“قناع بلون السماء”.. رواية الهوية التي كُتبت بين جدران زنازين الاحتلال

الثورة – رفاه الدروبي:
حازت رواية الأسير الفلسطيني باسم خندقجي، المحكوم بالمؤبَّد في سجون الاحتلال الإسرائيلي وعنوانها “قناع بلون السماء”، على جائزة الرواية العالمية للرواية العربية، لذا تناولها النقاد بالتحليل في ندوة انعقدت في ثقافي أبي رمانة، شارك فيها أبو علي حسن، والدكتوران حسن حميد وثائر عودة، والناقد أحمد هلال.
جدل الواقع الفلسطيني..
الأديب أبو علي حسن بيَّن أنَّ الرواية تبحث عن كنز الهوية، واستمرارية الوجود، تخترق القضبان إلى فضاء أوسع مغادرة عتمة السجون، إذ كُتبت بين جدران الزنازين الصهيونية، بقلم فلسطيني ورديّ الرؤيا، لم يزل يقبع في سجون الاحتلال أسيراً مثقفاً ممتلئ الوطنية، صاحب إدراكات فكرية وسياسية متميِّزة بعمق التحليل والرؤية، واسع الاطلاع. فلسطيني الهوية والموقف، مسَّه حبُّ الأرض، ومسَّته الأرض ببوحها السري، لا تثرثر بأسرارها إلا لمن ينجحون في مداعبتها بأناملهم الخبيرة، والدغدغة بالصبر والهدوء والعناد، كي ترتعش بالنهاية صارخة بأسرارها.
ذاك كان نور كاتب الرواية الأسير “باسم خندقجي”، الباحث عن الوجود والهوية عبر أسرار أرض يعشقها بما تخيفه من آثار وتاريخ، مطلقاً العنان لمشوار فلسطيني متخيل، لا ينفصل عن الواقع تجسيداً له يعانيه عبر حوار بين نور الفلسطيني المأسور بالتاريخ والآثار، باحثاً عن المسكوت عنه للوصول إلى الحقيقة المطلقة المطمورة بهدف إثبات الوجود، وبين مراد الأسير الفلسطيني الباحث عن تفاصيل الكولونيالية الصهيونية ومواجهتها لإثبات الهوية والوجود، للكشف عن سرديتهم، وتأكيد السردية الفلسطينية في الزمان والمكان أُريد لها أن تنزاح من التاريخ والحاضر. إنَّها رواية متخيلة في أحداث ومجريات وحوارات، لكنَّها جدل في الواقع الفلسطيني بمستوياته السياسية، الاجتماعية، الاقتصادية، التاريخية، الكفاحية، ورحلة بحث في فضاء معقَّد أدواتها تخيلية وفكرية على كلِّ المستويات عن حقيقة وطنية تاريخية أراد لها أن تختفي من التاريخ عبر مصادرة الأرض والتاريخ معاً.

الكتابة أسهل من القراءة..
ولفت الدكتور حسن حميد إلى أنَّ الظالمين يظنون أنَّ الرواية غايتها التجزئة، وتجميل الواقع المعاش المحاط به هموم ثقال عرَّشت فوقه أحلام أبت أن تصير واقعاً، لكنَّ كتابة الرواية أسهل من قراءتها، لأنَّ أشراكها وأفخاخها كثيرة، فالصورة العامة والقصد من الرؤية ليست واضحة، “فنور” ابن المخيم يدخل سرادب وهم بأنَّ الهوية الزرقاء قناعة المنجي له من الأسئلة الشيطانية، ويمكنَّه من افتكاك نفسه من عزلة كريهة لكنَّه في نهاية المطاف يخلِّصها منه لصالح روحه ويستعيدها إليه مرة أخرى رغم قراءته وقناعته بقوة الاحتلال إلا أنَّ حالة من قلق “أور” الإسرائيلي المقيم والأوروبي جاء ليكشف عن الآثار طلباً للأسانيد، والعلاقات والرسوم. وتشكِّل الرواية حيرةً وأسئلةً وغموضاً وارتباكاً، وتذكِّرنا بارتباك الحياة الفلسطينية منذ 100 سنة حتى اليوم بسبب كثرة المطروح، ويجعلها أكثر هدوءاً، وأقرب إلى العقلانية؛ لكنَّ الغطرسة والعنصرية ورائحة البارود تحول دون ذلك مثلما قلة الحيلة تحول دون تغيير الحال.
الرواية مغامرة..
كما رأى الأديب أحمد علي هلال أنَّ الرواية كناية عن مغامرة تدفع التجريب إلى آفاق منشودة، وفي استحقاق التجريب سوف يجلو وعي الروائي فهمه ومفهومه للفن، بوصفه استحقاقاً ناجزاً، وكيف إذا تعالق العمل بمنظومة فكرية وكفاحية بآن، سترتبط بقضية وموقف وبحث كحال رواية الأسير الفلسطيني باسم خندقجي “قناع بلون السماء”، وفي روايته المُركَّبة، القائمة على تعدُّد الأصوات والعبور من الحكاية الرئيس إلى المقولة الحاكمة للعنوان في احتمالاته وممكناته الدلالية الواسعة.
وتضافر العناصر الفنية لخطاب الرواية، ويمكن لها أن تؤدي غير وظيفة انتباهية للقارئ من الرسائل الصوتية إلى القناع، فالرسائل والمخاطبات ذلك التوازي ينجزه باسم خندقجي في روايته والموسوم بالتجريب العالي، من شأنه أن يسهم في خلق جدلية لتلقِّي الرواية وماهية القارئ، سواء أكان افتراضياً أم مثالياً أم عاماً، وربَّما كلّ ذلك في رواية تجهر بمتن صراع لكنَّها تضايفه بسعة من متخيل اللغة واستثمار خطاباتها الموازية على المستوى الجمالي والفكري وتلاحم الدلالة في نسيج روائي، ما يخلق الكثير من الأسئلة المنتجة للشكل المغاير، ويقوم على ثنائية الشبيه المختلف، والمخاتلة في جذب القارئ ليكون كل الشخصيات، وخلاصتها: أن الكاتب انصرف عن كل ما كان يجري في القدس من مواجهات، منتبهاً إلى لعنة العالم الكولونيالي بدلاً من البحث المضني في تاريخ المجدلية السري.
القناع هوية..

