كي تنجح الأمم المتحدة في فلسطين وتنتج رؤية

أ. د. جورج جبور:
كتبت قبل أيام مقالاً قصيراً عنوانه: “غوتيريش لكي يكون أميناً عاماً فعالاً ذا رؤية، عالجت في المقال مسألة ما اعتبره عدم نجاعة ما تقوم به الأمم المتحدة من إجراءات لوقف القتل في غزة والضفة.
ولأن الكلام عن الأمم المتحدة بالمجمل يبقى مغمضاً لا يعني أحداً بالتحديد فقد صغت الكلام لكي يفهم منه أنه موجه غلى غوتيريش، الأمين العام، هو الشخص الأعلى في العالم الذي يتشارك العالم كله في دفع راتبه، هو الأمم المتحدة في حركتها اليومية، قلت في المقال السابق أن عليه أن يبدي مزيداً من الفعالية، هو عمل على تنظيم فعالية نافعة في غزة، اقصد بها حملة التطعيم ضد الجدري، والحمد لله فقد نجح في أداء جيد. إلا أنه لم ينجح في وقف القتل الذي يمارسه الاحتلال.
ابتدأ بالقول المحق عن 7 تشرين أول حين وصف صائباً ما جرى في ذلك اليوم بأنه لم يأت من فراغ، لكنه لم يحشد القوة الكافية لإيقاف القتل الممنهج منذ 8 تشرين أول، قلت في المقال السابق أن المطلوب منه أن يكون فعالاً حقاً.

ونأتي اليوم إلى الصفة الثانية الأهم. عليه أن يكون ذا رؤية، كيف؟ اثنان من أسلافه كانا من ذوي الرؤية. معظمهم لم يكن كذلك مع الاحترام للجميع.
الأول همرشولد، حاول أن يقود الأمم المتحدة لتكون في حلف مع الدول الناشئة فدفع حياته ثمناً.
الثاني بطرس غالي، حاول أن يقود الأمم المتحدة لكي تقترب من دولة عالمية في عهد القطبية الأحادية، وعلى مسؤوليته الخاصة نشر تقريراً عن عدوان تل أبيب على مركز للأمم المتحدة في لبنان. دفع الثمن خسارته في ولاية ثانية متعارف عليها.
يواجه غوتيريش وضعاً غير مسبوق، ولم يكن أبداً مستبقاً حين بدأت عصبة الأمم بإقامة ما أصبح الآن الكيان الوحيد الممارس للاحتلال في العالم ألا وهو “إسرائيل”.
خلاصة الوضع غير المسبوق أن العنف الأقصى المتولد من صك الانتداب على فلسطين إنما أتى في عهده، أي بعد مائة عام وعام من إقرار صك الانتداب.
خاطبته جامعة دمشق  والرابطة السورية  للأمم المتحدة في تموز 2022. قالتا له: الوضع الراهن خطير متفجر. طلبتا منه أن يهتم بمائة عام من صك الانتداب. هو صك أنتج كائناً يلتهم القانون الدولي.
ذات يوم سوف يتوقف القتل. سوف يقول نتنياهو بأنه حقق معظم أهدافه. إلا أن من الثابت أن مستقبل الكيان المحتل عاظم من شأن سؤال المستقبل.*
زاد الشك بإمكان استمرار الكيان الاستيطاني القائم بالاحتلال. هنا يحسن أن يكون الأمين العام ذا رؤية. كيف؟
فلأكن صريحاً، منذ توسع 1967, وهو العام الذي فيه شعرت كمواطن سوري، شعرت بمسؤولية خاصة عن قضية فلسطين، آمنت بأن ما أطلق عليه بلفور اسم الوطن القومي إنما هو إلى زوال.
ولأكن صريحاً أيضاً ويبدو لي زوال الكيان الاستيطاني تطوراً طبيعياً إلى أبعد الحدود، وأعلم أن معارضي قناعتي كُثر.
ماذا عن الأمين العام؟ ماذا عليه ان يفعل لكي يُوصف بأنه ذو رؤية؟ عليه أن يفكر ، وحده أو معه بعض من يثق بهم ممن حوله من المفكرين، عليه أن يفكر بما سيكون عليه مستقبل “إسرائيل”, بما يمكن أن يساعد على وقف القتل، بما “يفرض” على من هم في العالم، أو على الأقل في مكان معين، هو فلسطين، يفرض عليهم الالتزام المطلق المخلص بالكلمات الأولى من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.. “يولد الناس أحراراً متساوين”.
* دمشق 4 أيلول 2024.*
* رئيس الرابطة العربية للقانون الدولي ومؤسس الرابطة السورية للأمم المتحدة ورئيسها لمدة 18 عاماً ومستشار رئاسي سابق وخبير مستقل لدى مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة.

آخر الأخبار
تصدير 600 ألف برميل من النفط السوري يعزز الحضور في الأسواق العالمية وزير الاقتصاد في لقاء حواري: تعزيز الإنتاج وخلق فرص العمل في سوريا دعم الابتكار والشباب.. جولة اطلاعية لوزير الاقتصاد في معرض دمشق الدولي خطة لترميم مدارس درعا تأهيل شوارع بصرى الشام لتعزيز العلاقات.. إيطاليا تعيد افتتاح قسم التعاون في سفارتها بدمشق 200 خط هاتفي  بانتظار التجهيزات في مقسم السليمانية تقديرات بإنتاج 33 ألف طن رمان في درعا سوريا تعرب عن تضامنها مع أفغانستان وتعزِّي بضحايا الزلزال  مستشفى التوليد والأطفال في اللاذقية.. خطط طموحة لتعزيز جودة الخدمات الطبية رغم خطورته أثناء الحرائق.. الصنوبر الثمري يتصدر الواجهة في مشاتل طرطوس الحراجية المواصلات الطرقية في اللاذقية ترصد المحاور المتضررة تمهيداً لإصلاحها هل يتحول معرض دمشق  إلى منصة رقمية متكاملة؟ لجنة وطنية للنهوض بالمنظومة الإحصائية وبناء نموذج للاقتصاد الكلي وزير المالية : الحرب على الفقر أولوية وطنية تحتاج تكامل الجهود معرفة مصير المفقودين والمغيبين.. حاجة وطنية لتثبيت دعائم السلم الأهلي "صواريخ العقل للبرمجيات" الأردنية.. خطوة أولى نحو دعم التقنيات في سوريا مظاهرات حاشدة في أوروبا: أوقفوا الإبادة الجماعية بغزة وأدخلوا المساعدات الإنسانية سرافيس النقل الخارجي بحلب.. تعدد العملات يسهم باستغلال المواطنين الليرة تتراجع والذهب يحلِّق