الثورة – دمشق – عادل عبد الله:
عضو اللجنة الوطنية للتحكم بالسرطان المهندسة رندة برهوم، تحدثت خلال انطلاق أعمال الورشة الوطنية للتخطيط الاستراتيجي لمواجهة السرطان في سورية، عن واقع التحكم بالسرطان في سورية وعبء السرطان الحالي، موضحة أنه الأمراض غير المعدية تسبب في عواقب صحية مدمرة للأفراد والأسر والمجتمعات المحلية، فضلاً عن العبء الكبير الذي تفرضه على النظم الصحية، وأن التكاليف الاجتماعية والاقتصادية المرتبطة بها تجعل من الوقاية منها ومكافحتها ضرورة أساسية، فقد قدرت التكلفة الاقتصادية العالمية للسرطانات من عام 2020 إلى عام 2050 بـ 25.2 تريليون دولار أمريكي.
وبينت أن السرطان عبء عالمي، وذلك حسب تقديرات الوكالة الدولية لأبحاث السرطان (LARC)، فإنه في عام 2022 كان هنالك ما يقدر بـ 20 مليون حالة سرطان جديدة و 7.9 ملايين حالة وفاة، أي حوالى 1 من كل 5 أشخاص يصابون بالسرطان في حياتهم، ويتوفى منهم حوالى: 1 من كل 9 رجال، و امرأة من كل 12 امرأة، مبينة أن سرطان الرئة هو الأكثر شيوعاً على مستوى العالم يليه في المرتبة الثانية سرطان الثدي لدى الإناث، أما بالنسبة للوفيات فكان سرطان الرئة السبب الرئيسي لوفيات السرطان.
20 مليون حالة عام 2020
وأوضحت المهندسة رنده أنه من المؤسف أن 70% من وفيات السرطان في العالم تصادف في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، وذلك لامتلاكها موارد محدودة للاستجابة للتحديات الهائلة التي يجلبها السرطان للأنظمة الصحية الوطنية، وبالتالي يفتقر المواطنون فيها إلى الوصول للخدمات الوقائية والتشخيصية والعلاجية بوقت مبكر، ولا يتلقون الدعم الكافي لتلبية احتياجاتهم النفسية والاجتماعية لعدم توافر الموارد المطلوبة.
وأشارت إلى أنه من المتوقع أن يصل عدد حالات السرطان الجديدة المستوى عالمياً إلى أكثر من 35 مليون حالة في عام 2050، مما يمثل زيادة بنسبة 77% عن التقديرات البالغة 20مليون حالة في عام 2022، وهذا يعكس عبء السرطان العالمي المتزايد بسرعة كل من شيخوخة السكان (ارتفاع معدل الحياة) ونموهم، فضلاً عن تعرض الناس لعوامل الخطر، الذي يرتبط العديد منها بعوامل اجتماعية، اقتصادية.
ونوهت بأنه يوجد 400 ألف حالة إصابة جديدة بين الأطفال سنوياً، أعمارهم أقل من 19 سنة، وأكثر أنواعه شيوعاً، سرطانات اللوكيميا، والدماغ، واللمفومات، والأورام الصلبة، ويشفى أقل من 30% من الأطفال المصابين في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، وتجدر الإشارة إلى أن أهم أسباب الوفيات بسرطان الأطفال في هذه البلدان تعود إلى الافتقار إلى التشخيص، أو التشخيص الخاطئ، أو التشخيص المتأخر، أو العقبات التي تحول دون الحصول إلى الرعاية، والتخلي عن العلاج.
تحدٍ وطني..
وأكدت عضو اللجنة الوطنية أن السرطان تحد وطني، مبينة أنه لم يكن سهلاً في بلد مثل سورية- بعد ما مرت به من أحداث صعبة خلال أكثر من عقد من الزمن- مواجهة هذا المستوى من المرض، ولاسيما بما يحتاجه من كوادر كطبية وفنية عالية الاحترافية، يجب تأمينها وتدريبها بأعلى المستويات على التقنيات المتطورة، أولاً للكشف عن السرطان، وثانياً علاجه، خاصة وأن الحرب تسببت في إضعاف البنى الأساسية في مختلف القطاعات وعلى رأسها القطاع الصحي، الذي يعتبر الأكثر حساسية وتأثراً في مثل هذه الظروف.. وبالتالي زادت التحديات والصعوبات وأصبحت مواجهة مرض السرطان تتطلب جهوداً مضاعفة للتقليل من نسب الإصابة والوفاة به.