بدوره الدكتور ثائر عودة أشار إلى أنَّ رواية “قناع بلون السماء” تعني بطلا مشوه الملامح أراد ارتداء قناع مسخ، يعتبر هوية “أور” الصهيوني، وجدها نور الفلسطيني في جيب معطف قديم فيرتدي قناع الهوية الصهيونية الزرقاء، وتبدأ رحلة الرواية السردية للدلالة على إخفاء الهوية الحقيقية الفلسطينية، أما شخصية سما إسماعيل فتنكشف في الدلالة، وتصبح رمزاً للنجاة، والتجلي، وسقوط الأقنعة، ولا يمكن أن نعتبر الرواية من روايات أدب السجون لأنَّ صاحبها تحرر من عذابات السجن ويومياته ومن كلِّ ما يحيط به من حديد وعتمة ووحشة، خرج بعيداً عن جدران سجنه إلى فضاء فقد أسلاكه الشائكة، وكلّ أجهزة الإنذار المبكر، إذ بدأ الرواية بحوارات متفرقة بين القناع عرضها في 238 صفحةً.
تُشكِّل تقنية استفاد منها المؤلف في بناء رواية تحفل بالمعلومات الكثيرة عندما تكون خارج الاختصاص وربَّما اهتمام عدد من القراء، بأسلوب فني مبتكر ومغاير في تجريب صيغ سردية جديدة أنقذها من براثن الخروج عن الفن والمألوف في السرد، وحملها إلى آفاق مليئة بالإدهاش، ونسج حكاياته بصنارة الهوية تارة، والتاريخ في أخرى، والواقع الراهن في ثالثة، ثم جمع كل ما اصطاده ليصنع حصيرة يمدُّ عليها أدوات سرده، ويعرضها في وعيه مواكبة لبناء الرواية الحديثة، وأشكال التجديد الطارئة على سيرورتها كالأصوات المتعددة من راوٍ عليم إلى رواية تاريخ، وحبكة وسرد مشوّقين بلغة زاخرة بإشراقات جمالية وشاعرية، معتبراً العمل استوفى عناصر الرواية كلّها، وجعل القرَّاء في أيَّ بقعه من العالم يستمتع بتخيل عوالم العمل بكلِّ تفاصيله، ويثير لديه الكثير من التساؤلات الوجودية الأخلاقية الكبرى.

آخر الأخبار
خبير حقوقي لـ "الثورة": الاعلان الدستوري خطوة مهمة في هذه المرحلة  ألمانيا تتعهد بتقديم 300 مليون يورو مساعدات لسوريا الخارجية ترحب بمبادرة قطر: خطوة حاسمة لتلبية الاحتياجات الملحة للطاقة في سوريا الدكتور الشرع: تفعيل اختصاصات الصحة العامة والنظم الصحية للارتقاء بالقطاع وصول الغاز الطبيعي إلى محطة دير علي.. الوزير شقروق: المبادرة القطرية ستزيد ساعات التغذية الكهربائية مرحلة جديدة تقوم على القانون والمؤسسات.. الشرع يوقِّع مسودة الإعلان الدستوري ويشكل مجلساً للأمن القو... الرئيس الشرع يوقِّع مسودة الإعلان الدستوري تاريخ جديد لسوريا وفاتحة خير للشعب غياب ضوابط الأسعار بدرعا.. وتشكيلة سلعية كبيرة تقابل بضعف القدرة الشرائية ما بعد الاتفاق.. إعادة لهيكلة الاقتصاد نقطة تحول.. شرق الفرات قد يغير الاقتصاد السوري نجاح اتفاق دمج قوات سوريا الديمقراطية.. ماذا يعني اقتصادياً؟ موائد السوريين في أيام (المرق) "حرستا الخير".. مطبخ موحد وفرق تطوعية لتوزيع وجبات الإفطار انتهاء العملية العسكرية في الساحل ضد فلول النظام البائد..  ووزارة الدفاع تعلن خططها المستقبلية AP News : دول الجوار السوري تدعو إلى رفع العقوبات والمصالحة فيدان: محاولات لإخراج السياسة السورية عن مسارها عبر استفزاز متعمد  دول جوار سوريا تجتمع في عمان.. ما أهم الملفات الحاضرة؟ "مؤثر التطوعي".. 100 وجبة إفطار يومياً في قطنا الرئيس الشرع: لن يبقى سلاح منفلت والدولة ضامنة للسلم الأهلي الشيباني يؤكد بدء التخطيط للتخلص من بقايا "الكيميائي": تحقيق العدالة للضحايا