الشاعر محمود رضا حامد شاعر الشتات الفلسطيني

الملحق الثقافي- كمال الحصان:
هكذا خلت نفسي وأنا أحلق محمولاً على عبق قصيدة الشاعر محمود رضا حامد المنشورة في مجلة الطلائع – العدد 1541 – تحت عنوان «غداً تلقاني بيسان»، فصرت أسأل نفسي، أي أجنحة شوق مزركشة ووثيرة هذه التي صنعها لنا هذا الشاعر الساحر…؟ وكيف استطاع في لمح البصر أن «يسري» بنا نهاراً وكأنه البراق، من دمشق إلى بيسان الجميلة الغافية في حضن فلسطين، وهو يقول: وطني عبرت ولم يجل في خاطري أني أراك حقيقة وتراني أتساءل بحق، ماذا يريد المبدع، وقد انتهى لتوه من إفراغ عبقريته في قصيدة اكتمل بنيانها وتناغمت أفكارها، متربعة على عرش الفرادة والتميز والألق ماذا يبقى له غير أن يرى قصيدته هذه، تأخذ مكانها في عقول القراء ومشاعرهم وقلوبهم، حيث أراد لها أن تكون، وعندها فقط يرضى الشاعر تمام الرضا، وينال جائزته وفائزته… لأن الفكر الخلاق، لا قيمة له إذا بقي حبيس مبدعه….. فلا خير في إبداع لا ينتفع به، كما لا خير في علم لا ينتفع به، والإبداع الحقيقي في الشعر، هو الفكرة الصائبة، في الصورة المعبرة، التي تنفذ إلى الصدور والعقول معاً، ولا أخال هذا في شيء غير الصورة الشعرية التي يبدو ان شاعرنا، قد أخذ بزمامها أيما مأخذ ….
لا رف شالك كيف
ينأى دربنا عنا،
وتختصر السلام يداني
واستسلمت لنعاسها أجفاني
نعم، الإطراء جميل، والمديح مليح، ولكنه عندما يكون أيضاً قولة حق من أجل الحق، فإنه يغدو مباركة الروح للروح، وتحية الإنسان للمبدع للإنسان، وربما نيابة عن الرحمن، إذا جاز التعبير، ومعك يا شاعر الشتات الفلسطيني، ليس ما يأخذنا إلى غير ذلك، وأعترف أن هذا الكلام ليس سوى تعبير عن لحظات انفعال وتفاعل وتناغم مع الحان وللحظة صمت اليمام بثغرها عبقرتيك الشعرية، آخذاً على نفسي أنني تأخرت في التعرف إليها …. قصيدتك يا شاعر الشتات عندما تلقاني بيسان»، وهي نموذج لشعرك الوطني والقومي الجميل فيها من الإدهاش والسحر والنشوة، ما يأخذ بالألباب ويثير الإعجاب، لأنها تحمل من الصور الأسطورية والموسيقا الحالمة ما يكاد يكفي لتلحين عشرات السيمفونيات، وقبل كل هذا وبعده، فيها هذا الفيض من الحنين والشوق والإصرار والإيمان الذي يعبر عن الملامح النفسية للإنسان العربي الفلسطيني المقهور، في مرحلة ما بعد النكبة، أقصد الفلسطيني المنتظر عند أطراف المخيم مردداً صباح مساء: يا أمنا انتظري أمام الباب إنا عائدون»، هذه هي صورة ما شاهدته في قصيدة محمود رضا حامد، القصيدة التي كانت بالفعل «إلبوماً من الصور ثلاثية الأبعاد لبيسان وحيفا ويافا وصفد والقدس، وكل بيت في فلسطين، صوراً معطرة برائحة الزعتر، ومزينة بثمر البرتقال المعلق على غصن يميل كلما هبت ريح الشمال، فتهب من التاريخ انتصارات، وتبوح حنجرة الشادي بألف أوف وألف موال …. أعترف بأن هذه القصيدة الجميلة، كادت تحولني إلى طائر يحلق فوق «الفالوجة،» فشعرت وأنا أقرؤها بأني قد صبوت حتى رق عذب بياني»، وأحبيت فلسطين حتى شف ما بي من هوى» ولكن القصيدة قالت لي أحببت فلسطين مرة وكفاني،
ثم ردتني القصيدة
اتحب … !؟ قلت لمرة وكفاني
أحببت حتى شف ما بي من هوى
ضاقت بنزوة موجها شطاني
وصبوت حتى رق عذب بياني
بعد أول بيت في القصيدة وجدت نفسي، وبلا موعد، ملقى على بلاط الأميرة العربية الكنعانية «بيسان»، في يميني طائر الفينيق، وفي شمالي حلم العودة، أعانق جارة الشرفات كطير حط ونام باطمئنان ….
كم هو جميل ذلك الشعر الذي لا تستطيع فيه أن تميز بين ضفيرة
حبيبتك والوطن …..
«غداً تلقاني بيسان»، ذكرتني ببحور الغربة والحنين في شعر المهجر وبالوجد والمجد في شعر الأندلس، لأصل إلى القول، بأن محمود رضا حامد هو شاعر الشتات الفلسطيني المعاصر، والذي اعتبره شاعر المدرسة الثالثة بعد المدرستين السابقتين، في مجال شعر الحنين وشوق العودة للوطن، والمدرستان هما: مدرسة الشعر المهجري ومدرسة الشعر الأندلسي. اهتف برجاء وعتب لاتحاد الكتاب العرب، واتحاد الكتاب الفلسطينيين، للأخذ بيد هذا المستوى الراقي من الشاعرية والفكر بكل عمق وجدية، هل علي أن أسأل هل هناك من يقرأ شعراً هذه الأيام؟ وهل هناك من يلتقط ويقدر مثل هذا الشعر الراقي الشعر العالي»، في ركام الشعر الهابط» الذي علينا أولاً، أن نكف عن تسميته شعراً، وهل العيب في قلة الجيد من الشعر.
أم في قلة الجيد من القراء المتذوقين للشعر الجيد…؟ من موقعي كقارئ ومولع بكل ما هو جميل، في صناعة الأدب والشعر، أمد لك يدي يا شاعر الشتات الفلسطيني، مكرما متواضعاً، أيها الشاعر المتواضع خلقاً، والمحلق موهبة، فهل تقبل …؟
ستون عاماً والأماني خطوة
بيني وبينك والغياب ثوان
                            

