الثورة – دمشق – ميساء العلي:
ليس مجرد قطاع اقتصادي عادي إنه شريان الحياة لكثير من السوريين، نتحدث عن القطاع الزراعي الذي كان قبل العام ٢٠١١، يسهم بما نسبته ٢٠% من الناتج المحلي الإجمالي، مما يعكس الدور الكبير لهذا القطاع في دعم الاقتصاد الوطني.
– يوفر 30% من فرص العمل..
ناهيك عن أن القطاع الزراعي كان يوفر ٣٠% من فرص العمل لسكان الأرياف، مما يجعله من أكثر القطاعات المشغلة للعمالة، وهذه النسبة تعكس مدى اعتماد السوريين على الزراعة، ليس فقط كمصدر رزق لهم، كما تلعب دوراً في تحقيق الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي.
اليوم تواجه الزراعة تحديات كثيرة بعد الحرب تتراوح ما بين العوامل المناخية والاقتصادية.
– الدعم الزراعي لا يصل للمستحقين..
وهنا يقول أستاذ التحليل الاقتصادي بكلية الاقتصاد بجامعة دمشق الدكتور عابد فضلية لـ “الثورة”: إن الدولة تتكبد مبالغ ضخمة لدعم أهم مدخلات ومستلزمات الإنتاج الزراعي، إلا أن هذا الدعم لا يصل بكامله إلى القطاع الزراعي المستحق، ولا إلى المزارعين المستحقين، ويستفيد بجزء كبير منه مَن لا يستحق، ولا يُعطي النتائج الاقتصادية والاجتماعية بالمستوى المالي المادي الذي تتكلف به الدولة.
ويتابع فضلية أنه من حيث المبدأ، نرى أن يستمر الدعم الزراعي، ونرى بالوقت ذاته أن يتغير مطرح الدعم، وآليته بالنسبة لبعض المنتجات الهامة وبعض المحاصيل الإستراتيجية.
– التسويق..
ويقترح أستاذ التحليل الاقتصادي مجموعة من الأفكار لدعم قطاع الزراعة بحيث يكون دعم تسويق الحمضيات، بما في ذلك تصنيع الأنواع المناسبة منها العصائر والبندورة دعماً مؤقتاً، وعند الضرورة في حال وجود فائض إنتاج، وذلك من خلال شراء السورية للتجارة، ومعامل الدولة لجزء من هذا الفائض، وأن يكون سعر الشراء يوازي متوسط التكلفة نسبة مدروسة من الربح، عند استلام المحصول..
ويرى أن الغاية من عقلنة الدعم وترشيده تغيير مطرح دعم المحاصيل الإستراتيجية، بتحرير أسعار مدخلاتها ومستلزمات إنتاجها، ولاسيما القطن والقمح والشعير والذرة العلفية والشوندر السكري، لغاية تصنيعه في معامل السكر المحلية العامة والخاصة، وذلك برفعه على سبيل المثال عن المحروقات والكهرباء والبذار والشتول ورسوم السقاية، بحيث يكون سعر شراء المحاصيل تمييزياً بهامش حد أدنى وحد أعلى، بحسب النوعية وبحسب تكلفة الإنتاج عموماً وتكلفة الري وموقع الأرض بالنسبة وتواجد مستلزماتها وأسواق عرضها والخدمات العامة، والبنى التحتية الضرورية وتوفر طرق ووسائط الشحن والمواصلات على وجه الخصوص، وأن يتم دعم وتطوير عمل لجان شراء المنتجات الزراعية وعددها وعدد أعضائها والممثلين لها وفيها، ووضع آليات وتشريعات وإجراءات فعالة للإشراف عليها والرقابة على عملها إضافة إلى تطوير آلية جديدة سهلة وسريعة وشفافة لتسلم وتسليم المحاصيل وتسديد قيمها إلى منتجيها.
– خاضعاً لسعر السوق..
ويقترح فضلية التوقف عن دعم سعر تسلم البصل الأبيض والعنب والتفاح من قبل جهات ومعامل القطاع العام، وجعل شرائها خاضعاً لسعر السوق، وبالتالي لجدوى إنتاج البصل المجفف والعرق والخل، وفي حال عدم جدوى الإنتاج نقترح أن تقوم وزارة الصناعة بإعادة النظر باستمرارية المعامل التي تنتجها.
