هل لثقافتنا العربية مسارها الخاص…؟
وهل تمر فعلياً من داخل مجتمعاتنا لتصنع تكويناتها الفلسفية ببصمة خاصة…؟
وهل يمكنها أن تتوازى مع تلك الحالات الالكترونية التي تضخ بكثافة منقطعة النظير…؟
لعل التساؤل الأخير هو عمق المشكلة، حيث بات الوعي الجمعي يأخذ أساسياته من عوالم التكنولوجيا بصرف النظر عن ضحالة ما يطرح في ظلّ غياب لفضاء مواز يمكن للفلاسفة والمفكرين طرح ما يشكل الوعي اللازم لبناء المجتمع.
مجتمع لا يعيش تعارضاً بين القيم والواقع الأمر الذي يشجع المثقف المنعزل على تجاوز انعزاليته للبحث في حوارية عقلانية تدعم كلّ ما من شأنه أن ينقلنا إلى ثقافة تعددية، تركز على الجوهري والمبدئي حتى لا نصبح مجتمعات منزوعة الهوية يسهل عليهم اختراق وعينا الالكتروني الذي صنع بدهاء مرعب.
إن المسار الخاص الذي نطمح أن ترتقي إليه ثقافتنا العربية قوي بذاته لا يخشى الآخر ولا يقصيه بل يجابهه بأدوات قوية تتحدث من خلال محليتها لتعبّر أولاً عن داخلها ومن ثم تحاور ثقافات أخرى يمكن لها أن تلتقي معها.
يمكننا بكلّ تأكيد الالتقاء مع ثقافة أميركا اللاتينية وأدبها الذي يفيض إنسانية، ومع الثقافة الهندية، ومع الثقافة الصينية التي باتت بدمجها بين التقني والفكري مثالاً هاماً يعنينا للاطلاع على عوالمه الفكرية.
عمق هذه الثقافات حين نتمكن من الاقتراب منه بجدية ،لا شك أنه يحمينا من هذا الوعي الالكتروني الذي يصرون على إحاطتنا به، وعي يمتلئ بمشاهد وفيديوهات لا معنى لها مجرد ثرثرة الكترونية هدفها تجميد العقل والفكر وتمزيق الوجدان وحثّه على اللا قيم.