الملحق الثقافي- خالد عارف حاج عثمان:
كيف نعد خطابًا إبداعيًا وثقافيًا منتميًا وطنيًا وقومياً وذا هوية.. تعلي من شأن الوطن والإنسان؟…
إننا نعيش في فترة محمومة..مليئة بالأحداث السياسية والعسكرية الجسام المحدقة بنا وبهويتنا الجغرافية والتاريخية والمصيرية…الأحداث التي تهدد وجودنا كسوريين …وكأمة عربية كان لها تاريخها وكانت لها أمجادها وكانت لها رسالتها…هذا التاريخ وهذا المجد وهذه الرسالة لطالما تعرضت- ولاتزال – تتعرض إلى نسف وجودي وكينوني يهدف إلى تهميشها أممياً ودولياً ويجعلها تابعاً أو تابعة..منفعلة غير فاعلة..في الساحة الدولية..بل أكثر من ذلك ..تستهدف وجودها وكيانها الأمر الذي يتطلب منا وعياً وإدراكاً وخلقاً وإبداعاً وخطابًا ثقافياً يعلي من انتمائنا إلى أمتنا وعروبتنا وقوميتنا هدفه الإنسان وإنسانيته…
والمبدعون هم الطليعة الواعية التي تتحمل مثل هذا الخلق..وهذه المسؤولية…ولذلك تطرحه جريدة الثورة اليوم عبر ملحقها الثقافي الأسبوعي متسائلة عن الكيفية والاستراتيجية لتحقيق ذلك …
لنتابع آراء ووجهات نظر بعض من التقينا من المبدعين العرب في سورية وخارجها:
*- العلاقة الترابطية بين المقاومة والإنسانية..
الأستاذة سلمى وديع اسمندر..:
هنالك علاقة ترابطية بين المقاومة والإنسانية، حتى تسمو لوصف الإنسان عليك أن تتمسك بهويتك الوطنية، وذلك التمسك بذاته يجعل منك مقاوماً، فلا يمكنك أن تمتلك وطناً دون أن تتحلى بالانتماء له، وأن تقاوم بأقوى أسلحة العالم، وهي قلمك وفكرك الذي دائما مايسعى العدو لتدميره في مقدّمة أهدافه، فاحتلال البلاد يبدأ بسلب الشعوب هويتهم الوطنية والقومية، لأن تلك الهوية هي الحجر الأساس لبناء مقاومة قوية، وعندما يضعف ذلك الحجر، تنهار المقاومة وتنهار معها مكانة الإنسان.
هويتنا وثقافتنا وحتى- وجودنا- عرضة للخطر ..
الأديبة ملك حاج عبيد..روائية وقاصة….:
وكأن هناك مخططًا لمحو انتماءاتنا وفكرنا وإحلال العدمية واليأس بين شباننا فأصبح السفر هو أقصى الأمنيات هروبًا من واقع قاس يعيشونه ولا أمل لهم بتغييره.
نتلمس هذا المخطط في محاولة الإساءة لمعتقداتنا ورموزنا التاريخية والوطنية والقومية ونشر فكرة التشرذم والانتماءات الضيقة وقتل روح الإيجابية والمبادرة والتضيق على الناس وشغلهم بأمور حياتهم المعيشية لصرف اهتمامهم عن القضايا العامة كل هذا يولد إحباطًا ومحاولة هروب إلى بدائل كالرياضة وحضور الحفلات الغنائية و قضاء الوقت بلعب الورق أو الانشغال بالنت تعويضًا عن حرمانهم من الفاعلية في مجتمعهم..ويبقى السؤال الأهم كيف نقوي الانتماء الوطني والقومي؟.
لابد من رفع المستوى المعيشي للمواطن ببناء اقتصاد قوي قائم على تنشيط الزراعة والصناعة وتطبيق مبدأ تكافؤ الفرص فسح المجال لحرية الرأي من أجل استعادة الروح الوطنية والإحساس بأن حضن الوطن أدفأ من كل أحضان العالم، التركيز على العلم وتنشيط الأبحاث العلمية والمخترعات التي أثبت العرب – والسوريون خاصة – في بلاد الاغتراب أن لديهم إمكانيات كبيرة على العطاء وهذا ما لم توفره لهم بلادهم والتركيز على الروابط القومية التي تجمع العرب والتي نشهد محاولات حثيثة للقضاء عليها والتصدي لها يكون بتفعيل دور المفكرين والمثقفين وتشجيع الملتقيات القومية لتمتين العلاقات بين الدول العربية فلا كرامة للعرب إلا بوحدتهم واجتماعهم على رأي واحد على الأقل فيما يخص المواقف السياسية وحرب غزة أكبر دليل على تشرذم العرب وعدم فاعليتهم على مستوى العالم..