كما يرى ضرورة الاستمرار بكل الأحوال في دعم محصول وإنتاج محصول التبغ، شرط أن يكون سعر شرائه من المنتجين بناءً على مبدأ التكلفة مضاف إليها نسبة ربح مدروسة ومقبولة، ويمكن أن يتم تحديد نسبة الربح هذه، مسبقاً قبل بدء موسم زراعته استناداً إلى الحاجة الفعلية للمؤسسة العامة للتبغ إنتاجاً وتصديراً، وذلك لتخفيض كمية المستوردات والمهربات منه، ودعم الطاقة الإنتاجية وعدد مصانعه الحكومية والتطوير الفني لعملية التصنيع.
ويضع فضلية مجموعة مقترحات عامة بخصوص الدعم الزراعي منها: وضع خطة زمنية نوعية وكيفية تدريجية للتطبيق، هدفها إعادة النظر بالدعم الزراعي على أن لا تقل عن سبع سنوات، وبحيث يُعاد النظر ببنود هذا الدعم بحسب أهميتها الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية، وتغييره وتطوير آليته أو تغيير مطارحه بصورة زمنية – تدريجية، ومُعلنة مسبقاً مع الاستمرار بقوة، ولفترة زمنية متوسطة الأجل، بدعم الأسمدة والأعلاف، واللقاحات، لدعم الإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، وبجميع أنواعه، نظراً لأهمية هذا القطاع، وأولويته كونه قاطرة النمو للاقتصاد السوري، إضافةً إلى الصناعات التحويلية، ولاسيما منها التي تكون معظم وأهم مدخلاته هي من مخرجات القطاع الزراعي، وبالأخص تلك الصناعات التي تكون من منتجاتها مدخلاً للقطاع الزراعي.
ونوه أستاذ الاقتصاد والتحليل بأهمية التركيز أيضاً على الأنشطة الزراعية الصناعية، كالأنشطة المنتجة بجدوى وكفاءة للمخرجات التصديرية المصنعة ونصف المصنعة، إضافةً إلى ضرورة تشجيع الأنشطة المنتجة لبدائل المستوردات، وتعزيز دور الدولة والجامعات الحكومية والخاصة في مجال البحوث الزراعية والتأهيل والتدريب والتعليم الزراعي والمهني والحرفي مع التوسع الرشيد والمعقلن في منح القروض الزراعية في الأنشطة المنتجة الأهم، من خلال إعادة النظر بشروط وآلية هذا المنح، بحيث يكون مجزياً، وليس معقداً ولا مكلفاً، وبضمانات كافية ومضمونة.
وفي هذا الإطار يقول فضلية: إنه لابد من الإشارة إلى ضرورة معالجة الملف الضخم للقروض المتعثرة لدى المصرف الزراعي، الذي لا يتم الاهتمام به بالمستوى الكافي، وإعادة تنشيط مشاريع وجهود الإصلاح الزراعي، كذلك مشاريع تجميع مياه الأمطار والأنهار، بما فيها مشاريع ترميم وتمديد أقنية الري، وأيضاً كل أنشطة وجهود (الدعم الفني والإرشاد الزراعي إضافة إلى إعادة النظر بجميع إجراءات ومعاملات تصدير واستيراد السلع والمنتجات الزراعية الطازجة، والمواد الزراعية والصناعية الغذائية الأخرى، وقد يتطلب الأمر عقد اتفاقات وتفاهمات مع الدول المجاورة، وكذلك إعادة النظر ببدلات إيجار واستثمار، واستعمال أراضي وأملاك الدولة، الزراعية (وغير الزراعية) الموقعة قديماً، بحيث لا يتم رفعها المستويات التي تشكل عبئاً على المستفيدين، وبالوقت ذاته دون الاستمرار بتفويت مبالغ هائلة على إيرادات الميزانية العامة للدولة.
ويرى أهمية دراسة ملف مخالفات البناء في الأراضي والأملاك الزراعية الخاصة، ووضع تشريعات لترخيصها عندما تكون مستوفية للشروط الفنية للبناء، ولشروط وضوابط الملكية، وطالما أنها ستبقى موجودة ولن يتم هدمها أو إزالتها الأمر الذي يجعل ملكيتها شرعية، وستصبح مقبولة بتقديمها كضمانات للقروض وتعزيز قروض تمكين المرأة والأسر الريفية، وتوسيع شرائح المستفيدين من هذه القروض، إضافة إلى توفير خدمات ووحدات الإرشاد الزراعي والتأهيل الحرفي والمهني.