من أكبر الأخطاء والخطايا التي تمر بها دول العالم الثالث توهمها أنها قادرة على أن تكون دولاً صناعية وتغادر حالها الاجتماعي والاقتصادي الزراعي.
من حق أي دولة أو أمة أن تفعل ذلك ولكن السؤال المطروح : لو كنت قادراً على صناعة أعقد المعدات والآلات وأنت لا تملك رغيف خبزك ولا شربة مائك ولا يسمح لك أن تستوردها إلا على كرامتك ..ما نفع هذا كله ؟
أميركا بجبروتها لم تتخلّ عن الزراعة، بل تعمل على دعمها والعالم الذي يعرف معنى الأمن الغذائي يفعل ذلك.
وكنا نفعل نحن هذا عندما كنا نفكر بامننا الغذائي ..
أمس عند بائع الخضرة في حارتنا قلت: كيلو البندورة في قريتنا بـ١٠ آلاف ليرة سورية ..
ردت سيدة أظنها من دير الزور: ولماذا لا تزرعون الخضراوات ..؟
قلت لها : سؤال جميل ..وإليك جوابي: ما من أحد أحسن ذات يوم استثمار الأرض مهما كانت صغيرة ووعرة كما فعل أهل الريف ..
كل شبر تمت زراعته ..يوم كانت لدينا ثروة حيوانية “أبقار ودواب” تصل إلى الوديان ..
اليوم بارت الأرض ليس كسلاً إنما لعدم القدرة على الوصول إليها ..لا نزرع لأننا لا نجد قطرة ماء الشرب..لا نزرع لأن تكاليف الزراعة فوق طاقة أي بيت ..لانزرع لأننا لا نجد وسيلة نقل لأننا خارج كل اهتمام حكومي إلا في الإعلام..
نحن يا سيدتي من يزرع وينتج ولا يريد إلا توفير أدنى المقومات ..نحن في حالة تلاشٍ حقيقي …لا أحد يأبه للريف السوري أظن في كل بقاع سورية ريفاً الأمر هكذا ..
نريد أن نزرع وأن نأكل من إنتاجنا كفانا مولات ومسابح وفلل ومنتجعات نحب القمح ورغيف الخبز والتفاح والبندورة والبطاطا ولا يمنع اننا سنشرب (الكازوز) إن استطعنا إلى ذلك سبيلاً ..
نريد أرضنا، قمحنا، رغيف خبزنا، حبة زيتوننا، نريد طرقاً زراعية نريد مقومات الزراعة التي ترفع أسعارها الحكومة كل يوم .
نريد من يفعل على أرض الواقع لا تنظيراً على الإعلام وخطباً ببلاغة الأعمال.