*- أخوة التراب..اتحدوا..
الشاعرة نهلة سلطان:
يا أبناء الأم الواحدة
يا أخوة التراب
يامنبع الأصالة والسمو
إليكم تنتمي الجذور
ومعكم تنبض العروق
ولا سبيل لقتل أمراض العدوان
سوى بالمحبة والوفاء والإخلاص بالعهد
الذي وقعته قلوبكم لبناء الأرض
وتعمير السلام ..
كونوا يدًا واحدة في وجه كل معتد
كي تبقى صفة الإنسان ولا تتحول إلى همجية…ولنغني معاً بصوت واحد ( بلاد العرب أوطاني )
*- ….ارتباط الرقعة الجغرافية بهوية الإنسان..
الأديبة..
أسماء الحاج مبارك: من تونس:
ترتبط الرقعة الجغرافية ارتباطًا وثيقاً بهوية الإنسان و يعد الاستقرار جملة من السلوك الإنساني حيث يخلد البصمة الحضارية و الإبداعية فتثمر نتاجًا لتفاعلات الإنسان و الوطن و بالتالي يتغلغل الحس العاطفي و يتجذر الوجدان في ثنايا الذات و هذا منبعه احتواء الوطن لكل أنماط التواصل بين الإنسان و ما يحيطه، هنا تلعب التفاعلات دورًا هامًا في نشأة روح الترابط و الارتباط بالوطن من خلال القيم الحميدة كإرث و موروث فاخر و مفخرة لتشكل الهوية الوطنية لتعزيز مكانة الإنسان لدوره الإبداعي الفعال لقهر الصعاب و كسر القيود لينعم على البسيطة بعيش كريم في ظل الأمن و الأمان إذ تستمر مقاومة الإنسان و
التصدي لكل ما هو مساس بعاداته و تقاليده و منظومته كي يحافظ على هويته ثقافيًا و وطنيًا أولاً و بذل الجهود للتنوير و التطور على مستوى القيم و الحضارة شريطة الحفاظ على تجذر الوطنية و القومية و بالتالي تعزيز مكانة الإنسان كمسار ديمقراطي يضمن حقوقه في ظل قانون سائد محكم يشمله الاحترام و الحوار و التسامح و العدل و نبذ العنف لتبقى القيم الركيزة الحاضنة لسلوك الفرد منارة الرقي و منبع الاستقرار.
*- الانتماء وتعزيز الشعور بالواجب.
الأديبة القاصة والروائية عفراء سلمان:
الانتماء يعزز الشعور بالواجب ويحث على المسؤولية، لكنه يحتاج إلى مقومات كثيرة أهمها الاكتفاء، و تأمين متطلبات الحياة، والحفاظ على الكرامة.
و لكن الآن في ظل ما يجري في فلسطين ولبنان وما حققته المقاومة العربية من إيلام للعدو، وانتصار شبه أكيد، فقد خلق فرصة لاستعادة الانتماء بالنهوض بفكرنا القومي والتعاون بين الحكومة والمواطن لاسترجاع الثقة فيما بينهما عن طريق تأمين الحاجات الضرورية للفرد، والعمل على إعادة اعتبار الدولة بقرارات تخدم المواطن وتحفزه ليتحمل مسؤولياته من خلال ما تقدمه له، فتحقق التعايش السلمي بتعزيز الروابط بين كل الأطياف، وبالتالي تهيئة بيئة مناسبة لخروجنا مما نحن فيه.
من الضروري العمل على أن يكون الانتماء لسورية ، كذلك لا بد من ترميم الإنسان الذي عانى ويعاني وذلك ببلسمة جراحه، بتوظيف المسؤول لخدمة المواطن، لا توظيفه لحل مشاكل الدولة ومشاكله الشخصية كمسؤول على حساب المواطن فذلك خطير لأنه ينفر المواطن ويجعله يفقد انتماءه.
العدد 1212 – 5 – 11 -2024