في اليوم الدولي للسلام

بقلم المحفوظ بن بيه
قد يحقٌّ لصناع السلام في يومهم العالمي أن ينشدوا مع المتنبي: عيدٌ بأية حالٍ عُدتَّ يا عيدُ.. بما مضى أم بأمر منك تجديدُ.
يعود عيدُ السلام والعالم من حولنا على شفا جرف هاو يوشك أن ينزلق إلى أتون حرب عالمية لا تبقي ولا تذر، يعود عيد السلام والفضاء الإنساني مشبعٌ بخطابات الكراهية، وسفك الدماء في ربوع كثيرة مستمر بفعل السفهاء، من تجار الموت.
هل يعني هذا المشهد أن السلام فقد راهنيته، وفاعليّته، ذلك ما يبشر به أعداء الإنسانية ويتمنونه، والحق أنه لم يكن العالم يوماً أحوج إلى استثارة قيم السلام منه اليومَ، فالسلام كالصحة نِعَمٌ لا تقدّر حق قدَرها إلا عندما تفقد وتزول.
قبل عقد من الزمن، في يوم من أيام ربيع أبوظبي الجميل، اجتمعت نخبة من العلماء والفلاسفة وأرباب الثقافة في دار زايد، دار التسامح والأخوة الإنسانية، اجتمعوا من منطلق الوعي الصادق بالأوضاع المحزنة للعالم الإسلامي من حولهم، فالتكلفة البشرية والعمرانية لما كان يقع من حولهم لم يكن يجوز معها بحال أن يقف أيُّ عاقل متفرجا.
في ذلك اللقاء التأسيسي لمنتدى أبوظبي للسلم، استمع المشاركون لراعي المنتدى، وزير خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة، يحثّهم: “إنكم أيها العلماء تحملون أمانة التنوير والتبصير فديننا الإسلامي ما فتئ منذ نزوله وسيظلُّ ديناً نورانياً يدعو البشر إلى التبصُّر والتفكُّر والتعايش، ولذلك فإننا نقدر دوركم التاريخي في إخماد نيران الفتنة وتقريب وجهات النظر وإنارة العقول وتأليف القلوب على مبدأ السلم”.
كانت تلك الكلمات التوجيهية في ذلك المحفل التاريخي، تختطّ الطريق لرحلة حضارية جديدة، رحلة منتدى أبوظبي للسلم. نجاحات كثيرة تحقَّقَتْ، ومجالات عديدة أنجزت، أطلقت المشاريع البحثية للحفر في تراثنا الإسلامي والإنساني لإحياء قيم السلام الضامرة والكشف عن فقه المطمور، مبادرات ميدانية كثيرة للإصلاح والمصالحات رَأَتْ النُّور.
عقد مبارك من الزمان، كان كافياً لصياغة براديجم السلام، وإعادة مركزة قيمه، وتأثيث الساحة بمفاهيمه، فالسلام الذي ننشده لم يكن كلمة تلوكها الألسنة، ولا حالة عابرة تسكت فيها البنادق، بل هو ميلاد إنسان جديد، برؤية جديدة للعالم، على أساس قيم السلام، قيم الفضيلة، يعيد بناء ذاته وعلاقاته بجنسه وبالأمم الأخرى من المخلوقات بجنبه.
السلام الذي نسعى إليه هو الدعوة إلى إنشاء نموذج تنموي يوفّر الرّفاه والازدهار والاستقرار للجميع، عالم تكون فيه ثمرات العقول مبذولة لفائدة الجميع فلا يستأثر بها القوي أو يحتكرها الغني، عالم تتنافس فيه الأمم في الخير، وفق الرؤية التي عبر عنها رئيس الدولة الشيخ محمد بن زايد بقوله”ستظل سياسة دولة الإمارات داعمة للسلام والاستقرار في منطقتنا والعالم، وعونا للشقيق والصديق، وداعية إلى الحكمة والتعاون من أجل خير البشرية وتقدمها، وسنستمر في نهجنا الراسخ في تعزيز جسور الشراكة والحوار والعلاقات الفاعلة والمتوازنة القائمة على الثقة والمصداقية والاحترام المتبادل ومع دول العالم لتحقيق الاستقرار والازدهار للجميع”.
واليوم وبعد مضي عقد من الزمان، يجد مُحبُّو السلام أنفسهم في ظل تحديات السياق الراهن التي تمتحن متانة قيم السلام وصلابة ما شيدوه، من أواصر التّعاون والتضامن.
قناعتنا أنه مهما علت أصوات الكراهية والحرب، وخفتت أصوات السّلام أصوات العقل والدين والقيم، تحت وقع الأحداث المأساوية والصراعات الدموية، فإنه يظلّ متحتماً على محبي السلام أن لا يَيْأسوا بعضهم من بعض، ولا يفتروا من الدعوة إلى إحياء جذوة الضمير الإنساني المؤمن بغد أفضل، يسوده السلام والوئام.
* الأمين العام لمنتدى أبوظبي للسلم

آخر الأخبار
إعادة فتح موانئ القطاع الجنوبي موقع "أنتي وور": الهروب إلى الأمام.. حالة "إسرائيل" اليوم السوداني يعلن النتائج الأولية للتعداد العام للسكان في العراق المتحدث باسم الجنائية الدولية: ضرورة تعاون الدول الأعضاء بشأن اعتقال نتنياهو وغالانت 16 قتيلاً جراء الفيضانات والانهيارات الأرضية في سومطرة الأندونيسية الدفاعات الجوية الروسية تسقط 23 مسيرة أوكرانية خسائر كبيرة لكييف في خاركوف الأرصاد الجوية الصينية تصدر إنذاراً لمواجهة العواصف الثلجية النيجر تطلب رسمياً من الاتحاد الأوروبي تغيير سفيره لديها جرائم الكيان الإسرائيلي والعدالة الدولية مصادرة ١٠٠٠ دراجة نارية.. والجمارك تنفي تسليم قطع ناقصة للمصالح عليها إعادة هيكلة وصيغ تمويلية جديدة.. لجنة لمتابعة الحلول لتمويل المشروعات متناهية الصِغَر والصغيرة العقاد لـ"الثورة": تحسن في عبور المنتجات السورية عبر معبر نصيب إلى دول الخليج وزير السياحة من اللاذقية: معالجة المشاريع المتعثرة والتوسع بالسياحة الشعبية وزارة الثقافة تطلق احتفالية " الثقافة رسالة حياة" "لأجل دمشق نتحاور".. المشاركون: الاستمرار بمصور "ايكو شار" يفقد دمشق حيويتها واستدامتها 10 أيام لتأهيل قوس باب شرقي في دمشق القديمة قبل الأعياد غياب البيانات يهدد مستقبل المشاريع الصغيرة في سورية للمرة الأولى.. الدين الحكومي الأمريكي يصل إلى مستوى قياسي جديد إعلام العدو: نتنياهو مسؤول عن إحباط اتفاقات تبادل الأسرى