الثورة – ديب علي حسن:
ندرة اليازجي، واحد من أهم المفكرين العرب الذين استطاعوا أن يتركوا إرثاً فكرياً وفلسفياً لا تمحوه الأيام، قد ننساه حيناً من الزمن لكنه موجود يحفر مجراه عميقاً من خلال أصالته وقدرته على الفرز في هذا الطوفان من الغث.
منذ عقدين من الزمن كان لي شرف محاورته وسؤاله عن أثر التوراة في التحليل النفسي عند فرويد، ولاسيما الدافع الجنسي، فرحب بالسؤال ورآه سؤالاً مهماًـ ليقارن بعدها بين فرويد في دوافعه الغريزية وبين تلميذه أدلر الذي انشق عنه واتجه نحو الدوافع الروحانية.
اليوم نفتقد ندرة اليازجي في تحليل العدوانية الصهيونية المتوحشة.. لكنه ترك لنا الإجابة في كتاب مهم جداً صدر عن دار الفكر في دمشق حمل عنوان: دراسة نفسية للعقيدة اليهودية.
العنصرية اليهودية
يقول في الصفحة ٣٧ من الكتاب: أخلص إلى القول إن اليهودية أفرزت ذاتها عنصرا أو عرقاً وحده يستحق الحياة والسيطرة والمجد، وحرمت الأمم الأخرى من هذا الحق.
ولما كانت اليهودية هي الفئة التي سيطرت على أسباط بني إسرائيل العشرة، وأنهت علاقة هذا الشعب مع الله- أي إله جميع الناس، وأخضعته لعبادة يهوه، فإنها أصبحت سياسة فئة أو دولة تسعى إلى تطبيق ما رغب به أحبار اليهود، وما غرسوه في لا وعيهم الجمعي، بأنهم الفئة الخاصة التي تعبد الله وتحظى برعايته لهم، كما تحظى ببركة الوجود الأرضي والسماوي.
وهذا عائد برأيه إلى أن التوراة، الكتاب الذي دونه أحبار اليهود، وعلى رأسهم نحميا وعزرا هدفوا منه إلى تنفيذ سياسة السيطرة التي ترمي إلى ربطهم بسلاسل العرقية، وتتجه إلى السيطرة عليهم وتسويغ هذه السيطرة ما دامت مستمدة من إلاههم يهوه.
وأسقطوا روحهم العدوانية على الأمم والشعوب التي جردوها من نعمة الوجود وبركة العلاقة مع الله.. إذ جعلوا منهم كائنات مجردة من الروح.
ويضيف في الكتاب: وفي هذا السياق يقف الشعب اليهودي من الشعوب الأخرى موقفاً عدائياً أو موقفاً متصلباً، ويصعب عليه أن يدرك حقيقة أو واقع الدوافع اللاواعية التي تثيره أو يتخلى عنها أو يعدلها لمصلحة السلام العالمي.
لقد حمل اليهودي في لا وعيه إرهاصات وعقداً عديدة وسعى إلى إقحامها في لا وعي الأفراد والشعوب الأخرى، وتثبيتها في صميم عقائدها أو اتجاهاتها الفكرية، لتكون حقائق أو وقائع يقينية لا تقبل النقض أو الرفض، وهكذا أدخل اليهود في اللاوعي الجماعي المهيمن على عقول الأفراد والشعوب مفاهيم خاطئة صاغت تكوينهم النفسي وأفسدتهم بتحليلات سيكولوجية وتاريخية زائفة غرست في اللاوعي الجماعي للأفراد والشعوب، وسيطرت جزئياً أو كلياً على بنيتهم النفسية على نحو لاشعوري وتحكمت في سلوكهم العقائدي.
ويحاول الكاتب في هذه الدراسة التعرف إلى المفاهيم اليهودية الخاطئة التي شوهت الحقائق والوقائع النفسية والتاريخية والاجتماعية والعقائدية لخدمة العقيدة اليهودية العرقية والعنصرية.
يطرح السؤال: هل الصهيونية بنت اليهودية وكيف.. هذا لنا عودة إليه.