الملحق الثقافي- آمنة بدر الدين الحلبي – جدة:
أدمنتُ حبَّ السجان..
كرهتُ هذه القضبان..
بل لعنتُ هذا التوحد..
في ظلٍّ عنكبوتي..
ملتفٌّ كشبكة النيران
أدمنتُ حبَّ السجان..
ونبشتُ قبور الموتى..
أبحثُ عن نهر النسيان..واللانسيان..
رائحةٌ عفنة..
فاحتْ..انتشرت..
ووردةٌ صاحتْ..
أنقذوني من حبِّ السجان…
اغتصبوني..ذبحوني..
صلبوني على جدار الزمان…
وردةٌ مذبوحة..
تمرّدتْ على شهوةِ العصيان…
أدمنتُ حبَّ السجان..
لأنَّ الليل من نوعٍ آخر..
لم آلفه بعد..
والكواكب في اتصالٍ غير مشروع..
كوكب الحب ثائر..
والزهرة وبلوتو..
على سطوة الطغيان…
أدمنتُ حبَّ السجان..
ولعنتُ هذا القران..
أُلفةٌ غريبة بين الحبِّ والإدمان..
قدرٌ محتوم على كلِّ الشواطئ..
والشوارع..
والأبنية المرصودة للتمرد..
وجسد الأزمنة المغتصبة..
مصلوبٌ على الأوثان..
أدمنتُ حبَّ السجان..
ونقشتُ قصيدتي المسجونة..
من حضارتي..
من أوديتي المليئة..
برائحة الغاردينيا..
والفل والاقحوان…
أدمنتُ حبَّ السجان..
بعد أن علمني التشرد..
في غربة صخرية..
أرضها رخوة..
جدرانها هشة..
أبحث عن وردة شامية..
ورائحة المطر المنسية..
وزهور الليلك..
والعراتلي..
وشجر الزيتون..
وزهر البرتقال..
وكل امرأة تفوحُ برائحة الأوطان…
أدمنتُ حبَّ السجان..
لأن حبه سكنَ..
في القطب الثلجي..
في درجة الصقيع اللامئوية..
من سالف العصر والأزمان…
أدمنتُ حبَّ السجان..
من غربتي..
من أغلالي..
من اشتياقي..
لحجارةٍ مليئة..
بالغضب وشقائق النعمان…
أدمنتُ حبَّ السجّان..
لأنه علمني..
كيف أحوكُ حبلَ المشنقة؟!
وأحفرُ على نصلةِ المقصلة..
هوية الإنسان…
أدمنتُ حبَّ السجّان..
ورسمتُ بدمه لوحة الحب..
ونقشتُ كل الفنون..
على شاهدة قبره..
لأن نحت الاسم..
غير مباح في نعوةِ الأحزان…
أدمنتُ حبَّ السجّان..
بعدَ أن سرقوا الحب..
واستباحوا الجسد..
وأجهضوا الطفلة..
باعوها في سوق النخاسة..
بأقل الأثمان…
أدمنتُ حبَّ السجّان..
ولعنتُ البيع والشراء..
ورائحةَ الحب والاحتضان..
من التماثيل المنسية..
والقبور المرمرية
وكل الأزقة..
وحاراتِ النسيان…
أدمنتُ حبَّ السجّان..
من الفضاء الكائن..
عند مغارة السجن..
لأدمنَ حبَّ الأرض..
وزهر الياسمين..
وأتمرد من خلف القضبان
العدد 1210 – 22 – 10 -2024