وأوضحت أن مرض السرطان في سورية يعد مشكلة صحية كبرى، وهو ثالث سبب للوفاة حسب البيانات الصادرة عن وزارة الصحة، فسجلت حوالى 15.819 إصابة جديدة عام 2021، ولكن ووفقاً لتقديرات LARC GLOBOCAN 2020، من المتوقع أن يرتفع عبء السرطان في سورية ليصل إلى 38.600 حالة جديدة في عام 2030.
إحصائيات..
وسلطت الضوء على أن الإحصائيات تدل على أن إجمالي الإصابات الجديدة هي 15.819 حالة سرطان تم توثيقها بين سكان سورية في عام 2021، منها 14.765 حالة أصابت البالغين الذي تتراوح أعمارهم بين 20 عاماً فما فوق، في حين تم تشخيص 1.054 حالة لدى الأطفال الذي تبلغ أعمارهم 19 عاماً أو أقل.. أي 6% إصابات الأطفال بالسرطان من إجمالي الإصابات، و24% إصابات سرطان الثدي من إجمالي الإصابات.
ونوهت بأنه من خلال العدسة الإحصائية، فإننا لا ندرك الحجم الكمي للسرطان داخل مجتمنا فحسب، بل ندرك أيضاً الحاجة الملحة لمواصلة البحث وتحسين منهجيات الوقاية والكشف، وتقديم الرعاية الصحية بشكل عادل، وبينما نتنقل في تعقيدات علم وبائيات السرطان المفصلية، فإننا نؤكد التزامنا بمستقبل يتم فيه تخفيف عبء السرطان، والحفاظ على الحياة بكل حيويتها.
رؤية متكاملة
وعن واقع مواجهة السرطان في سورية، أوضحت المهندسة رنده أنه بالرغم من أن الظروف القاهرة تفرض أحياناً إجراءات إسعافية لكثير من القضايا، إلا أنها لا تشكل حلاً مستداماً أو شاملاً.. فالتحديات الوطنية لا تجابه بتدابير منفردة أو آنية أو ارتجالية، بل برؤية متكاملة تواجه المشكلة، تفند الواقع، ترصد الصعوبات والتحديات، تسبر الإمكانيات، ترسم الخطط، تضع الحلول، وتحدد الجهات الفاعلة والمعنية، لتتحول الرؤية على خطط إستراتيجية وطنية شاملة، أطلقتها وتشرف عليها السيدة الأولى أسماء الأسد منذ أكثر من عقدين لمواجهة مرض السرطان في سورية.. من خلال العمل الدؤوب والمستمر لتخفيف أعباء المرض على المواطنين، كشفاً وعلاجاً وتأهيلاً، ثم الاهتمام بشكل خاص بالأطفال المصابين بهذا المرض كونهم مستقبل البلاد وهدفها في النمو والتطور المستدام، فكانت مؤسسات المجتمع الأهلي لرعاية الأطفال المصابين بالسرطان، رعاية تشمل كل أوجه مواجهة المرض منذ الكشف عنه وصولاص إلى الشفاء منه.
منهجية تطوير الإستراتيجية
وأضافت أنه تعتبر منهجية تطوير الإستراتيجية الوطنية للتحكم بالسرطان 2025 – 2030 مزيجاً من طريقتي التخطيط: من القاعدة إلى القمة، ومن القمة إلى القاعدة، حيث على مدار سنتين، تم التشارك مع المستشفيات والمؤسسات المعنية في مجالات التحكم بالسرطان ليتم تقييم واقع السرطان في سورية وفقاً لتقييم 5imPACT review، وبناء على هذا الواقع، تم وضع الإطار الإستراتيجي للتحكم بالسرطان 2025- 2030 بما يشمله من رؤية، غاية، رسالة، هدف عام، قيم، محاور إستراتيجية، أهداف وأولويات إستراتيجية، وسيتم استخدام هذا الإطار لتقوم المؤسسات والمستشفيات المعنية بالتنفيذ على الأرض بتطوير خططها التنفيذية.