الثورة – دمشق – تحقيق علا محمد:
مع تزايد اهتمام المجتمع بالصحة والجمال، أصبح دور الصيادلة لا يقتصر على تقديم الأدوية فحسب، بل يمتد أيضاً ليشمل تطوير وتوزيع مستحضرات التجميل والعناية بالبشرة.
ومع ميل العديد من الصيادلة إلى التخصص في هذا المجال أصبحت لديهم القدرة على تقديم مشورة علمية مبنية على المعرفة الطبية، ما يساعد المستهلكين على اتخاذ قرارات مستنيرة.
فالصيدلي بصفته خبيراً في تكوين وتركيب المواد الفعالة يمثل حلقة الوصل بين المستهلك والمنتجات التجميلية الأكثر أماناً وفعالية، فأثر الصيدلي في إقناع المستهلك باستخدام مستحضرات معينة ليس مجرد تأثير مادي بل هو جزء من عملية بناءة تعزز الأمان وتؤكد الفعالية.
هذا التداخل بين عالم الصيدلة ومجال التجميل تشرف عليه نقابة الصيادلة كجهة فاعلة تساهم بشكل كبير في تطوير وتنظيم العلاقة بينهما، كما تلعب دوراً محورياً في تعزيز المعرفة والمهارات اللازمة للصيادلة لتحقيق أفضل النتائج في هذا المجال.
عضو نقابة صيادلة سورية المركزية الدكتور فادي فارس لفت لـ”الثورة” إلى أن النقابة تعمل على إقامة دورات تدريبية للصيادلة في مجال صناعة الكريمات والمراهم التجميلية والدوائية، وهذه الدورات تكون أحياناً “أون لاين” مجانية ليتسنى لجميع الصيادلة الاستفادة منها، كما تهتم النقابة بإقامة هذه الفعاليات والمؤتمرات الخاصة بالتجميل في كل المحافظات.
المؤتمر الصيدلاني التجميلي
وتحدث عن أهم المحاور التي تضمنها المؤتمر الصيدلاني التجميلي الذي أقيم مؤخراً في دمشق، والذي دار حول أحدث الطرق في معالجة الشيخوخة والطرق الحديثة في التصنيع، وأيضاً جلسات عملية لحقن البوتوكس بطرق صحيحة وبأيد خبيرة مختصة، مع مناقشة حالات تسبب الحقن بالبوتوكس فيها بأذية للمرضى المعالجين عند أناس غير مختصين، كما تطرق المؤتمر لدور الذكاء الصنعي في مستحضرات التجميل وتبيان أهمية الطب البديل والمستحضرات الطبيعية المستخدمة في طب التجميل.
وأكد أن هذه المحاضرات العلمية ساهمت في رفع مستوى الخبرات العلمية للصيادلة في مجال صناعة التجميل والعناية بالبشرة والشعر والعناية الصحية ومعالجة عدد من الأمراض والمشكلات التجميلية.
ضمن المناهج
وأشار الدكتور فارس إلى أن جميع مناهج كليات الصيدلة من صيدلانيات وتكنولوجيا صيدلانية تعلم الطلاب صناعة المستحضرات التجميلية سواء أكانت دوائية أم تجميلية من كريمات ومراهم وأشكال صيدلانية أخرى، كما أن نقابة الصيادلة تشجع الصيادلة على العمل في مجال التجميل وصناعته كونهم مؤهلين لذلك ومن صلب مهنتهم وتشجع على زيادة فرص العمل لديهم في هذا المجال.
بدوره أمين سر نقابة صيادلة سورية الدكتور طلال عجلاني أكد أن المنتجات التجميلية لبعض الصيدلانيات يجب أن تكون مرخصة، وفي حال ورود أي شكوى تتابع عن طريق لجان ٢٩/ت الموجودة في كل مديريات الصحة بكل المحافظات والتي تضم مندوباً من نقابة الصيادلة ومديرية الصحة حيث تقوم بسحب المنتج ودراسة جودته والتأكد من ترخيصه وإجراء اللازم في حال وجود مخالفة بالمعايير الصحية، مبيناً أنه يتم دائماً تجديد التشريعات لتكون جميع أنواع المنتجات التجميلية مرخصة عن طريق وزارة الصحة وقدر الإمكان تكون قيد المراقبة لما تسببه هذه المنتجات من تحسسات أو أمراض جلدية.
طور الإنشاء
ونوه الدكتور عجلاني إلى وجود اتجاهات بحثية حديثة في ظل ظهور الأشكال البحثية النانوية الجديدة، وبناء على ذلك تتم المساعدة والمشاركة في الأبحاث مع الجامعات الخاصة والعامة، وخاصة أنهم في طور إنشاء معمل للمعقمات والمطهرات، والاستعداد عند جهوزيته لتطوير قسم المنتجات التجميلية وقسم الأدوات ما يساعد على تنفيذ الأعمال البحثية ضمن المخابر التي ستكون جاهزة ضمن المعمل التجميلي، إضافة للمساهمة في تطوير أي منتجات إن كانت تجميلية أو دوائية.
