق تفنى فيه الأهات، فيتقد الحب شعلة مضيئة تذوب فيها الرغبات وتصوغ من لظاها، تشف المعاني حتى تكشف عن محبة براها الجوى وأضناها الشوق.
وأضاف الدكتور العريفي أن المواضيع تتعدد وتتنوع في هذه المجموعة وهي في كل ذلك لا تخرج في تنوعها وتعددها عن النفس التائهة التائقة للحبيب، الراغبة بالهدوء والسلام، فلنقرأ معها هذا الوصال ونهيم وإياها في هذه المشهدية
(بعد منتصف الليل عليك بركعتين حقيقيتين تزيلان الهم.. ودمعتين دقيقتين تشفيان القلب ودعاء من قلبك نقي لرب السماء المجيب للعبد التقي)..
ومن تلك المشهدية إلى هذه الوجدية المليئة بالسكينة والطمأنينة تقول:
(وجدت السكينه برائحة أوراقي ورائحه المطر برائحه من أحببت، وجدتها بقطرات الغيم بدموع السماء على وجنتي بريف عيني…)
اما الناقد أحمد علي هلال يرى أن ما يمكن أن نصطلح عليه في تلك النصوص هو هذه الشذرات التي تلتحم ببنية أقرب إلى الحالة الشعرية منها إلى النثر الطليق والتأمل، في هذه الشذرات سيمنح القارئ عتبة الدخول إلى صيرورات وعي الكاتبة بذاتها والعالم الآخر ذلك هو ما يحقق رؤيتها من الجزء إلى الكل ومن العام إلى الخاص.
حيث الأفكار مادتها دون أن تغرق في بلاغة ما خلا بلاغة الفكرة ودون أن تفيض ببوحها أكثر مما تستحقه الفكرة لتأتي الأفكار دون عناوين كاشفة سوى عنوانها الوحيد (نشوة روح)
وذلك ما يضعنا أمام تساؤل جدي وعلى مستويين الأول هو مفهوم النص الأدبي وعلاقته بمفهوم الأدبية داخل النص.
الثاني هو اللغة الواضحة والمركزة والصافية بوصفها أداة لنقل التجربة كما في خواتم نصوصها.
وهذا ما سيعني كثافة جمالية بعينها متعلقة بالذات والوجود والبعد العقيدي واليقين واللا يقين. وهناك بعد خفيف سيجلوه القارئ وهو الثيوصوفية أي الحكمة الإلهية المركبة من مفردتي هذه الجملة.
وأضاف أحمد هلال أن في (نشوة روح) ما تتعالق به كلماتها ولغتها وخلاصاتها بحوامل ثقافية تستدعيها ذاكرة القراءة، أي في مسعى غير كاتب وحكيم وفيلسوف، لاسيما على الجانب العرفاني في مثل تحرر من الماضي ل كريشنامورتي الفيلسوف الهندي الذي يقول في مقدمة كتابه: بحث الإنسان عبر العصور عن شيء ما أبعد من ذاته نفسها وأبعد منها هنائه المادي، شيء ما يمكن تسميته الله أو الحقيقة، وإذا ما أردنا الذهاب إلى جوهر ما أراده كريشنا مورتي صاحب مأساة خاصة (فقد أخيه) هي تأكيده على الوحدة الإنسانية بوصفها الشيء الجوهري، وأن الحب يشكل الطريق الوحيد إليها وبأن التحرر الحقيقي هو حرية داخلية للحقيقة الإبداعية، وعليه فإن (نشوة روح) تسعى في أثر الحصول على ذلك الكنز الخالد، أي الفكر حينما يحرر نفسه من المتعاليات والدنيوية والجهل.
وتنطوي (نشوه روح) على الكثير من الموضوعات المتصلة المنفصلة، وبعنوانات لافتة منها حواس الحب التي تقول:
(أتسمع نبضات قلبك عند رؤية من أحببت، أتبصر لمعة عينيك عند لمحة ظله، أتلاحظ رجفتك خوفاً عليه، أشممت رائحتك عليه، الحب بانت عليك وكشفت محبتك)
ولكن ونحن نتساءل عن أدبية هذه النصوص التي اصطلحنا عليها بالشذرات هل تنطوي في ثناياها على شعرية محتملة ولعل هذه الشعرية ليست في الكلمات والألفاظ بقدر ما هي في الحالة التي تسيرها هذه الكلمات.