العدد 1208 – 8 – 10 -2024   

آخر الأخبار
مجلس تنسيق أعلى سوري – أردني..الشيباني: علاقاتنا تبشر بالازدهار .. الصفدي: نتشاطر التحديات والفرص  مشروع استجرار مياه الفرات إلى حسياء الصناعية للواجهة مجدداً  شحنة أدوية ومستلزمات طبية من "سانت يجيديو" السورية للتجارة تتريث في استثمار صالاتها  أسعار السيارات تتهاوى.. 80 بالمئة نسبة انخفاضها في اللاذقية .. د. ديروان لـ"الثورة": انعكاس لتحرير ا... الفواكه الصيفية ..مذاق لذيذ بسعر غال..خبير لـ"الثورة": تصديرها يؤثر على أسعارها والتكاليف غالية   لقاح الحجاج متوفر في صحة درعا  إصلاح خط الكهرباء الواصل بين محطتي الشيخ مسكين – الكسوة تطوير المهارات للتعامل مع الناجين من الاحتجاز القسري  تحديات صحية في ظل أزمات المياه والصرف الصحي.. "الصحة " الترصد الروتيني ونظام الإنذار المبكر لم يسجل... مدير تربية اللاذقية: أجواء امتحانية هادئة "فجر الحرية".. 70عملاً فنياً لطلاب الفنون بدرعا مبادرة أهلية بحماة لترميم مدرسة عبد العال السلوم سوريا وبريطانيا تبحثان تعزيز الشراكة لدعم الاستقرار التعليمي استعراض واقع الأحياء المتضررة في حمص وإعادة تأهيلها ليس مثل قبله وفرة بالغاز وإرهاق بالسعر ... مدير عمليات الغاز لـ"الثورة": توزيع 100 ألف أسطوانة يومياً ما فائدة تق... "روبرت فورد" يُثير الجدل: ماذا قال فعلاً في محاضرته عن "الشرع"..؟ الجوز "أوكتان" 25  مدير صحة حماة ل " الثورة " :  خدمات طبية أكثر كفاءة