الثورة – منال السماك:
منذ الصغر يبدي بعض الأطفال الكثير من المواهب الإبداعية والقدرات المميزة التي تولد معهم، وهؤلاء قلة نادرة، ولكن الغالبية العظمى من الأطفال يمكن تدريبهم وتنمية مهاراتهم في التفكير الإبداعي في سن مبكرة، لذلك يحرص الأهل على قراءة القصص وممارسة الألعاب التمثيلية والتخيلية ومكعبات البناء والرسم وغيرها من الألعاب المفيدة التي تنمي شخصية أطفالهم، وتحفز إبداعاتهم وتكشف مواهبهم، لتنمو في بيئة أسرية خصبة تقدم الرعاية والاهتمام والدعم، كي يكونوا مبدعين في الدراسة، وناجحين في الحياة الاجتماعية ومتميزين في مجالاتهم العملية عندما يكبرون.
تكتسب منذ الصغر
عن أهمية التفكير الإبداعي وكيفية تنميته تحدثت لـ «الثورة» الاختصاصية التربوية رؤى القاسم بالقول: يعد الإبداع مهارة مستقلة بحد ذاتها، يمكن إكسابها للطفل منذ الصغر، أو تنميتها عند امتلاكه لقدر منها، باعتبارها كغيرها من المهارات التي تتطلب تدريباً مستمراً وممارسة منتظمة، ويساعد ذلك في توسع مدارك الطفل وتعزيز قوة الخيال لديه، وبالتالي ينعكس ذلك على نمط تفكيره وطريقة تصرفه في الحياة فيما بعد، وللتفكير الإبداعي أهمية كبيرة عند الطفل، فهو من المهارات المساعدة على بناء شخصية قوية، ويسهم في مساعدته على إدارة حياته عندما يكبر، ومواجهة المواقف المختلفة بعقلية فطنة ومبتكرة.
بيئة اجتماعية داعمة
وأشارت القاسم إلى أن ملكة الإبداع وطاقات الخيال تتفتح عند الطفل، والتي ترسم ملامح مبكرة لتفكير إبداعي وشخصية مميزة، من خلال طبيعة التكوين الثقافي للمجتمع عبر أنشطة وأحداث يومية وأسلوب حياة، ومثيرات بصرية يتعرض لها الطفل ويتفاعل معها، إضافة إلى فرص التعلم والتدريب والتثقيف التي يعيش الطفل في إطارها.
لذلك على كل من يعمل في مجال تدريب طفل قبل المدرسة أن يدرك تماماً المراحل العمرية التي يمر بها الطفل على المستويات التنموية، فهناك أطفال في مستوى يفوق مستواهم العمري، وبعض الأطفال في مستوى أقل من مستواهم العمري، ويشير الكثير من الباحثين والمختصين التربويين في أبحاثهم إلى مدى تأثير العوامل الثقافية في نمو الأطفال، وفي استعدادهم للتفكير الإبداعي، كما تؤثر الثقافة في محتوى ومضمون التعبير الفني من خلال الموضوعات التي يتناولها الطفل والأشكال والرموز التعبيرية التي يستخدمها، ومن هنا فإن مختلف أشكال التعبير الفني سواء لدى الطفل أم الفنان مرتبطة بنتاج تأثيرات الثقافة وأساليب التنشئة الاجتماعية، والتي تلعب دوراً مهما في بنية الطفل السوي.
دور المعاملة الوالدية
ولفتت القاسم إلى أن معظم الدراسات النفسية التي أجريت في مجال العلاقة بين أساليب التنشئة الوالدية والإبداع، مؤكدة أن هناك علاقة ارتباط موجبة ومهمة بين المعاملة الوالدية السوية في التنشئة والتفكير الإبداعي لدى الأبناء، وبينت وجود علاقة ارتباطية سالبة دالة إحصائياً بين إبداع الأبناء واتجاهات المعاملة الوالدية غير السوية، والتي تتسم بالتسلط والنبذ والقسوة والسيطرة والإكراه، ما يمثل قوة ضاغطة على الأبناء، لا تشجعهم على التعبير عن طاقاتهم بقدر ما تغلق عليها المنافذ وتحاصرها، وبذلك يكون المستوى الثقافي للوالدين أولى لبنات بنية الطفل السوي، وتكتمل ملامح الطفولة بالوعي الخلاق من خلال خصوبة المناخ الأسري ووجود نماذج للقدوة والاهتمام، ما يكون له تأثير إيجابي على ازدهار مواهبهم.
أنشطة وألعاب هادفة
وأكدت القاسم أن التربية الفنية تعد إحدى وسائل اكتشاف نمط الطفل وتمييز شخصيته، ومن خلال هذا التعبير يتضح للباحثين نمط الطفل هل هو اجتماعي سوي أم انطوائي، ما يعد اكتشافاً لحالة الطفل، وذلك من خلال رسمه أفراد أسرته، فالمبالغات تحدد علاقة الطفل بوالديه، كما تفصح عن الأسلوب التربوي المتبع من قبل الأسرة معه، كما تعد أسلوباً علمياً للكشف عن الحالات المرضية وعلاجها، واكتشاف المواهب لتغذيتها وإثرائها.
وتشير القاسم إلى أهمية ممارسة بعض الأنشطة التي تسهم في تنمية التفكير الإبداعي عند الأطفال كقراءة القصص المشوقة لهم وتحفيزهم على ممارسة قراءة الروايات، والخروج برحلات إبداعية كالمتاحف والمعارض تعزز الإبداع وتقوي الترابط الأسرية، والحرص من قبل الأهل على إلحاق أطفالهم بدورات بعد الدوام المدرسي تنمي المواهب والهوايات النافعة، وممارسة الألعاب الإبداعية مع أطفالهم والتشجيع على ألعاب التركيب والبناء، وممارسة الرياضة وكل ما من شأنه أن يسهم في بناء شخصية طفل مبدع وناجح عندما يكبر.