الثورة- غصون سليمان:
مع أطفاله الصغار من أبناء الطبقة العاملة يرسم بريشته الدافئة حروف اللغة العربية، وكأنه يحكي حكاية ما قبل النوم، ليطمئن على نفوس الصغار وهي ترنو إليه باهتمام وحنان، فحركة اليد وإيقاع الصوت لها تأثيرها حين تكون الطفولة مختلفة الأعمار للمرحلة الابتدائية.
الخطاط محمد غسان منصور الذي اعتاد الحضور خلال النادي الصيفي الذي يقيمه اتحاد عمال دمشق كل عام في شهر آب في معهد الأنشطة النقابية بدمشق، ليعلم أبناء هذه الشريحة بالدرجة الأولى كيفية إتقان الخط، حيث يعتبر الخط هوية البلد واللغة العربية لغة أصيلة، وبالتالي يجب أن يكون الخط أصيلاً يعكس جمالية اللغة.
كيف لنا إتقان الخط..
أول شيء برأي منصور هو وجود الموهبة، إضافة إلى الشغف والحب لهذا العمل، وفي المقدمة تعلم الحروف بأنواعها.
فخط الرقعة هو الخط الكتابي الذي يعتبر من الخطوط السهلة، ويفترض على جميع الطلبة تعلمه لتحسين شكل الكتابة، كون حروفه مبسطة وصغيرة أي قصيرة، ولا يعتمد على التشكيل إلا الحروف التي تحتاج إظهار التشكيل عليها مثل حرف الألف.
توجيه الموهبة
وعن كيفية توجيه مواهب الأطفال لإتقان الخط لمن يريد ويرغب، يؤكد الخطاط منصور على وجوب أن يكون في منهاج المدارس حصة لتعليم الخط ولو ساعة في الأسبوع لمرحلة التعليم الأساسي، كما هي حصة الرسم والأشغال اليدوية والرياضة بهدف تنمية الموهبة وتعزيز الرغبة لديهم خطوة بخطوة، أي على الأقل تعليمهم الخط الجميل.
ولعل أسهل طريق هو تعليمهم الخط الرقعي «خط الكتابة»، وكيف تكتب على سبيل المثال لا الحصر الألف والياء والتاء، وبالتالي متى أتقن الطالب هذه القواعد نبدأ بتعليم الخط الثاني وهو خط النسخ المرافق لخط الرقعة، وفي حال أتقن الطالب الخطين معاً فهو أمر رائع.
أما كيف استهوى الخط مزاجه، فذكر الخطاط منصور أنه حين كان يسير في الشوارع كان يشاهد الخطاطين ويراقبهم كيف يرسمون الحروف ويكتبون الأسماء على اللافتات لفنانين ومطربين، أو لوحات للمطاعم أو للترويج السياحي، وحين عودته للمنزل يقوم بنقل ما شاهده، وتلبية لرغبته اشترى كتاباً للخطاط المشهور محمد هاشم البغدادي، فقد أتقن منصور كيفية كتابة الحروف بدافع ذاتي ودون إجراء أي دورات، لطالما دافعه هو الشغف والحب لتعلم الخط.
وفيما إذا كان الشخص الهاوي بحاجة إلى أدوات، يبين منصور أن الخط يحتاج أدوات ويمكن أن يكتب بالقصبة مع الحبر الصيني، علماً أنه يوجد أقلام بأحجام مختلفة تناسب جميع الأعمار يمكن اعتمادها.
أما السؤال عن خصوصية الحبر الصيني، في هذا الجانب كان جواب الخطاط منصور بأن استخدام الحبر الصيني يعطي جمالية رائعة لناحية الشفافية والانسيابية والحرفية مع القصبة.
الخطاط منصور الذي يرافق الأطفال في النادي الصيفي أكثر من خمسة عشرعاماً، حتى بعض الأساتذة اليوم كانوا من طلابه، لذلك نجده اليوم أكثر قدرة على تقييم الأطفال وخلق مهارات تواصل لإتقان الخط، مع تأكيده على مدى تأثير شخصية المعلم والمعلمة في نفوس الأبناء من خلال إتقان شرح وإعطاء مفردات اللغة العربية بجماليتها وفصاحتها بعيداً عن أي التباس في كتابة الحروف، كأن يستبدل على سبيل المثال لا الحصر حرف السين بالصاد، مثل كلمة مستوصف أو سقوط، أو طقس وكذلك كتابة الهمزات على السطر والواو وغيرها.
العربية أجمل اللغات
ولأن الخط كان متقن فإن اللغة العربية من وجهة نظره هي من أجمل لغات العالم بمفرداتها وبلاغتها، ولطالما هي لغتنا الأم، لغة التراث والهوية يجب أن ندافع عنها بتعليم الأجيال فنون الخط.
ومن أنواع الخطوط ومسمياتها ذكر الخطاط منصور أن هناك الخط الديواني والفارسي، والشكستي وهو فرع من الخط الفارسي، أيضاً هناك الخط الكوفي وله أنواع تسمى بالخط الفاطمي والخط الكوفي المملوكي، الكوفي الأندلسي، خط الإجازة، الخط الريحاني، خط الثلث وهو الخط الأساسي لمن يتقنه، وخط الثلث المحقق، الخط الحر.
ومن خلال ما تقدم يبقى الأساس هو خط الرقعة الواجب أن يتعلمه الطلبة لسهولته، في حين خط النسخ يعتمد على التشكيل والطالب ليس لديه الوقت الكافي للقيام بهذه المهمة في كل الأوقات.
بطاقة تعريف
الخطاط محمد غسان منصور خريج كلية الاقتصاد والتجارة جامعة دمشق ١٩٨٠، عمل رئيساً لدائرة الحسابات في الشركة العامة للطرق والجسور.. وشغل رئيس مكتب نقابة عمال البناء والأخشاب في اتحاد عمال دمشق من عام ٢٠٠٧-٢٠١٤.. كما عمل بالرقابة والتفتيش في إحدى الإدارات العامة.
الخطاط منصور متفرغاً اليوم لهوايته بعد تقاعده.