الثورة _ رنا بدري سلوم:
تابعت الأمّهات على وسائل التواصل الاجتماعي لقطات من معرض الكتاب المقام حالياً في مكتبة الأسد تحت عنوان «نقرأ لنرتقي»، ولفت نظرهن إصدارات ومنشورات الطفل وانخفاض أسعارها، وهو ما دفعهن ليذهبهن إلى المعرض وشراء الكتب، كما بيّنت الكثير من الأمّهات اللواتي صادفناهن في معرض الكتاب السوريّ.
في حين تقف القدرة الشرائيّة المانع الأقوى لدى الكثير من القرّاء في اقتناء الكتب المعروضة والتي تفتح شهيّتهم على القراءة، وهو عكس ما لاحظناه في جناح الهيّئة العامة السّوريّة للكتاب والتي خفّضت سعر قصص الطفولة في عمر مبكر إلى ألف ليرة وإلى خمسمئة للرسومات، ومن بين الكثير من الزوّار، التقينا الدكتورة ريمة الخاني تنتقي مجلة «الحياة المسرحيّة» بألفي وخمسمئة ليرة سوريّة،
وفي حديثنا معها بيّنت دكتورة علم النفس الخاني أن القراءة لصيقة بالإنسانيّة ولا يمكن أن تتجزأ لذلك «نقرأ لنرتقي»، لتلتقي مجموعة أفكار تتقابل وتتناقح بل وتختلف لخلق تفكير إبداعي، مؤكّدة أنّ الاطّلاع والقراءة هما العلم الحقيقي الذي يجب أن نعزّزه في مجتمعنا قائلة: نحن ككوادر تعليميّة نسعى إلى تعريف الطلاب بالبحوث الصادرة في الإصدارات الثقافيّة للولوج في ضوء ما تقدّمه هذه الأبحاث من معلومات علميّة وثقافيّة قيّمة وغنيّة.
القضيّة أولاً
لم تغب القضيّة الفلسطينيّة عن المشهد الثقافي يوماً، بل حجزت لنفسها مكاناً في معرض الكتاب، كما بيّنت أمينة مكتبة مؤسّسة القدس الدوليّة لواديسي أن المؤسسة تُعنى بالتوثيق العلّمي لتكون مصدراً أساسيّاً لكل باحث ومهتم بالشّأن المقدسي والفلسطيني، وأشارت إلى أن المكتبة تضم أبحاثاً ودراسات متعلّقة بالقضيّة الفلسطينيّة وكتباً متنوعة بين التاريخي والسياسيّ والأدبيّ والشعري إضافة إلى أرشيف مؤسّسة القدس الغنيّ والمتخصّص بفلسطين، إضافة إلى انتقاء مقالات من إعداد «مجلة زهرة المدائن»، مشيرة إلى بعض العناوين اللافتة والمشاركة في المعرض ومنها «الصهيونيّة وخيوط العنكبوت- حروف من حقد- خنساوات فلسطين- عندما تنثر الدمشقيّات الحياة- أكذوبة أرض إسرائيل- كتب حروف من حقد- والذي يسلّط الضّوء على المناهج الدراسيّة للكيان الصهيوني، إضافة إلى كتاب: شعب بلا أرض- الطريق إلى القدس وغيرها من الكتب التي توثّق الحاضر والماضي وتستقرئ المستقبل في القضية الفلسطينيّة.
وثيقة وطن
تسعة كتب تتصدّر جناح «وثيقة وطن» في معرض الكتاب، تقول نور المسؤولة عن الجناح إن المؤسسة معرفيّة غير حكوميّة غير ربحيّة وذات نفع تعنى بالتأريخ الشفوي والتوثيق وإدارة المعرفة، وتعمل وفق منهجيّات بحثيّة وعلميّة على بناء بنك المعلومات كمصدر للمعلومات لتوثيق التأريخ المعاصر ولاستشراف مستقبل التطوير والتنمية في سورية.
أما عن العناوين المشاركة في المعرض فهي عبارة عن كتب تحكي عن سير شخصيّات مؤثّرة وسير شهداء الوطن والفائزين في جائزة «هذه حكايتي» والقصص التي نالت تقدير اللجنة القارئة.
بينما كان للفكر العسكريّ والاستراتيجي أيضاً مكانة مهمة في المعرض، بحسب ابتسام حلا مسؤولة جناح «دار طلاس» التي أسست عام 1983، في تصريحها «للثورة» بيّنت أنهم شاركوا بأربعمئة عنوان، وما طبعته الدار خلال عام 2000 وما بعده، وعن العناوين فهي متنوّعة بين الاستراتيجي والعسكري والديني ومذكّرات الروايات، والآثار، تتراوح بين القديم والحديث، وأشارت إلى تكاليف الطباعة وتراجع سوقها وخاصة بعد جائحة كورونا، وهو ما ينعكس على سعر الكتاب الذي يبدأ من خمسة آلاف إلى مئتيّ ألف وخاصة المجلّدات الكبيرة التي تتألف من ثمانية كتب مجموعة، وقد قدّمت الدار في المعرض حسومات تصل إلى عشرين بالمئة.
لتحفيز القراءة
كيف لنا أن نجذب الطفل إلى اقتناء كتاب إذا لم يكن هناك مكتبة منزليّة ذات رفوف صغيرة تحفّزه على انتقائه؟، بهذا التساؤل بدأت الشّاعرة والمعلّمة ثناء يوسف العلي حديثها معنا، حين تجوّلنا في المعرض، تقول ألاحق بشغف العناوين التي تؤثّر بي كقارئة متخصّصة في عالم الطفل، وقد لامستُ التنّوع الواضح في المعرض والانطباع الإيجابيّ الذي تركه القائمون على المعرض في ذواتنا، ونحن أمّة تقرأ وعليّنا تحفيز الأهالي لشراء الكتب ووضعها في رفوف صغيرة لتشجيع الطفل على اقتناء المجلات والقصص الملونة فيها، من أجل خلق مكونات الإبداع والتميّز في الأجيال القادمة، ويبقى الكتاب الورقي خير جليس، رغم تحوّل عالمنا إلى أرقام، ودوّرنا يأتي في تنمية الذائقة الفكريّة عند الطفل.
تشاركها الرأي مسؤولة جناح الربيع للأطفال التي تعنى بكل ما يخص الطفل منذ مراحله الأولى وتعليمه بطريقة جذّابة، وهنا دور الأهل في انتقاء الكتب التي تحوي ألعاباً فكرية تفتح مخيلته، وتنمي حواسه وتنشط مداركه نحو عالم أجمل.
هدايا لابد منها
للوهلة الأولى ظننتُ أنّ الزوّار يريدون أن يتصوّروا «السلفي» أمام أجنحة المعرض ويخرجون من دون شراء الكتب، لكن خاب ظنّي فمنهم من عمل كمراسل لأصدقائه لاقتناء الكتب التي يصوّرها ويرسلها إليّهم.. الشاب فايز من هؤلاء الذين يترددون إلى المعرض يومياً ونلقاهم محملين بالكتب إما للأهل وإما هدايا لأبناء الأصدقاء والأقارب.