الدكتور المهندس محمد رقية:
لقد سبق الهزة الرئيسية بقدر ٥،١ درجة والتي كان مركزها على عمق ٩،٢ كم قبل ساعتين ونصف هزة بقدر ٣،٨ درجات على عمق ٣٥كم
ثم تلاها ٩ هزات ارتدادية بقدر ٤،٥- ٢،٤ درجة بمقياس ريختر، ووصل عمق بعضها إلى ٤ كم عن سطح الأرض حسب بعض مراكز الرصد أي إنها اقتربت من السطح بشكل كبير وهناك تخامد في عزم هذه الهزات وقد رسمت منحنياً بيانياً يوضح ذلك بجلاء. وسيتبعها هزات أخرى أضعف.
أولاً – نحن هنا أمام ثلاثة أنواع من الهزات:
١- هزة تحريضية:
لقد حرضت الهزة الأولى التي كانت على عمق ٣٥ كم ونشطت الفوالق في الطبقات الصخرية الأعلى وعلى مستويات متعددة حتى ٤ كم وأدت إلى حدوث الهزة الرئيسية.
٢- هزة تفريغية وهي الهزة الرئيسية التي فرغت الضغوط التحريضية الناتجة عن الهزة الأولى.
٣- الهزات الارتدادية الناتجة عن تأثير الهزة التفريغية وهي أضعف منها بكل الأحوال كما هو ملاحظ في المنحنى.
ثانياً – أن الشعور الكبير بتأثيرها على مساحات واسعة سببه قرب بؤرة الهزة من سطح الأرض، فكلما كان مركزها أقرب إلى السطح كانت أضرارها أكبر حتى ولو كانت شدتها أقل وهناك معادلات تحكم هذا الأمر.
ثالثاً – لو دققنا في مواقع هذه الهزات نجدها في نفس النطاق بين السلمية وحماة وأقرب إلى السلمية وواحدة منها ضعيفة شرق السلمية وهذا يؤكد أنها حصلت على الفوالق الثانوية المغطاة بالرسوبات الحديثة المرتبطة بالجزء الشمالي من حزام الطي التدمري.
رابعاً – لن يحصل هزات أقوى بالمنطقة في المستقبل المنظور، بل ستكون كلها أضعف من ذلك.
ويمكن لأهالينا في السلمية وحماة وحمص والمناطق المحيطة أن يناموا مطمئنين
خامساً – نطاق حزام الطي التدمري, هو أحد النطاقات الزلزالية الثلاثة الرئيسية في سورية وهو أضعفها، التي لا تتجاوز زلازله في الجزء التدمري قدر ٦ درجات غالباً.
أما النطاق الزلزالي الثاني فهو نطاق الانهدام العربي الذي يبدأ من خليج العقبة في الجنوب وحتى فوالق شرق الأناضول في تركيا في الشمال عبر الأردن وفلسطين ولبنان وسورية على امتداد ١١٠٠ كم ويمثله في لبنان فالق اليمونة على طول ١٧٥ كم ويمثله في سورية فوالق مصياف من البقيعة جنوباً مروراً بانهدام الغاب وانهدام الروج والعمق حتى فالق شرق الأناضول على امتداد ٢٤٠ كم والفوالق المرتبطة بما في ذلك فالق عفرين وفالق اللاذقية.
ويتبع للانهدام في الطرف الجنوبي فالق سرغايا وفالق دمشق وفالق راشيا وكلها أنشطة وزلازل هذا النطاق تصل إلى سبع درجات بشكل عام.
أما النطاق الثالث والأخطر فهو نطاق التصادم بين الصفيحة العربية والصفيحة الإفريقية من الجنوب والصفحة الأوراسية ومعها تحت الصفيحة الأناضولية من الشمال وزلازله يمكن أن تصل إلى تسع درجات كزلزال أزميت في تركيا عام ١٩٩٩ وزلزال بام في إيران عام ٢٠٠٥، وزلزال كهرمان مرعش في ٦ شباط ٢٠٢٣ بتركيا وقد أوضحت ذلك بالتفصيل في دراساتي المنشورة في كتاب الزلازل ومخاطرها في بلاد الشام الصادر عام ٢٠١٠ في دمشق وفي الأبحاث اللاحقة المنشورة في مؤتمرات عالمية.
سادساً – نطاق الطي التدمري هو نطاق تفرع بفوالقه عن الانهدام شمال سهل الحولة باتجاه شمال شرق ويبدأ بجبل الحرمون الذي يصل ارتفاعه إلى ٢٨١٤ م حتى جبل البشري في النهايات الشرقية والذي لا يتجاوز ارتفاعه ٨٥٠ م.
يمتد الحزام التدمري بطول أكثر من 400 كم وعرض حوالي 100كم يعتبر هذا الحزام من أحدث الأنظمة الجبلية المتواجدة ضمن القارات, وهو يشكل واحداَ من أكثر التراكيب أهمية علمية واقتصادية في وسط سورية وغني بالنفط والغاز والفوسفات ورمال الكوارتز النقية (السيليكا) ومواد البناء والإسمنت والمياه والإسفلت في جبل البشري وغيرها.
ويقع بين كتلتين قشريتين متوازنتين نسبياً في شمال الصفيحة العربية, نهوض الرطبة في الجنوب ونهوض حلب في الشمال ومحاط من الجانبين بمنظومة من الفوالق الكبيرة ذات التو ضع العميق, والتي تعتبر حسب أوفلياند (1965) انعكاس لفوالق الركيزة.
يظهر في البنية الحالية بشكل واضح نظام الفوالق الجنوبية أكثر بكثير من منظومة الفوالق الشمالية, التي تتغطى بالرسوبيات الأحدث كما أشرنا آنفاً.
سابعاً – يمثل حزام الطي التدمري منخفض أولاكوجيني تشكل في الحقب الثاني المبكر (أي منذ حوالي ٢٥٠ مليون سنة) ومن ثم تعرض للطي والتفلق وتشكل سلاسل الجبال التدمرية الجنوبية والشمالية في الميوسين الأوسط والأعلى خلال الزمن ما بين ١٥ مليوناً إلى ٧ ملايين سنة. وقد حدث ضمن هذا النطاق العديد من الزلازل قديماً وحديثاً وزلازله من النوع المتوسط ولا تتجاوز عادة في الجزء التدمري كما ذكرنا (6 درجات) بمقياس ريختر.
ثامناً – يقسم هذا الحزام إلى:
أ- السلسلة التدمرية الجنوبية التي تظهر فوالقها بوضوح في الأطراف الجنوبية للسلسلة
ب- السلسلة التدمرية الشمالية التي تشمل: سلسلة لبنان الشرقية مع القلمون وجبال البلعاس وجبل البشري
يفصل بينهما حوض الدو الذي يمتد لحوالي مئتي كم
كما يفصل فالق الجهار الكبير كتلتي البلعاس والبشري عن حوض الدو والسلاسل الجنوبية ويمتد باتجاه الغرب ويختفي في حوض حمص.
تاسعاً – يرتبط مع حزام الطي التدمري نطاق فالق العلب في البادية السورية ويمتد كما ظهر معنا أثناء وضع خارطة التكتونيك الحديث لسورية، حتى فالق سرغايا شمال غرب دمشق على طول ٤٠٠ كم وهو من النطاقات الصغيرة, الذي يمكن أن تحدث عليه بعض الزلازل ويقع إلى الجنوب منه فالق أكفان المشابه له من حيث الحركة.