الثورة _ ميساء العجي:
مواقع التواصل الاجتماعي هي عالم افتراضي من العلاقات الاجتماعية فرض نفسه على نمط الحياة من حيث المصطلحات والضوابط والثقافة ما أثر على الترابط الأسري، فارتفعت نسبة الأشخاص الذين لا يقضون وقتاً مع عائلاتهم إلى النصف تقريباً بسبب انشغالهم بتلك المواقع، ولا ننكر هنا أن العالم تطور، وغدا الانفتاح والتميز هما ميزتا العصر الحديث، والتواصل والانفتاح يعدان من أهم ميزاته لذلك نجد أبناءه مشغولين ببناء علاقات وصداقات جديدة مع ناس جدد إضافة إلى القيام ببعض المسؤوليات والنشاطات الاجتماعية، ويعد التفاعل المباشر سمة يحتاجها معظم الناس منذ الطفولة وأثناء نموهم وتفاعلهم مع الآخرين، وهذا يكسبهم الفائدة والضرر معاً لكن الشخص نفسه يستطيع من خلالها تربيته وبتوجيه من أهله أن يبتعد عن الضرر، ويعتمد فقط على المفيد.ونجد معظم الشباب يقضون أوقاتاً طويلة أمام مواقع التواصل الاجتماعي من «فيس بوك وانستغرام، واتس أب وتويتر وغيرها»، وهذا بحد ذاته له أثر كبير على الصحة الجسدية والنفسية وهدر الوقت دون استثماره بشيء مفيد، ويسبب الوحدة والاكتئاب وعدم الثقة بالنفس.
اتساع الفجوة
الباحثة في العلوم الإنسانية والنفسية سهام الأحدب بينت لـ» الثورة» أن مواقع التواصل الاجتماعي أثرت سلباً على العلاقات الأسرية، وساعدت على اتساع الفجوة بين أفراد الأسرة، والتفكك الأسري، فأصبحت إدماناً للعديد من الفئات العمرية وبالطبع باتت تشكل خطراً على الأسرة العربية وعلاقاتها، وأصبح لها ضرر كبير على فئة الشباب التي تدمن عليها، والسبب في ذلك أن هذه المنصات تركز على الصورة التي تجذب اهتمامهم كما أنها تدفع للشعور بالقلق والوحدة لدى الشباب لأن الاستخدام المفرط لمواقع التواصل الاجتماعي له أثره السلبي على التفاعلات المباشرة بين الأشخاص وكذلك له أثره على العلاقات الاجتماعية الحقيقية إذا لم يخفف المراهقون من استخدام هذه المواقع لذلك من المهم معرفة مدى الضرر والآثار المحتملة من وسائل التواصل الاجتماعي على الشباب والمراهقين وتتبع صحتهم النفسية وتأثير استخدامهم لهذه الوسائل والبقاء متيقظين للسلوكيات الناتجة من الجلوس الطويل إليها للحد من خطر المشاكل الناجمة عن الاستعمال غير السليم لها.
البعد عن الواقع
وتبين الأحدب أن ازدواجية وتعدد أنظمة القيم التي يتعرض لها المراهق أو الشاب هو أمر له تبعاته، فالمراهقون لا يفرقون بين حياتهم في عالم الواقع وحياتهم الافتراضية على شبكة الإنترنت، ويخلطون بينهما بشكل يؤثر على حياتهم الواقعية سلباً،مضيفة أن كل إنسان هو لديه شغف كبير وفضول مرضي لمعرفة ما يحدث على مواقع التواصل الاجتماعي عشرات المرات في اليوم ولديهم رغبة قوية بمشاركة الكثير من تفاصيل حياتهم وعلاقاتهم من خلال حساباتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا ما يجعلهم معرضين لمخاطر مستقبلية واسعة.
حقيقة علمية
الأحدب تؤكد أنه ليست وسائل التواصل الاجتماعي كلها سيئة بشكل عام، فهي لها ميزات عديدة يبرز فيها الذكاء الكبير من حيث استقطابها لمستخدمين بفئات عمرية عديدة، ولها تأثير كبير عليهم بأشكال مختلفة تبعاً لظروفهم المسبقة وشخصيتهم لكن المقصود هنا أنه علينا توظيفها توظيفا إيجابياً واستثمارها واستخدامها لتكون أداة لتنمية المجتمع والرقي بأبنائه، ولا بد من إجراء الدراسات والخروج بنتائج تسهم للتصدي لنتائجها السلبية، فكل شخص يمكن أن يكون ضحية هذه الوسائل، وقد يكون غير قادر على مواجهتها بمفرده في حين يمكن من خلالها تحقيق فوائد عديدة إذا استخدمت بوعي واعتدال لأنه كلما ازدادت معدلات استخدام وسائل التواصل الاجتماعي الإلكتروني من قبل الشباب والمراهقين شكلت تهديداً حقيقياً للعالم الواقعي لهم، وأثرت سلباً على حياتهم وحالتهم النفسية وسلوكهم وعلاقاتهم بمن حولهم وعلى ذكائهم الاجتماعي، وبالتالي يتحول تعلقهم بهذه الوسائل والإفراط باستخدامها إلى إدمان سلبي يجعلهم معرضين لمخاطر واسعة من الناحية النفسية والصحية، وتزيد من الاكتئاب والقلق والعدوانية، وقد يشعرون بفراغ داخلي كبير لذلك لا بد من الاهتمام والانتباه لهذا الموضوع جيداً كي لا يأتي يوم ولا نستطيع فيه أن نحررهم من هذه المواقع فتصبح خطراً حقيقياً عليهم.