الثقة وضمان الجودة
مدير شركة للصناعة الطبية التجميلية- الصيدلانية عبادة حنوف بينت أن المعامل التجميلية عندما تؤسس بكوادر صيدلانية متخصصة، وعلى دراية بأهمية التأسيس الصحيح، حسب قواعد الجودة وبشروط وزارية تضمن سلامة وعقامة المنتجات، فإن المستهلك سيضمن أن ما يستعمله مصنوع بخبراتٍ وجودة عالية، لأن الصيدلاني يعرف كيف يتعامل مع الصناعة بطريقة صحيحة تعقيمية مراقبة، وكيف يحافظ على تخزين المواد الأولية والمنتج النهائي، كما أنه على دراية باختبارات المنتجات كي تكون مناسبة كفحص PH واللزوجة والامتصاص والثبات ما يعطي جودة للمنتج تنافس المنتج العالمي.
تأثير السوشال ميديا
وتتابع الصيدلانية حنوف: درج في الآونة الأخيرة تأثر المستهلك بالسوشال ميديا وكلام العوام أو البلوغرات عن مستحضرات التجميل، وهذا يشكل خطورة على المستهلك لأن لكل حالة معينة استطباب ولكل بشرة مستحضر يناسبها، لذلك الطبيب والصيدلي هم المخولون حصراً بإعطاء النصائح والوصف حسب مقتضيات الحالة، أي أن بوصلة المستحضرات واختلاطاتها يجب أن تكون بأياد مختصة.
الفرق بين العلاجي والتجميلي
وأوضحت أن هناك فرقاً بين المنتجات العلاجية والتجميلية، فالمعقم وكريمات الأكزيما وحب الشباب ومحاليل التأليل والقلاع هي مستحضرات علاجية بحتة، أما المستحضرات التجميلية فهي واسعة جداً كالشامبوهات والكريمات المغذية المفتحة والسيرومات، وهذه تناسب حالات مختلفة والصيدلي على دراية بتركيباتها فيميز بينها بسهولة.
واستبشرت الصيدلانية حنوف من الاختصاصات المطورة التي تدرّس الآن في كليات الصيدلة المختصة بصناعة المستحضرات التجميلية كافة، بما فيها كريمات الأساس والمسكرة واللاينر والتنت وبهذا تكون المستحضرات مدروسة ومحمية ومناسبة.
دور الصيدلاني المؤثر
الصيدلاني حارث القداح أوضح أن دور الصيدلاني يختلف حسب الحالة، فيختلف الوضع بين مريض بحاجة لدواء معين بسبب معاناة صحية محددة وبين حالات OTC أي الحالات التي لا تحتاج إلى وصفة طبيب، ففي الحالة الثانية يتسع المجال أمام الصيدلي للنصح بالدواء الذي يراه مناسباً حسب خبرته العلمية وعرض الخيارات أمام المريض.
أما فيما يخص العناية والتجميل فإن المجال أوسع أمام الصيدلي بعرض المنتجات التجميلية، وخاصة بعد زيادة اهتمام المستهلك بهذه المستحضرات وبالمتممات الغذائية بسبب الانفتاح الكبير على السوشال ميديا الذي غزا العالم، فالكثير من المرضى يترددون إلى الصيدلية مع صور لمنتجات تجميلية مسحوبة من الانترنت، يقوم الصيدلاني باستبدالها بمستحضرات ذات الفعالية نفسها وبتكلفة أقل عن طريق الترويج المتقن والمقنع، ومن خلال العروض التي تتيح للمستهلك شراء منتج والآخر مجاناً.
الطلب حسب المنطقة
يقول الصيدلاني قداح: يكثر الطلب على المنتجات التجميلية المطبقة يدوياً في المناطق الشعبية أكثر من غيرها، حيث تنتشر حالات التصبغ بسبب التعرض لأشعة الشمس، ما دفعني لتطبيق كريم متعدد الاستطبابات يحتوي مكونات فعالة وآمنة على البشرة للتفتيح والتغذية والمعالجة، ولاقت رواجاً كبيراً بسبب النتائج الجيدة والسريعة، فالمستهلك يفضل المنتج الأرخص بنتائج فعالة أكثر من البراندات، مبيناً أن خلطات التسمين والتنحيف والمصنعة بمكونات طبيعية فعالة مطلوبة كثيراً، فقد سبقت بفعاليتها الأدوية المستوردة غالية الثمن.
رؤى العلي- طالبة في كلية الصيدلة تحدثت عن تأثرها بحادثة صغيرة كانت قد أصابتها وهي بعمر أصغر، جعلتها تصمم على التخصص في التجميل في كلية الصيدلة، بدأ ذلك عندما أصابها نوع من حب الشباب ترك آثاراً مزعجة، وكانت قد ترددت لعدة أطباء واستعملت مراهم مختلفة لإزالة هذه الآثار ولكن من دون أي جدوى، إلى حين تعرفت على أحد الصيدلانيات التي تقوم بصنع كريم مرمم ومعالج للبشرة بمواد طبيعية وآمنة، ولم يبق سوى هذا الخيار أمامها وفعلاً كانت النتائج مبهرة على اختلاف كل المراهم غالية الثمن التي استعملتها سابقاً، وتقول: هذا التخصص سيساعدني على التوسع في مجالي المهني وتقديم خدمات عالية الجودة في مجال التجميل وإنشاء بروتوكولات للعناية بالبشرة والتعاون مع المتخصصين الآخرين في مجال التجميل.
إن تعزيز التعاون بين الصيدلة وعالم التجميل يمثل خطوة مهمة نحو توفير منتجات تعكس أعلى معايير الجودة والسلامة، وهي دعوة لكل المعنيين في هذا القطاع للالتزام بالجودة والابتكار لمصلحة المجتمع ورفاهية الأفراد.