الثورة – ترجمة ميساء وسوف:
في الساعات الأولى من صباح الأحد 15 أيلول، اخترق صاروخ باليستي يمني فائق السرعة الأجواء، وضرب قلب “تل أبيب”.
وقالت حركة أنصار الله في بيان لها إن الهجوم الأخير الذي شنته القوات اليمنية “نفذ بصاروخ باليستي جديد تفوق سرعته سرعة الصوت خلال 11 دقيقة ونصف، وتسبب في حالة من الخوف والهلع في صفوف الصهاينة”.
وتأتي الضربة الصاروخية على خلفية التهديدات الإسرائيلية المتزايدة بشن عمل عسكري ضد المقاومة في لبنان، فضلاً عن رفض رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قبول وقف إطلاق النار في غزة.
لقد كانت العملية الصاروخية الجريئة التي شنتها اليمن يوم الأحد بمثابة رسالة واضحة مفادها أن لها أيضاً تأثيراً كبيراً في تشكيل مستقبل الصراع، متحدية توقعات “إسرائيل” وتغير الحسابات الاستراتيجية للاعبين الإقليميين.
وكان ذلك بمثابة تحذير لحكومة الاحتلال بـ”انتظار المزيد من الضربات والعمليات النوعية القادمة، وإننا على أعتاب الذكرى الأولى لعملية 7 تشرين الأول، بما في ذلك الرد على عدوانها الإجرامي على مدينة الحديدة”.
وهذه ليست المرة الأولى التي تستهدف فيها اليمن “تل أبيب” دعماً للمقاومة الفلسطينية، ففي تموز الماضي، وفي إطار “المرحلة الخامسة” من العمليات، شنت القوات المسلحة هجوماً بطائرة مسيرة بعيدة المدى أسفر عن مقتل شخص، مادفع الاحتلال إلى قصف المدينة الساحلية اليمنية.
لا يمكن المبالغة في أهمية هذه الضربة الصاروخية، فهي تمثل تصعيداً دراماتيكياً في القدرات العسكرية اليمنية واستعدادها لتحدي “إسرائيل” بشكل مباشر، كما تتماشى العملية مع التزام صنعاء بتعزيز القدرات العسكرية والتقنية للبلاد، مع التركيز على استخدام أسلحة جديدة عبر البر والبحر.
وفي مواجهة ضغوط هائلة، عقد نتنياهو جلسة حكومته الأسبوعية، حيث تعهد برد قوي على اليمن. وأعلن أن “إسرائيل” “ستفرض ثمناً باهظاً” على أي هجوم عليها، وأكد استعداد الاحتلال لمواجهة محور المقاومة.
وعكست تصريحات نتنياهو الشعور المتزايد بالقلق في “تل أبيب” مع إقراره بالتهديدات المتعددة التي تواجهها “إسرائيل”. ومع ذلك، فإن خطابه كشف عن إحباط أعمق، فعلى الرغم من الإجراءات العسكرية الإسرائيلية، بما في ذلك الهجوم على الحديدة، لم يتمكن نتنياهو من وقف التصعيد أو قمع تصميم اليمن.
كان قرار اليمن بإطلاق صاروخ فرط صوتي خطوة مدروسة، تحمل عدة رسائل مهمة على المستويين الإقليمي والدولي، وحقيقة أن صنعاء كانت مستعدة لاتخاذ هذه الخطوة تؤكد رفضها للردع بأي “انتقام” إسرائيلي أو أميركي أو بريطاني.
في الواقع، توضح هذه العملية التطور المستمر للقدرات العسكرية اليمنية، والتي أثبتت الآن قدرتها على الوصول إلى عمق الأراضي الإسرائيلية بدقة، وعلاوة على ذلك، فإن هذه الضربة الصاروخية هي شهادة على قدرة اليمن المتنامية على التغلب على أنظمة الدفاع المتطورة، وهو التطور الذي لم يمر دون أن يلاحظه أحد في واشنطن أو تل أبيب.
وتأتي الضربة الصاروخية أيضاً في وقت تواجه فيه اليمن ضغوطاً متجددة من واشنطن، بما في ذلك محاولات استخدام المساعدات الإنسانية كوسيلة ضغط.
وسعى المسؤولون الأمريكيون إلى استخدام المساعدات كورقة مساومة، على أمل إجبار القيادة اليمنية والمقاومة الفلسطينية على تقديم تنازلات، وهو الأمر الذي تعهدت القيادة اليمنية باستمرار بعدم حدوثه أبداً.
وعلى الصعيد الإقليمي، فإن توقيت الضربة جدير بالملاحظة بشكل خاص، فقد جاءت في ذروة التهديدات الإسرائيلية بشن عملية عسكرية واسعة النطاق ضد لبنان، ما يدل على أن اليمن مستعد للمشاركة الفعالة في أي صراع أوسع نطاقاً على جبهات متعددة.
وتسلط العملية الضوء أيضاً على التنسيق المتزايد بين القوى المتحالفة ضد “إسرائيل”، وإن استراتيجية نتنياهو المتمثلة في محاولة عزل كل جبهة والتعامل معها على حدة تتعرض للتقويض بسبب التضامن والتنسيق المتزايد بين خصومه.
ربما يُنظر إلى الضربة الصاروخية الأسرع من الصوت على “تل أبيب” باعتبارها نقطة تحول في الصراع المتصاعد بين “إسرائيل” واليمن، ما يزيد من التكاليف السياسية والأمنية لحكومة الاحتلال مع اقتراب الحرب على غزة من عامها الأول.
ومع استمرار تصاعد التوترات، بات من الواضح أن أي محاولة لإملاء قواعد الاشتباك في غرب آسيا سوف تُقابَل بمقاومة شرسة. وقد أثبتت اليمن أنها ليست لاعباً في هذا الصراع، ومن المرجح أن تتردد أصداء هذه الضربة في مختلف أنحاء المنطقة لأشهر، إن لم يكن لسنوات قادمة.
المصدر- ذا كريدل
التالي